لماذا تتجاهل العمالة الوافدة دعوات تصويب أوضاعها ؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 01:05
يوجد على الارض الاردنية مليون عامل وافد، غالبيتهم لا يحملون تصاريح عمل او لم يقوموا بتجديد هذه التصاريح، رغم المهل المتكررة وحملات تصوين الاوضاع المتلاحقة التي اعلنتها وزارة العمل خلال السنوات الماضية، وما زالت النداءات والدعوات الموصولة لتصويب الاوضاع بما يتفق مع القانون تقع على اذان صماء لغالبية العمال الوافدين، لتبقى الفوضى ومخالفة القانون هي السائدة بين صفوفهم ومن الجنسيات المختلفة.
الاضرار المتربتة على هذا الوضع، كبيرة، وعلى رأسها التاثير سلبا على خطط وجهود وزارة العمل والجهات المعنية لتنظيم سوق العمل ومعرفة الاولويات وتحديد احتياجات القطاعات المختلفة من الايدي العاملة، ومن التداعيات السلبية ايضا الارباك في احتساب نسب البطالة، وعرقلة الخطط لوضع قاعدة بيانات اساسية ودقيقة وشاملة لاوضاع العمالة الوافدة واعدادها والقطاعات التي تعمل بها.
وحتى لا يقال جزافا إن ثمة اجراءات استثنائية في جهود الحكومة تقلق العمالة الوافدة وتجعلها تتهرب من تصويب اوضاعها فانه على العكس تماما فطالما كانت اجراءات وزارة العمل مخففة وميسرة وتراعي البعد الانساني حيال العمالة الوافدة، والتدرج في التتنظيم واتاحة الفرص والمهل، لتحقيق هذه الغاية، والهدف هو التنظيم والاستجابة للقانون، ولم نشهد اثناء جهود وزارة العمل في السنوات الماضية لتنظيم اوضاع العمال الوافدين اي اجراءات قسرية بحقهم لا فرادى ولا جماعات، وفي حالات تجاوز القانون الصارخة كان انفاذ القانون هو الذي يتم وفق مقتضى المخالفة التي تقع.
ومع ذلك لم تستجب اعداد ضخمة من العمال الوافدين من كل الجنسيات لكل تلك المرونة، والتسهيلات، ومهل تصويب الاوضاع المتتابعة، بما في ذلك فتح مكاتب الوزارة حتى ساعات متأخرة من الليل، وفي المحافظات كافة حتى يتسنى للعامل الوافد الوصول اليها بسهولة ويسر وبكلف لا تكاد تذكر، الا ان الاعداد القليلة التي تقدمت لتصويب اوضاعها لا تكاد تذكر ايضا بالمقارنة مع عدد العمالة الوافدة الذي وصل الى نحو مليون عامل وافد في مختلف القطاعات والمهن.
اين المشكلة؟ ولماذا تقوم هذه الاعداد الكبيرة من العمالة الوافدة بتجاهل القانون بل والضرب عرض الحائط باجراءات تطبيقه؟ رغم ان رسوم التصاريح ليست بتلك الكلف العالية بل هي في حدود مقدرة اي عامل وافد او صاحب العمل الذي يشغله، ورغم كل ذلك لا حياة لمن تنادي والخروقات قائمة، وفوضى العمالة الوافدة مستمرة، وحملات التصويب لا تؤدي غرضها واهدافها المحقة والقانونية.
ومن باب الامثلة وليس الحصر فلا يمكن اغفال سرد جوانب من الخروقات التي لم تعالج وتجعل العمالة الوافدة المخالفة تستنكف عن سبق اصرار عن تصويب اوضاعها، مثل التسرب الى قطاعات اخرى غير التي حصل العامل الوافد على تصريح للعمل فيها، وهي قطاعات لا يجوز له العمل بها اساسا، او تحتاج الى تقنيين في الاعداد والمهن، فضلا عن ان رسوم تصاريح العمل الخاصة بهذه القطاعات اعلى بكثير من رسوم تصاريح العمل الاساسية في القطاعات التي حصلوا عليها عند دخولهم الى البلاد وبالتالي فان هناك ارقاما مالية ضخمة هي من حق خزينة الدولة تهربت العمالة الوافدة من دفعها خلافا للقانون.
كما لا يمكن اغفال المخالفات في المهن المغلقة على الاردنيين والتي حددتها وزارة العمل ب (18) مهنة فقد تسربت اليها العمالة الوافدة ايضا باجور قليلة وبظروف عمل اقل، ولا يستطيع العامل الاردني مجاراة العمالة الوافدة بالعمل بذات الظروف لذا يفقدون فرص العمل، وهنا تقع المسؤولية ايضا على ارباب العمل بضرورة الالتزام باغلاق هذه المهن حصرا على الاردنيين، باجور وظروف عمل عادلة، واخراج العمالة التي تسربت اليها ومنع دخول عمال وافدين جدد لاشغال فرص العمل فيها.
واذا كانت وزارة العمل قامت بكل تلك المرونة وكل تلك التسهيلات، ولم تتحرك غالبية العمالة الوافدة لتصويب اوضاعها، فان القانون وسيادته، هو الحل، وانفاذ القانون في هذه الحالة بشكل كامل وعادل ينهي المشكلة برمتها.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/20 الساعة 01:05