بنوا إسرائيل (5)
استكمالا لما اوردناه في بني إسرائيل-04، خرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل ليلاً بأمر من الله عز وجل هربا من سوء العذاب وقتل ابنائهم وإستحياء نسائهم من قبل فرعون وجنوده (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُتَّبَعُونَ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ، فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ، فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (الشعراء: 52-68)). فَأَتْبَعُهُم فرعون وجنوده مُّشْرِقِينَ. فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (هنا يظهر إيمان موسى عليه السلام القوي بربه). فَأَوْحَى الله إلى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ، فضرب موسى البحر بعصاه فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وفتح الله لموسى وقومه طريقا يابسا في البحر لينجوا من فرعون وجنوده.
فتبعهم فرعون وجنوده وما كاد ان يخرج من البحر المنفلق آخر شخص من بني إسرلئيل أعاد الله البحر كما كان اي بعد أن نجى الله مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ، مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (الدخان: 30 و 31))، ثُمَّ أَغْرَقْ الله فرعون ومن معه أجمعين (وَجَٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُۥ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِىٓ ءَامَنَتْ بِهِۦ بَنُوٓاْ إِسْرَٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(يونس:90، القصص: 40)). ويذكر اليهود في كتبهم أن مدَّة إقامتهم في مصر كانت أربعمائة وثلاثين عاماً، وكان عدد الرجال عند الخروج دون النساء والأطفال نحو ستمائة ألف رجلٍ، ولم يحسب في هذا العدد بني لاوي. ويتضح ان هذا العدد مبالغ فيه جدًّا، وهذا يعني أن عددهم كان وقت خروجهم بنسائهم وأطفالهم قرابة مليوني ومائة الف نسمة، وهي تقديرات مبالغ فيها جدًّا ولا يمكن تصديقها، وإن صح ذلك فإنه يعني أنهم تضاعفوا خلال فترة إقامتهم في مصر قرابة ثلاثين ألف ضعف إذ كان عددهم وقت الدخول سبعين نفساً، والله عز وجل قد ذكر قول فرعون (إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (الشعراء: 54)، وبالتأكيد ان مليونا شخص لا يمكن أن يعبَّر عنهم بشرذمة. علاوة على أن تحرك مليوني ومائة الف شخص مع ما معهم من أطفال ونساء وشيوخا وما يملكون من أمتعة وغيرها في ليلة واحدة أمرا مستحيلا في ذلك الزمن، والله أعلم.