'القائمة المُشترَكة' في خطر... يهودي و'فلسطيني' أيضاً (2ــ2)

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/24 الساعة 01:35

يندرج الإعلان هذه الأيام, قبيل ثلاثة أسابيع من تقديم القوائم الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية 15 أيلول/الوشيك, عن تشكيل حزب يهودي/عربي جديد, في إطار تشتيت المزيد من أصوات فلسطينييّ الداخل, أكثر مما هو محاولة لـ"تصحيح» أو كبح الممارسات العنصرية الصهيونية ضد الأقلية الفلسطينية، علماً أن محاولات عديدة بذلت في هذا الاتجاه ولم تجد طريقها إلى النجاح, بعدما تكشفت أهداف الداعين إلى تجربة كهذه. ناهيك عمّا دأبت عليه الأحزاب الصهيونية يسارها المزعوم كما يمينها الفاشي/العنصري لاختراق صفوف فلسطينيي الداخل, بل وترشي? بعضهم على قوائم تلك الأحزاب عبر وعود خُلبِية برفع التمييز عنهم وتوفير الميزانيات لبلداتهم ومدنهم وتوسيع الخرائط الهيكلية، لكنها تختفي مباشرة بعد إعلان النتائج, بل وتعود إلى الواجهة مشروعات تهويد الجليل والنقب وهدم الأبنية.

قبل الخوض في «ايديولوجية» وبرنامج الحزب اليهودي/العربي الجديد, الذي يستعد مؤسّسوه إلى اشهاره والذي يستهدف تشتيت الأصوات التي تحصل عليها القائمة المُشتركة, خصوصاً أن أحد مركباتها الأساسية «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة», هي الوحيدة بين أحزاب وتنظيمات فلسطينيي الداخل, التي ضمّت وتضم بين صفوفها مرشحاً (يهودياً) في مقعد مضمون, وكان على الدوام لهذا اليهودي/اليهودية دور حاضر ومُؤثر, بدءاً من مئير فلنر وليس انتها بـ«عوفر كسيف» الذي تعرّض لتنكيل الأمن الصهيوني واتُّهم كما كل اليهود الذين سبقوه على قائمة الجب?ة الديمقراطية, بالتنكُر ليهوديته والانضمام إلى صفوف أعداء إسرائيل (اللاساميّين).

نقول: يجدر التوقّف عند البيان الذي أصدره عادل عامر/أمين عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي/رئيس الطاقم الانتخابي للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة أول أمس/الإثنين, رد يردّ فيه – دون أن يسمي – على دعوة النائب عن التجمع الديقراطي/سامي أبو شحادة لبناء «تيار ثالث».. قال فيه/عادل عامر: «إنه في طبيعة الأجواء السياسية التي نعيشها في البلاد, وهي في حالة تصعيد الأزمات بشكل دائم وفي مقدمتها تعميق الاحتلال/والاستيطان والسياسات العنصرية، فإن – أضاف – الحاجة لأوسع شراكة كفاحية على أُسس واضحة تصبح أكثر إلحاحاً، لأن التشرذم–?اصلَ البيان–يخدم فقط من يقودون تلك السياسات على مختلف تصنيفاتهم وتسمياتهم السياسية–مُشدِّداً–على هذا الأساس أعلنّا طيلة الوقت تمسّكنا بالقائمة المشتركة، على أُسس سياسية واضحة ومُلزمة، مع السعي لتوسيعها. لافتاً ألى أن «النضال الأساسي هو النضال الميداني, وأن العمل البرلماني من دون نضال ميداني دائم الحضور يكون ضعيفاً مَنقوصاً.

رد فعل أولي من رئيس الطاقم الانتخابي للجبهة الديمقراطية على شريك في «المُشتركة» ربما يؤسس لحوار جاد/وحضاري, إذا ما قُوبل بتفهُّم لدى قيادة التجمّع أو يعجل بالافتراق, الذي هو مثابة انتحار سياسي لأطراف «صيغة جبهوية» غير مسبوقة في العمل الجماهيري لفلسطينيي الداخل, كان يمكن.. لو لم نتصدّع على يد القائمة الموحدة/الإسلاموية, ان تكون أكثر تأثيراً في المشهد البرلماني/والسياسي الإسرائيلي. لكن الأيدي العابِثة أجهضت التجربة بعد أن حصدت «15» مقعداً, كادتها ومن خلالها عبر أن تكون زعيمة المُعارَضة في كنيست العدو الأول م?ة منذ التئام الكنيست «الأول»/شباط 1949.

عودة إلى الحزب اليهودي/العربي الجديد:

ثمّة محاولات عديدة بُذلت لتشكيل حزب كهذا كان آخرها في مثل هذه الأيام من العام 2019 اختار مؤسسوه تسميته بـ"لأجلنا». نوّه في برنامجه وأهدافه وعلى لسان رئيس الحزب/وليد ذياب, إلى حالة «عدم الرضا» عن أداء القيادة الحالية (العربية) في الكنيست، مضيفاً (ذياب) أن هذه القيادة «نبذَت» التعامل مع القضايا الاجتماعية/الاقتصادية الشائكة الموجودة على جدول أعمال المجتمع العربي, واختارت الخطاب (القومي/الانفرادي المُتطرف), معتبراً أن ذلك «لم يُثمر عن أي إنجاز بل ألحق الضرر بالمجتمع العربي", مُفصحاً بجلاء عن الهدف من اشهار حز? كهذا بالقول: إن فكرة ولادة الحزب الجديد نابعة من «خيبة الأمل الكبيرة وإحباط الجمهور العربي من مُمثليه في (القائمة المشتركة). تذكّروا هنا ما كان برّره منصور عباس عندما خرجَ على القائمة المشتركة ساعياً الى تفكيكها وإفشال تجربتها. ما يؤشر من بين أمور أخرى, إلى أن التصويب على «المُشتركة» هو هدف أخطر بكثير من كل ما يُساق من تبريرات وذرائع مُتهافتة.

أما الحزب اليهودي/العربي الجديد الذي بات قريباً الإعلان عنه, كما قال إبراهام فرانك أحد مؤسسيه في مقالة له بصحيفة معاريف 21/8، فإن «جوهره هو التعاون العربي/اليهودي. أما الموضوع الأول هو الاحتلال، فالانشغال بالاحتلال ليس شأن حزب يهودي/عربي شاب آخذ في التأسس، فهناك من ينشغلون بهذا الموضوع الآن. أما الحزب الجديد فيجب أن ينشغل بذلك, وإلا فلا معنى لإقامته. كافح «ميرتس» ضد الاحتلال وفشل. وكلمات «وقف الاحتلال» فارغة؛ فالاحتلال لا يمكن وقفه، يجب عمل شيء آخر. مضيفاً «لا يمكن وقف الاحتلال لأن في «المناطق»/الضفة الغرب?ة اليوم, نحو نصف مليون مواطن إسرائيلي/يهودي، ومستوطناتهم تمنع إمكانية إقامة دولة فلسطينية».

فـ«تأمّلوا».

kharroub@jpf.com.jo

مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/24 الساعة 01:35