حين كنت مديراً للتربية تقدمتُ بمشروعين تم التحفظ عليهما
كتب الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس قائلاً: حين كنتُ مديراً للتربية في محافظة الزرقاء تقدمتُ بمشروعين تم التحفظ عليهما من قبل المعنيين في الوزارة! منوهاً إلى أن التطوير أو الاصلاح التربوي في أي نظام تعليمي يحتاج إلى إدارات ناضجة تعمل على دراسة جميع المشاريع المقدمة لها من بعض المختصين في الميدان دراسة وافية, كيف لا وميدان العمل التربوي بمدارسه ومعلميه وطلبته ومجتمعه المحلي هو أكبر رافد للخبرات التربوية, معتقداً أن التحفظ على مثل هذه المشاريع كان نتيجة لعدم الاطلاع عليهما والانشغال بأمور ثانوية.
المشروع الأول كان موجّه لإدارة الامتحانات وكان حول (الصفر المدرسي) والذي اقترحتُ فيه وقتها أن يكون (35)% بدلاً من الصفر, وقد تم بناء هذا المشروع أسوة بالصفر الجامعي لطلبة الجامعات, والذي يقضي بضرورة عدم وضع علامة صفر لأي طالب, وأن الصفر يعني لا شيء في البناء المعرفي التراكمي للطالب وهذا يتعارض مع البناء المعرفي والذي يفترض أن المعرفة تراكمية ويولد الطفل مزوّد بآلاف المعارف لكنه لا يستطيع التعبير عنها, وقد تم بناء هذا المشروع وفق (النظرية المعرفية التراكمية) المشهورة.. والحديث يطول ولا يتسع له المقام هنا.
والمشروع الثاني كان موجّه لإدارة النشاطات وكان حول (الكشف المبكّر عن هوايات وأمنيات طلبة المدارس), ويفترض هذا المشروع أن يتم الكشف المبكر عن هوايات ومواهب الطلبة من جهة, وعن أمنياتهم المهنية في المستقبل من جهة أخرى, فلكل طالب هواياته ومواهبه الخاصة به, وأن لكل طالب ايضاً امنياته المتعلقة بمهنة المستقبل والتي يرغب أن يكون فيها لاحقاً, وهذا يتطلب من نظام التعليم رصد وتحليل مثل هذه الهوايات والامنيات والعمل على بناء مزيد من الانشطة والمشاريع والبرامج ومسارات التعليم في ضوء هذه الهوايات والامنيات, وقد تم بناء هذا المشروع وفق (نظرية تحقيق الذات) المعروفة.. والحديث يطول ولا يتسع له المقام هنا أيضاً.
اعتقد جازما أن الكثير من المشاريع التي تُقدم من قبل بعض المختصين في الوزارة يتم التحفظ عليها لحين استلام مسؤول جديد والذي بدوره يتخلص من تلك المشاريع القديمة بالنسبة له وعلى مبدأ تنظيف رفوف المسؤول السابق, وخير مثال على ذلك أيضاً ما قدمه بعض الزملاء في سابق الايام من مشاريع كثيرة كان من ابرزها على وجه التحديد (مشروع بنك الاسئلة) منذُ أكثر من ريع قرن وما زال هذا البنك مغلقاً في وزارتنا المحترمة.
مشكلتنا في زارة التربية والتعليم أن المعنيين في الوزارة ليس لديهم القدرة والمهارات الكافية للتعامل مع مثل هذه المشاريع التربوية المقدمة اليهم, ففي الدول المتقدمة مثلاً يشكّل المسؤول المعني لجنة من المختصين لدراسة تفاصيل حيثيات المشاريع المقدمة للمؤسسة وبوجود صاحب المشروع ثم تؤخذ فوراً التوصيات بالقبول أو الرفض لذلك المشروع مع ضرورة كتاب التبرير المنطقي في كلتا الحالتين, ويزوّد صاحب المشروع بنسخة منه, لتبدأ إجراءات التنفيذ إذا ما تم قبول المشروع من قبل لجنة المختصين.
السؤال المهم هنا: كيف يمكن وضع حد لممارسات البعض في التخلص من المشاريع المقدمة للمؤسسة؟ الجواب: إنشاء دائرة للمشاريع العامة, وارسال نسخة من المشروع المقدم للمؤسسة إلى هذه الدائرة, ثم متابعة المؤسسة المعنية من حيث القبول أو الرفض من قبل دائرة المشاريع العامة.