'الخربوش'.. من هنا تم البناء
كثيرة هي الرسائل التي باح بها «خربوش» في إحدى مناطق المملكة، أولها وأهمها أن الحياة وبكل قساوتها لا يمكن لها أن تقف أمام الطموح والنجاح وبأن الاصرار والتفاؤل السبيلان الوحيدان لتحقيق الغاية بعيدا عن الشكوى والتذمر والتباكي والهمس هنا وهناك ولعن الظروف والهجوم على الدولة بمناسبة وبغير مناسبة، فكم من عبرة لنا أن نلتقطها من هذا «الخربوش» القائم على أعمدة العزة والكرامة.
لا أعلم لماذا أخذت قصة هذا الخربوش ونجاح شقيقين في الثانوية العامة قصة وعبرة اصبحت احكيها وانطلق بها لارويها لابنائي واصدقائي والذين اصبح التذمر والشكوى والاحباط والسوداوية ابرز ما في بوحهم، رغم انهم يعيشون ما يفتقده هذا «الخربوش» وينعمون بكل معاني النعم فيمتلكون الكهرباء ولا يمتلكها هؤلاء والمدارس والجامعات والدخول الشهرية والمركبات ووسائل الاتصال الحديثة وغيرها من النعم التي لا يمتلكها هذان الشابان ليحققا ما لم يحققه الكثير من اقرانهما لا بل انهما يتعففان عن المساعدة وان تؤخذ قصتهما وسيلة لتبرع هذا وتبرع?ذاك، فيرفضان ويصران على انهما ايضا سيقهران الظروف وسيصلان الجامعات ولو مشيا على الاقدام.
"خربوش» كل ما يفوح منه هو رائحة للتميز والاصرار والنجاح والريادة والعزة والكرامة والشهامة الاردنية التي نفاخر بها الدنيا، وهو عنوان كبير يروي قصة وطن وكيف تم بناؤه على مدار المئة عام الماضية وكيف انتجت المعاناة رجالا ونساء بنوا الوطن باقل الامكانيات حاملين القناعة والطموح في انتاج وطن نراه اليوم في مقدمة ومصافي الدول في كل شيء وبكافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والموارد البشرية، فكم من خربوش في وطني خرج منه بناة لهذا الوطن وكم خربوشاً وبيت شعر وبيوتاً من الصفيح خرجت لنا كبرياء وكرامة وقوة وعز? واصرار من ابنائه على بناء دولة ولو باقل الامكانيات، هذا هو الاردن وهكذا تم بناؤه ومن هؤلاء.
النجاح في اي شيء لا يحتاج سوى الارادة والجهد والابتعاد عن التذمر والانين غير المبرر، فلا الفقر ولا الحاجة ولا قلة الامكانيات وقفت امام نجاح ابني هذا الخربوش وتحقيقهما لمعدلات ممتازة، فهما لم يتلقيا الدروس الخصوصية ولم يذهبا الى مراكز التقوية وليس هناك مدرس يدلهما على المعلومة ولا كهرباء يدرسان عليها ولا جدار يحميهما من البرد القارس واشياء كثيرة لم توقفهما عند حدود اليأس، حتى انهما كانا اكثر تعبيرا عن حبهما للوطن فلم يخرجا في مواكب ولم يطلقا النار ولم يقيما حفلات الرقص بل اكتفيا بالعلم الذي يستظلان به ويعلم?ن انهما سينجحان ويتعلمان لخدمة وطن لم ينكرا فضله بعكس غيرهما الذي يدعي النقص في كل شيء ويشكون نقص الحقوق ويحملون الوطن جميلة لمجرد انهم يعيشون فيه.
ختاما، من هذه «الخرابيش» وبيوت الشعر والمخيمات انطلق الاردنيون ليبنوا وطنا نعيش ونستظل اليوم بنعمه وامنه واستقراره، فلم يوقفهم عن البناء والتأسيس لا الاوضاع الاقتصادية ولا الامكانيات ولا الفقر ولا الحاجة مذللين كل شيء أمام طموحهم في بناء ما نراه اليوم في هذا الوطن من تطور وازدهار، نعم والدي ووالدك، وعمك وعمي، وكثيرون نعرفهم وتعرفونهم تخرجوا من تلك الخرابيش وبيوت الشعر والمخيمات، فلنكمل كما كانوا مطوعين للتحديات مبتعدين عن التشاؤم والتذمر والسوداوية والتي لو سيطرت عليهم لما بنوا الأردن الذي نراه اليوم.