الإسرائيليون.. والاستثمار في الأردن
في هذا الزمن ننام ونستيقظ على حكايات أشبه بقصص ألف ليلة وليلة وخرافات التاريخ، حيث لا يعرف المرء الحقيقة من الخيال، في ظل اضطراب نفسي يصعب على العاقل أن يقدر المواقف الوطنية مقابل المواقف الفوضوية التي تجتاحنا ليل نهار، فبات العاقل منا أشبه «ببهلول» بعد كل ما يراه من تناقضات، ففي الوقت الذي يشحذ البعض ألسنتهم على مسؤولي الدولة، تجدهم يصفقون لقادة شربوا دماء مواطنيهم، ومن نحسبهم أصحاب عقيدة ومواقف لا ينسون ثأرهم يصدموننا بمواقف لا يمكن أن تصدق، خاصة في ظل قلب الحقائق.
في مداولات النواب حول قانون البيئة الاستثمارية أو مهما كانت تسميتها، توقف مجلس النواب الموقّر عند نقطة تمنع تملك الأراضي الأردنية لحملة الجنسية الإسرائيلية وتمت الموافقة عليها، ولكن ما جرى أن أحد السادة النواب انبرى للحديث حول أحقية «الإسرائليين» من أصول عربية «فلسطينية» بتملك الأراضي دعما لصمودهم (و، و، و،) وكل ذلك بتبرير دعم إخوتنا الفلسطينيين ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية ومساعدتهم للاستثمار والعمل وإنشاء المشاريع عندنا، وهذه التبريرات تعد بريئة وضرباً من الشهامّة، وهذا ما جرى حيث تم في ضوء ذلك إعادة التصويت على الفقرة بالموافقة، والسماح للمستثمرين، بغض النظر عن الأصل، في التملك داخل المناطق المخصصة للاستثمار فقط.
الحقيقة الواضحة وضوح الشمس بعد ثمان وسبعين سنة عجاف، أن من يُطلق عليهم تسمية عرب إسرائيل أو عرب الداخل أو مهما كانت التسمية، قد باتوا تابعي الجنسّية الإسرائيلية، ليس انتقاصا منهم ولكن بالقوة القاهرة والأمرّ الواقع، ويشكل البعض منهم أعضاءً في الكنيست، وهم يقسمّون قسّم الولاء لدولة الاحتلال، ليس حباً ولكن لغايات الضرورة، وهم ينظرون الى الشعب العربي الفلسطيني في الضفة الغربية، ويرون الحال المزري الذي يعيشه الفلسطينيون على تراب أرضهم المستباح، والفقر وقلّة الموارد والحواجز المانعة وتسلط الأقربين ومعاناتهم اليومية، ثم يقارنون وضعهم تحت حكم الاحتلال، فيجدون أن الأفضل لهم المحافظة على مصالحهم.
لا شك في أن الكثير من العرب الفلسطينيين الذين توارثوا آباءهم قبل وخلال الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين، والذين يعيشون تحت الحكم هناك، تتنازعهم العواطف والمصالح، فهم فلسطينيون في جوارحهم وهم إسرائيليون في مصالحهم، ولكن تغلب عليهم عربيتهم،وأولئك الجماعة لا يمكنها أن تحمل وزرّ شراء أرض عربية لمصلحة الإسرائيليين، كما يفعل بعض الخوّنة.
يوم أمس اضطر رئيس الوزراء د.بشر الخصاونة للرد على شائعات ليس لها أي سند أو حقيقة، فيما يخص بيع أراض في البترا ووادي موسى لإسرائيليين،وحذر من الشائعات المغرضة التي تستهدف الفت من عضد الدولة، وتزرع الشك في بنية الوطن، مع أننا نعلم جيدا أن هناك من المستثمرين والوكلاء المتعاملين مع تجار ومستثمرين إسرائيليين في قطاعات تجارية وزراعية وغيرها فذلك شأنهم، كون استثماراتهم منقولة، أما الأراضي الأردنية المخصصة للخزينة العامة فهي محميّة بحكم القانون ويمنع البيع فيها لغير الأردني بشكل عام.
نحن بلد لا نمنع دخول ضيوفنا، بل نرحب بهم فكم نفرح بزيارات أحمد الطيبي وزملائه المتعددة، ولكن لا نقول لهم أهلاً باخوتنا الإسرائيلييين ما دام الاحتلال قائما، بل هم عرب مقاومون يدعمون الحق الفلسطيني والشرعية الأردنية على القدس ويؤمنون بجلالة الملك كحامٍ لهم بعد الله.
Royal430@hotmail.com