بنوا إسرائيل-04
استكمالا لما اوردناه في بني إسرائيل-03، انتقل يعقوب عليه السلام بأولاده من بادية فلسطين إلى مصر: بعد أن مكَّن الله ليوسف عليه السلام في أرض مصر وصار على خزائنه (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ، وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (يوسف: 55 و 56)). أرسل إلى أبيه وأهله جميعاً أن يأتوا إليه (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (يوسف: 93))، فأقبل يعقوب عليه السلام بأولاده وأهله جميعاً إلى مصر واستوطنوها، ويذكر اليهود في كتبهم أن عدد أنفس بني إسرائيل حين دخلوا مصر سبعون نفساً، وكانوا شعباً مؤمناً أقاموا بين وثنيين، فاستقلوا بناحية من الأرض أعطاهم إياها فرعون مصر، فعاشوا عيشة طيبة زمن يوسف عليه السلام. ثم بعد وفاة يوسف عليه السلام بزمن تغيَّر الحال على بني إسرائيل وانقلب عليهم الفراعنة طغياناً وعتوًّا واستضعافاً لبني إسرائيل، فاستعبدوهم وأذلوهم، وبلغ بهم الحال ما ذكر الله عز وجل (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ، وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ، إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، (البقرة: 49, الأعراف: 141, القصص: 4)).
فكان الفراعنة يقتلون الذكور ويستحيون الإناث، واستمرت هذه المحنة وهذا البلاء عليهم زمناً طويلاً، إلى أن بعث الله عز وجل موسى عليه السلام، فدعا فرعون إلى الإيمان بالله، وأن يترك دعوة الناس إلى عبادة نفسه، وأن يرفع العذاب عن بني إسرائيل، ويسمح لهم بالخروج من مصر، فأبى فرعون ذلك بغطرسة وكبر، واستمرَّ في تعذيب بني إسرائيل (وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (الأعراف:127)). فأخذ الله تعالى فرعون وقومه بالجدب وهلاك الزروع، وأرسل عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (الأعراف: 133)). ، ولكنهم استكبروا وجحدوا، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام بعد ذلك بالخروج ببني إسرائيل من مصر وقد أغرق الله فرعون وجنوده عندما لحقوا بموسى وقومه (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ, وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (الشعراء: 52، البقرة: 50))، وسنكمل عملية خروج نبي الله موسى عليه السلام وبني إسرائيل بالتفصيل في المقالة القادمة بإذن الله تعالى.