ليست مزحة
مدار الساعة - سواء سميتها رقائق البطاطس أو البطاطس الشيبس، ستظل ضمن أكثر الأطعمة الخفيفة شعبيةً في العالم. وإذا كنت تتساءل عن الحد الذي بلغته شعبيتها فأكمل قراءة التقرير لتعرف الإجابة.
قصة اختراع الشيبس (رقائق البطاطس)
قلة فقط هم من يعرفون قصة اختراع الشيبس الغريبة، إذ إن لها العديد من الروايات الشائعة.
تنص الحكاية المشهورة وراء اختراع رقائق الشيبس، وفقاً لما ذكره موقع mashed الأمريكي، أنه في عام 1853 بنيويورك، كان الشيف جورج كروم يُعد وجبة لرجل الأعمال الشهير كورنليوس فاندربلت، الذي رفض تناولها لأن البطاطس كانت سميكةً للغاية.
ولذلك قلى كروم بعض البطاطس شديدة الرقة وأعاد تقديمها لكورنليوس، فخرج معه اختراع ما يسمى الشيبس.
في حين يقول موقع JSTOR Daily الأمريكي إن تلك القصة قد تكون قصة رائعة، لكنها لا تمت للحقيقة بصلة.
ويبرهن الموقع صحة كلامه بأن رجل الأعمال فاندربلت لم يكن يعيش أساساً في الولايات المتحدة، خلال الوقت المفترض لحدوث الواقعة.
من أين أتت رقائق الشيبس إذاً؟
بينما ذاع صيت جورج كروم في أواخر القرن الـ19 بأنه أول من اخترع رقائق الشيبس سنجد أنّ الطبيب البريطاني ويليام كيتشنر ألف كتاب "عرّاف الطاهي The Cook's Oracle" في عام 1822
وقد صدر الكتاب في الولايات المتحدة عام 1829، وتضمن وصفة لـ"بطاطس مقطعة لشرائح رقيقة ومقلية".
ويفصل الكتاب الوصفة قائلاً إن البطاطس تُقشر، ثُم تُقطع لشرائح رقيقة كما لو أنك "تُقشر ليمونة"، وبعد ذلك تُقلى الشرائح "في السمن البقري". وما إن تصبح مقرمشة حتى تُترك لتبرد ويُرش عليها الملح.
من هو كيتشنر ذاك؟
كان كيتشنر طبيباً مُهتماً بإعداد الطعام وفقاً لمقدمة الكتاب، وقد لاحظ أن العديد من الناس يهتمون بطعام حيواناتهم أكثر من اهتمامهم بطعامهم الشخصي، ولهذا صاغ الكتاب حتى يُعلم الناس أصول التغذية اللائقة. وهنيئاً لك إذاً حين تتناول رقائق البطاطس، التي كانت طعاماً صحياً في العصر الفيكتوري.
لم تحصل رقائق البطاطس على براءة اختراع
صحيح أن جورج كروم لم يخترع رقائق البطاطس، لكنه يظل صاحب الفضل في إكسابها شهرتها، إذ كان أول من وضعها على خريطة الطهي على الوجه الذي كانت عليه، ووفقاً لمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، فقد كانت رقائق بطاطس كروم ذات شعبية هائلة وكان يطلق عليها اسم "رقائق ساراتوغا".
وحين افتتح كروم مطعمه الخاص Crumbs House، كانت سلة رقائق البطاطس التي يضعها على كل طاولة من الأشياء التي جعلته ذا شعبية كبيرة.
لماذا لم يتقدم جورج كروم بطلب براءة اختراع؟
ولعلك تظن أنه قام بشيء ما لاستثمار شعبية رقائق البطاطس، غير أن كروم لم يحاول حتى أن يحصل على براءة اختراع لما كان أبرز ابتكاراته على الإطلاق.
وذلك لأنه مهما بلغت عبقريته في الطهي، فلم يكن سيسمح له بالتقدم للحصول على براءة اختراع، إذ كان كروم ابناً لأب أسود وأم من السكان الأصليين لأمريكا.
تقول قناة Fox News الأمريكية إن كروم لم يكن مؤهلاً ببساطة للحصول على براءة اختراع؛ إذ كان ذلك من الحقوق التي لا يتمتع به أبناء الأقليات، ولذلك استُنسخت رقائق البطاطس وبيعت دون أن يتلقى كروم أي تقدير على الإطلاق.
رقائق ليز المنشطة جنسياً
تُعد ليز واحدة من أشهر علامات رقائق البطاطس في العالم، وقد بدأت شركتها من محل صغير افتتحه البائع هيرمان لاي لبيع الوجبات الخفيفة في ناشفيل بولاية تينيسي قبل أن يشتري شركة "باريت للأغذية" ومقرها في أتلانتا وأطلق عليها اسم (H.W. Lay Lingo & Company)، قبل أن يتم اختصار الاسم إلى Lay's Lay Lingo Company في العام 1944.
صحيح أنّ شركة ليز كانت واحدة من بين عدة شركات أخرى تنتج رقائق الشيبس، لكنها كانت متميزة بشيء عنها وهي أن هذه الرقائق التي تقوم ببيعها هي منشطة جنسياً، وفقاً لما ذكره موقع Snopes الأمريكي.
