هل يُعجِّل اغتيال 'ابنة' دوغين.. بـ'توسيع' رقعة الحرب الأوكرانية؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/25 الساعة 01:30

ليست «داريا» ابنة المفكر الروسي الشهير الكسندر دوغين بمكانة وليّ عهد النمسا فرانز فرديناند الذي كان اغتياله وزوجته في سراييفو في حزيران/1914 «أحد الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى»، وبخاصة ما اسفرت عنه من موازين قوى جديدة وبروز امبراطوريات وأفول أخرى.. نقول: ربما لن يكون اغتيال داريا دوغينا سبباً لاندلاع حرب عالمية ثالثة، لكنه بالتأكيد سيكون سبباً مباشراً لانتقال الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا، إلى مرحلة أكثر خطورة وربما حسماً، خاصة بعد مرور نصف عام على العملية العسكرية الروسية الخاصة، التي لم يعد ثمة شكوك بأنها لن تتوقف في المدى المنظور القريب، حتى بعد حلول فصل الشتاء وما تُوصف أوروبياً وأميركياً بـ"الرهانات الروسية» على تصدّع صفوف الأوروبية وعدم استمرار مواقفهم الموحدة المتماهية مع الموقف الأميركي.

وإذا كان التفجير الذي أودى بحياة ابنة الكسندر دوغين (والتي لا يقل دورها في الساحة الروسية الفكرية/ والسياسية عن دور والدها رغم فارق العمر) قد عَكَسَ/التفجير.. تقصيراً أو إهمالاً فادحاً لدى الأجهزة الأمنية الروسية، حيث وقع التفجير في منطقة تُوصف بأنها محمية أمنياً على نحو مُحكم، فإن سرعة الكشف المُوثَّق بالأدلة والمعطيات عن المرأة التي تعمل في أجهزة عسكرية أوكرانية/كتيبة أزوف النازية، ومطالبة موسكو مناقشة هذا الحدث في اجتماع لمجلس الأمن، إضافة الى التحذير الذي اصدرته السفارة الأميركية في كييف، للرعايا الأميركيين بسرعة مغادرة الأراضي الأوكرانية بأي وسيلة نقل مأمونة»، حيث (تملِك وزارة الخارجية الأميركية معلومات مفادها أن روسيا تُكثِّف جهودها، لشن ضربات على منشآت عسكرية وحكومية في أوكرانيا في الأيام المقبلة) وهذا ما جاء حرفياً في رسالة السفارة الأميركية في كييف على موقعها الالكتروني، ما يعكس من بين أمور أخرى حجم وطبيعة «التطوّر» المُتوقَّع على جبهات القتال في جنوب وشرقي أوكرانيا، يؤشر إلى غضب روسي مُتصاعد.

ليس مفاجئاً والحال هذه.. إعلان ادارة بايدن عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا وقيمتها ثلاثة مليارات دولار، في أكبر حُزمة تقدمها واشنطن خلال الاشهر الستة الماضية، وكانت سبقتها قبل اسبوع حزمة عسكرية أخرى بـ"77» مليون دولار.. ما يرفع قيمة ما قدمته إدارة بايدن «التي تقاتل حتى آخر جندي ومدني أوكراني» إلى أزيد من 11 مليار دولار.. زد على ذلك إعلان المستشار الألماني/ شولتس عن مساعدات عسكرية ألمانية بقيمة نصف مليار يورو، ناهيك عن «تقديمات» حلف الناتو وبريطانيا والاتحاد الأوروبي حيث يستعد الأخير لعقد المزيد من الدورات التدريبية العسكرية المكثفة وطويلة الأمد للجنود الأوكران.

عودة إلى اغتيال ابنة دوغين..

اندلعت في روسيا موجة من ردود الأفعال والتعليقات على حادث الاغتيال وهناك من نعاها بحرقة وغضب معتبراً رحيلها «خسارة فادحة للبيئة الفكرية العلمية/ المحافظة وخصوم العولمة وفكر الحداثة»، مُحَمِّلاً الجانب الاميركي تحديداً مسؤولية ما حصل، على النحو الذي كتبه فاليري كورفين، العالم السياسي الروسي/ والمحاضر في جامعة موسكو الحكومية مُضيفاً.. «الآن سيتم إحداث الكثير من الضوضاء، لتشتيت الانتباه من خلال سماع أكثر الفرضيات سخافة، لكن الغرض منها - واصلَ كورفين – هو طمس الأثر الغربي أو بالأحرى الأثر الأميركي.. - مُستطرداً على نحو لافت «وكالة المخابرات المركزية الأميركية او ما يُسمى (ابن آوى)، مشهورون منذ فترة طويلة بالتعاقد على الاغتيالات السياسية في جميع أنحاء العالم، منذ بداية الحرب الباردة.. إنهم - ختمَ - يُزيلون الذين لا يمكن إسكاتهم».

أما رومان انتونوفسكي الباحث/والكاتب السياسي الروسي: فقد نادى بالانتقام رداً على مقتل داريا، مُعتبراً أن «الوقت حان للانتقال من نظام العملية العسكرية الخاصة الى نظام عملية مكافحة الإرهاب»، كاشفاً النقاب عن رسالة أرسلتها له داريا دوغينا قبل اندلاع الحرب الأخيرة جاء فيها – وِفْقَهُ – أنه «إذا بدأت الحرب فسنكون نحن المُدونون الإمبراطوريون أهدافاً للقتل».... «نعم - أضاف انتونوفسكي - وبعد بداية الحرب كتبوا ان الجوائز قد خُصصّت لجز رؤوسنا» (الترجمة عن النصوص الروسية للدكتور زياد الزبيدي).

في السطر الأخير.. من السابق لأوانه التكهّن بالمدى الذي ستذهب إليه المعارك الدائرة الآن في أوكرانيا، وهل تتوسع أهدافها (روسِيّاً)؟ أم ستبقى محصورة في الدونباس وجنوب أوكرانيا (حتى أوديسا)؟، وما اذا ستبدأ موسكو باستهداف مقار وإدارات اتخاذ القرار في أوكرانيا «الرئاسية والتنفيذية وخصوصاً القيادات والمقار العسكرية والاستخبارية الاوكرانية، على نحو مُباشر ومُعلن؟».

... الأيام القليلة المُقبلة.. ستخُبِرنا.

kharroub@jpf.com.jo

مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/25 الساعة 01:30