التنمر .. مجرم قيد الانتاج
لا يخفى علينا أهمية موضوع التنمر في حياتنا اليومية، والدور الكبير الذي يلعبه في تشكيل واقع مجتمعنا، وكوني أنا معلمة كم أرى أن هذا الموضوع وألمسه بين طلابي (ظاهرة التنمر) (مشروع مجرم قيد الانتاج) بات العالم كله يشتكي منه ويعاني ويلاته، وتشغل نتائجه المهتمون بالعملية التربوية ويبحثون سبل علاجه بسرعة الممكنة لخطورته على المجتمع المدرسي. وتلقى تلك الظاهرة اهتماما غير عادي من المهتمين بقضايا ومشكلات التربية التعليم في جميع أنحاء العالم، وهناك الكثير من أنواع التنمر لكن لابد أن أسلط الضوء على (التنمر المدرسي) الذي يعد من الظواهر الخطيرة التي تهدد سلامة الطلاب وسير عملية التدريس بشكل صحيح وسليم، وكم تؤثر هذه الظاهرة على نفسية الطلاب و تمنعهم من الدراسة و تحقيق التفوق الدراسي. والتنمر قد يكون لفظيا أو جسديا أو عاطفيا، ويتعرض الطفل أو الطالب لمحاولات متكررة من الضرب أو الهجوم الجسدي أو الكلامي من قبل طفل أو طالب أخر أو مجموعة من الطلاب، ومن ملاحظاتي المتكررة اني أرى هذه الظاهرة تحدث بين شخص قوي يهاجم شخص أضعف منه من الناحية البدنية، أو النفسية أو كليهما، وكم يترك هذا الهجوم من أثار نفسية سلبية بعيدة المدى للضحية أو المعتدي. وأشير هنا إلى أن الطفل المتنمر يسعى لتحقيق (لفت انتباه الأخرين له، ظهوره بين أقرانه كشخص قوي و مسيطر وحب الذات والأنانية وقد تكون غيرة الطالب المتنمر من تفوق الطلاب عليه في الدراسة أو أي نشاط أخر. وهناك علامات تدل أن هذا الطفل يتعرض للتنمر لأتخاذ الخطوات المناسبة تتمثل في تحول الطالب لشخص عدواني، التراجع الأكاديمي، الشعور بالخوف أو عدم الأمان في المدرسة، عدم المشاركة الصفية، وجود كدمات غير مبررة، سرقة المال من المنزل، التغير في أنماط الأكل والنوم. وتكمن الاسباب الرئيسية لمشاكل التنمر في الانتشار الهائل لوسائل الإتصال و الثورة التكنولوجيا، لأن أغلب وسائل الاعلام والأفلام المنتشرة وإن كانت موجهة للأطفال فإنها تشجع على فكرة البقاء دائما للشخص القوي وبأن العنف ضروري للسيطرة على الأخرين، اضافة للأسباب الأسرية في التعامل مع الاطفال، فهي اللبنة الأساسية في المجتمع ودورها في طريقة التربية الخاطئة واستخدام العقاب الصارم و العنف مع الأطفال، ولا يمكن أن ننسى دور المدرسة في ظهور التنمر و انتشاره بين الطلاب فلا بد من توجيه الطلاب وإرشادهم لأهمية احترام المعلم وتقديره وإحترام حقوق الطلاب لبعضهم البعض وتقويم أخلاقهم بشكل إيجابي. ولابد لنا أن نتعاون كلنا كقياديين وتربويين وأهل على حل هذه المشكلة، وأول خطوة للعلاج هو الاعتراف بوجودها، أيضا التقرب من أبناءنا والاستماع لهم و دعمهم النفسي والإصغاء لمخاوفهم والتحقق من الموقف أو المشكلة و تعزيز الثقة لأطفالنا و طلابنا و صقل شخصياتهم