برقيات سريعة لوزارات الثقافة والسياحة وهيئة الإعلام
خلال الأيام الماضية دار سجال بين صاحب مطعم في عمان وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حول قيام مطعمة بالسماح بعرض العمل المسرحي « ألاقي زيك فين يا علي»، فهم من النص أنه يحتوي على تطاول على تاريخ الاردن ومساس بشخصية الشهيد وصفي التل.
صاحب المطعم المعني؛ نفى أن تكون المسرحية قد تطرقت من قريب أو بعيد للإساءة للأردن أو أي من رموزه وبنفس الوقت قدمت الكاتبة والمخرجة اعتذاراً عن أي سوء فهم حدث أو تفسير مغلوط، وأكدت أنها وتلافيا لذلك قامت بإتلاف نسخ من كتاب المسرحية الذي تضمن رسالة تتحدث عن احداث مؤلمة عاشها الأردن قبل خمسين عاماً اتكأت فكرة المسرحية عليها.
لا نريد أن ندخل في أي حديث يمس بالنسيج الأردني ومن المهم أن يتوقف السجال هنا وأن تطوى الصفحة والاكتفاء بتوضيح صاحب المطعم واعتذار الكاتبة؛ ولكن ثمة أسئلة يجب أن توجه لجهات عديدة حول أهمية ضبط الأعمال الثقافية على اختلافها سواء كانت مسرحا أو حفلات غنائية أو ندوات أدبية، بحيث تكون خاضعة لرقابة لا تقيد حرية التفكير والابداع ولكنها تمنع أي توظيف يؤدي لفوضى غير مسؤولة وتحول دون تسيد الإسفاف والاعمال التي لا تحمل أي مضمون فكري أو فني يضيف أي قيمة للمشهد الثقافي في الأردن إلا اثارة النعرات وتغذية الامراض الاجتماعية.
وهنا من حقنا أن نسأل الجهات المعنية وهي متعددة، وأولها وزارة الثقافة ووزارة السياحة وهيئة الاعلام المرئي والمسموع؛ الى أي مدى يحق لصاحب مطعم بمعزل عن كونه كان سابقاً جزءا من الطبقة السياسة أن يتجاوز الأغراض المخصصة للمطاعم السياحية والموثقة في السجل التجاري وهي تقديم الطعام والشراب فقط وليس عرض المسرحيات والندوات والاعمال الفنية التي تتوافر لها أماكن مخصصة ومجهزة فنياً مثل المركز الثقافي الملكي ومركز الحسن الثقافي والعديد من المسارح المخصصة والمملوكة للقطاع الخاص وبما فيها دور السينما.
ثم هل يجوز أن يمر أي نشاط مسرحي أو غنائي دون أخذ موافقة وزارة الثقافة ولو من باب العلم والخبر على الأقل فهي المعنية والقائمة بحكم قانونها على رعاية الادب والثقافة والفنون كي لا تتسرب الأعمال الرديئة والهابطة والتي لا تتسق مع ثقافة المجتمع وعاداته وقيمة وعقيدته.
أما السؤال الأكثر وجاهة أيضاً؛ ما هو دور هيئة الاعلام المرئي والمسموع التي بشرنا مديرها بأنه سيطور عملها دون المساس بحرية التعبير والنشر المسؤول، وأن نقلة نوعية في دور الهيئة سنلمسه قريبا في محاولة التدقيق على أي نص مسرحي او سينمائي قد يستفز المجتمع ويتعارض مع قيمه.
وعلى هامش الحديث عن دور وزارة السياحة وامانة عمان والبلديات، أصبحنا نسمع بشكل مستمر شكاوى من وجود مطاعم وملاه وسط الاحياء السكنية في عمان والاحياء القريبة منها بحيث أصبحت تشكل مصدر ازعاج للناس في بيوتهم بفعل أصوات الموسيقا الصارخة التي تستمر لساعات الفجر الأولى، فلماذا يتم اعطاؤهم تراخيص في هذه المناطق المخصصة للسكن حصراً دون مراعاة مشاعر المواطنين.
هذا ليس دعوة للتضيق على الأنشطة الثقافية والفنية؛ نحن مجتمع بأغلبيته نؤمن بزيادة مساحة حرية التعبير لأنها المدخل الحقيقي للإبداع واثراء المشهد الثقافي؛ ولكنه يؤمن أيضاً بأن لدينا قوانين وأنظمة مميزة المطلوب تفعيلها لا أكثر ولا أقل وعدم إعطاء استثناءات لأشخاص معينين مهما كانت الاعتبارات والمبررات.