ويرجع الاعتقاد بقدرات البطاطس الغامضة والسحرية إلى زمنٍ بعيد، حيث يقول معهد Smithsonian إنه ظهر في أوروبا في القرن الـ18 على الأقل وحينها كان يُعتقد أن للبطاطس تأثيراً منشطاً جنسياً وأن لها القدرة على علاج الجذام، مما يُعتبر مزيجاً لا يُضاهى من القوى الخارقة.
كنت تباع في براميل وسلال وليس أكياساً
قد يبدو الأمر بديهياً اليوم؛ حيث تأتي رقائق البطاطس في أكياس لكن الناس ظلوا لعقود يأكلون رقائق البطاطس في سلال، أو براميل، أو علب.
وهو أمرٌ شاقٌّ على الجميع. ولم تُصبح إمكانية إنتاجها بكميات كبيرة ممكنة من الناحية التجارية إلا عندما طرحت لورا كلوف سكودر فكرة تعبئتها في أكياس.
وفقاً لموقع Chips & Crisps، فقد كان اهتمام لورا منصباً على حفظ طزاجة رقائق الشيبس، فألزمت موظفيها ببعض العمل الإضافي، وقدمت لهم فروخاً من الورق المكسي بالشمع، وطلبت منهم قضاء الأمسية في إغلاقه بالمكواة لتتخذ شكل أكياس يُعبئونها ويغلقونها في اليوم التالي.
الحرب العالمية الثانية زادت من شعبيتها
غيَّرت الحرب العالمية الثانية الكثير من الأشياء، ومن بينها رقائق البطاطس، فوفقاً لكتاب "الطعام والشراب في التاريخ الأمريكي Food and Drink in American History"، فقد اعتُبرت رقائق البطاطس "طعاماً غير أساسي"، مما يعني أن كل مُصنعي رقائق البطاطس كان عليهم أن يتوقفوا عن صُنعها حتى نهاية الحرب.
في ذلك الوقت كان هناك مُصنعون كُثر بما يكفي لتأسيس لوبي يضغط لتغيير التصنيف، وكان إخراجها من تلك الفئة واحداً من أفضل الأشياء التي يُمكن أن تحدث لصناعة رقائق البطاطس لعدة أسباب.
ففي البداية كان السكر مُقنناً، وكانت الأطعمة الحلوة المحببة غير متاحة دائماً، فتحول الناس إلى رقائق البطاطس لإشباع رغبتهم في الأطعمة الخفيفة، وارتفعت المبيعات على الجبهة الداخلية.
أما في الخارج، ووفقاً لصحيفة The Telegraph البريطانية، فقد كانت رقائق البطاطس مترسِّخة بالفعل في الثقافة البريطانية، وكانت سفن كاملة مشحونة برقائق الشيبس تخرج في رحلات مكوكية لإيصال بضاعتها المقرمشة لقوات الحلفاء حول العالم.
رقائق البطاطس مصممة بحيث لا تستطيع أن تكتفي منها بواحدةٍ فقط
كان هناك عدد كبير من الأطعمة الخفيفة التي سقطت نوعاً ما عن رادار العالم، فما الذي يمنح رقائق البطاطس عمرها الطويل؟
يوجد في الواقع قدر غريب من علم النفس وراء كل ذلك، ففي عام 2013، قدم الباحثون بعض النتائج في الاجتماع الوطني ومعرض الجمعية الكيميائية الأمريكية، وكانت الدراسة حول ظاهرة تسمى الجوع العاطفي، وهي في الأساس فكرة أن الناس يأكلون ليشعروا بالرضا، لا لأنهم بحاجة إلى ذلك في حقيقة الأمر.
وتُعتبر رقائق البطاطس تقريباً مثالاً نموذجياً لتلك الحالة؛ لأنها تحتوي على التركيبة المثالية من الدهون، والكربوهيدرات، وبعض المكونات الأخرى التي لا تزال غامضة، والتي تؤثر على مراكز المتعة في الدماغ.
تقول مجلة Psychology Today الأمريكية إن الصفة الإدمانية في رقائق البطاطس لها علاقة بما تحتويه من صوديوم.
وكما لو أن ذلك ليس كافياً، فقد وجد موقع Audio Burst أن تلك الأكياس المجعدة التي تأتي فيها رقائق البطاطس مُصممة بهذا الشكل لغرض ما..
الأمر كله يتعلق بإثارة تجربة حسية، وهذا يجعلنا في النهاية نأكل أكثر؛ لأننا نستمتع بالرقائق أكثر. والآن أصبحت تعرف كل شيء.
استهلاك خيالي في الولايات المتحدة الأمريكية
المواطن الأمريكي يستهلك في المتوسط نحو 1.8 كيلوغرام من رقائق الشيبس سنوياً وفقاً لجمعية مزارعي البطاطس في السهول الشمالية. وفي عام 2011، كان مجموع ما استهلكه الأمريكيون منها حوالي 680 مليون كيلوغرام.
يقول موقع Time Money الأمريكي إن يوم الأحد الذي تُلعب فيه مباراة السوبر بول لكرة القدم الأمريكية يشهد تناول نحو خمسة ملايين كيلوغرام من رقائق الشيبس.