فريحات يكتب: نحن وجه الأردن.. وداعاً للكشرة ولا أهلا بالابتسامة!
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 11:34
بقلم: محمد خير فريحات
"نحن وجه أمريكا".. عبارة جميلة ومعبرة جدا كانت تعلو كاونترات موظفي الجمارك الأمريكيين في مطار جون إف كينيدي في نيويورك، فعندما تحط طائرتك في المطار هناك وتصل الى نقطة ختم الجوازات بالدخول، تقابل موظفاً أمريكياً تعلو ملامحه إبتسامة خفيفة لطيفة، يرحب بك ويسألك بعض الأسئلة بكل لباقة، وذلك رغم كل التشدد والحزم الذي نسمع عنه في المطارات الأمريكية خصوصا في التعامل مع المسافرين القادمين من منطقة الشرق الأوسط.
إعطاء انطباع حسن يرسخ في الذاكرة، وصورة طيبة لزوار الولايات المتحدة الأمريكية هو الهم الأول لموظفي الجمارك الأمريكيين، وبإمكان أي زائر أن يستشف ذلك ويستشعره في أي مطار أمريكي وليس نيويورك فقط، حتى أن هؤلاء الموظفين تشعر أنهم حريصين كل الحرص على عدم إزعاج القادمين الى أمريكا وضمان توفير أقصى درجات الرضى لهم.. عظمة أمريكا تبدأ من هنا.
ما هو سبب زيارتك الى الولايات المتحدة الأمريكية؟ كم ستمكث هنا؟ هل هذه أول مرة تزور أمريكا؟ هل أنت لوحدك أم ضمن مجموعة معينة؟ ما هي الأماكن التي ستذهب اليها خلال الزيارة؟.. هذه عينة من الأسئلة التي يواجهها الزوار والسياح في المطارات الأمريكية، ولا يحتمل وقت إجاباتها أكثر من دقائق معدودة، لتحصل في النهاية على ختم الدخول مع إبتسامة دافئة وترحيب حار: "أهلا بك في الولايات المتحدة الأمريكية".
لكن عندنا في الاردن مثلا، موطن الكشرة الأصيلة، تقابل موظفين على كاونترات ما زالوا يعتقدون فعلا أن الكشرة هي أفضل أسلوب وأعمق لغة للتواصل الجدي مع القادمين الى الاردن سواء كانوا مواطنين أو سياح أو زوار.
أول شيء يقوم به الموظف هو تقليب صفحات جواز السفر أحيانا أكثر من مرة، وأحيانا بدون داع أو مبرر، هكذا فقط دون فائدة، ثم يسألك بكل جدية وبكل حرص على عدم إظهار حتى سن واحد من أسنانه حتى لا يفهم البعض ذلك على أنه إبتسامة، السؤال الأول: من وين حضرتك جاي؟.. السؤال الثاني: لوين رايح؟.. السؤال الثالث: قديش راح تقعد بالاردن؟ مع أنه يعرف أنك مواطن أردني!.. في النهاية يختم جواز السفر وبدل أن يقول لك: أهلا وسهلا بك في الاردن، يطلب منك أن تراجع الدائرة قبل أن تغادر الأردن مرة أخرى!..المشكلة أن البعض لا يعرف حتى الآن ما هي الدائرة؟!.. يصطفل!!
المهم، ورغم أني أعتبر نفسي سفيرا للكشرة الاردنية في الخارج، ومن مؤيدي ومناصري إعتلاء هذه الكشرة لوجوه الأردنيين لتكون العنوان الرئيسي لملامحهم، وكوني من أشد الداعمين لإظهار الكشرة في أعمق صورها عند الضرورة، لكنني وللأمانة والموضوعية والمصداقية، لا أجد لها مكانا في مطاراتنا ومراكزنا الحدودية على الأقل.
لماذا لا يكون شعارنا من اليوم وصاعد: "نحن وجه الأردن.. وداعا للكشرة".. شعار نرسخه في قلوبنا وعقولنا وضمائرنا قبل أن نرفعه فوق كاونترات الجوازات في المطارات والمراكز الحدودية المختلفة للأردن.
وهنا لا أريد أن أكون طماعا أو جشعا، سأكتفي بالمطالبة بتوديع الكشرة ولن أطالب بالإبتسامة لتحل محلها، أود لو نستطيع التخلص من الكشرة على الأقل في الأماكن التي تعطي الإنطباع الأول للزائرين والسياح عن الاردن مثل المطارات والمراكز الحدودية، أما في الدوائر الحكومية والوزارات والمؤسسات الرسمية مثلا، فلتتجلى الكشرة الاردنية في أبشع صورها، لا يهم!
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 11:34