الانتخابات الإسرائيلية: 'جنرالات' السياسة.. أم 'سياسة' الجنرالات؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/18 الساعة 01:45
فيما يتواصل في دولة العدو الصهيوني حراك الاحزاب السياسية ذات الحضور في الكنيست, استعداداً للانتخابات الخامسة (خلال ثلاث سنوات ونصف السنة), وفيما تكشِف الانتخابات الداخلية/البرايمرز في معظم الأحزاب أياً كانت ايديولوجيتها وخطابها السياسي, عن حل استقطاب حاد, يسعى كل معسكر داخل تلك الأحزاب إلى تعزيز صفوفه وإبعاد خصومه عن المراكز المتقدمة, «العشرية الأولى أو الثانية» في قوائمه (أي المضمونة في الأحزاب الكبرى وبعض المتوسطة), على النحو الذي حدث في حزب الليكود الفاشي/أكبر الأحزاب, إذ استطاع نتنياهو «التنكيل» بمنافس?ه كما خصومه عبر دحرهم الى الصفوف الخلفية رغم أن بعضهم كان من أقرب حلفائه/بل أتباعه.
زد على ذلك التصدّع الذي أصاب تحالف حِزبيّ/الصهيونية الدينية, بعد ان لم تعد ثمة فرصة (حتى الآن) لتشكيل قائمة مُوحدة, بين الحركة الكهانِية المتطرفة التي يتزعمها الفاشي إيتمار بن غفير, وتلك التي يقودها العنصري المتطرف/ بتسلئيل سموترتش المُسماة «الصهيونية الدينية». ما دفع بن غفير الى إعلان خوض الانتخابات بقائمة «مُنفردة» تحت اسم «المنعة اليهودية", مُتهما سموترتش (مؤسس منظمة «فِتية التلال» التي تهدف الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة المحتلة, وتدشين نقاط/ بؤر استيطانية دون «إذن وترخيص» من حكومة الاحتلال)?.. بأنه/سموترتش غير معني بنجاح أحزاب اليمين والأحزاب الحريدية في تشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو, الذي «قد» لا ينجح بترؤوس حكومة يمينية كهذه, إذا لم يحصل حِزبا بن غفير/وسموترتش على مقاعد كافية (أزيد من عشرة مقاعد), كي يوفّرا أغلبية 61 صوتاً تؤشر آخر الاستطلاعات أن معسكر اليمين/نتنياهو لن يحوزها. تماماً كما يعجز ائتلاف لابيد عن الحصول عليها.
وسط أجواء كهذه برز تطور لافت يصعب وصفه بـ"الدراماتيكي", تمثّل بدخول رئيس أركان جيش العدو السابق/غادي أيزنكوت الحلبة السياسية, (بعد انتهاء فترة «التبريد» التي تحظر على أي مسؤول عسكري/أو أمنِي, الانخراط في العمل السياسي).. مُعلناً/أيزنكوت انضمامه إلى قائمة مُوحدة مع الثنائي غانتس/ حزب كاحول لافان, وساعر/حزب تكفا حداشا. قائمة ستحمل اسم (هَمحنِي هَمَملختي/المعسكر الوطني), ما أثار ردود أفعال مُتباينة.. حزبية, سياسية وخصوصاً إعلامية, إذ توقّعت أكثر من جهة أن إنضمام أيزنكوت لغانتس/وساعر لن يُسهم في زيادة عدد مقاع?هما المُتوقعة, كما لن يُساعد «قائمتهم» في البروز كمنافِس أو نِدٍ لقائمة/يش عتيد التي يتزعمها يائير لبيد/رئيس الحكومة الإنتقالية الحالية, حيث تشير الإستطلاعات ان قائمة لبيد ستحل في المرتبة الثانية بعد الليكود وبفارق (8–10) مقاعد, عن الليكود بزعامة نتنياهو الذي سيتجاوز عتبة الـ"30» مقعداً بـ"مقعدين إلى أربعة مقاعد».
أيزنكوت الذي سيوضع في المرتبة الثالثة بعد غانتس/وساعر, قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده لإعلان دخوله المعترك السياسي: إن على إسرائيل أن «لا تسمح بأن تتحوّل إلى دولة ثنائية القومية». وعليها أضاف.. القيام بخطوات لِتُخفّف من حِدّة (النزاع مع الفلسطينيين), وأن تسعى ــ واصَلَ ــ للسلام من نقطة قوة إسرائيل. وكي يُضفي على انخراطه طابعاً من الإثارة فقد صوّب على «نتنياهو» عندما قال أيضاً: أُريد أن أتّخذ موقفاً أخلاقياً.. لا يُمكن أضاف.. لشخصية عامة برأيّي, بصرف النظر عن مجلس إقليمي أو حكومة إسرائيل, الترشّح لمنصب ع?م مع «لوائح إتّهام».
وأياّ تكن طبيعة البرنامج الذي سيُعلنه ثلاثي «المعسكر الوطني", فإن مسألة دخول جنرالات الاحتياط/المتقاعدين عالم السياسة في دولة العدو ليست جديدة أو مفاجئة. وهم عند انخراطهم يتوزعون على الخريطة الحزبية.. أيديولوجياً بالطبع, على نحو مثير ولافت للانتباه بين أقصى اليمين المتطرف واقصى اليسار (في حركة ميرتس «اليسارية» هناك جنرال اسمه/يائير غولان, وصل الى منصب نائب رئيس الأركان ولم يقم نتنياهو/ووزير الدفاع ورئيس الأركان المنتهية ولايته بترقيته إلى موقع رئيس الأركان, لأنه أطلق تصريحاً سابقاً وصف فيه تعامل الجيش الإس?ائيلي مع الشعب الفلسطيني بأنه يُشبه تعامل النازيين مع اليهود).
ما يؤكد من بين أمور أخرى المقولة التي مفادها أن هناك «جيش له دولة, وليس دولة لها جيش». وهو ما يؤكده تقرير يتوقع أن يدخل إلى ولاية الكنيست في انتخابات الأول من تشرين الثاني القريب 1/11/22 بين 4ـ6 جنرالات وفق ما نشر «المعهد الإسرائيلي للديموقراطية» مؤخراً, والذي ذكر أيضاً أن أيزنكوت هو رئيس الأركان الـ"14» الذي ينضم إلى الحلبة السياسية (أي ما نسبته «ثُلثي» ورؤساء أركان الجيش حتى الآن), كما تولى يُضيف التقرير اثنان منهم رئاسة الحكومة وهما إسحق رابين وإيهود باراك, إضافة إلى أن 11 من أصل 14 رئيس أركان للجيش انض?وا الى المؤسسة السياسية ذهبوا باتّجاه أحزاب اليسار أو الوسط الصهيوني, وان الثلاثة الآخرين انضموا إلى أحزاب يمينية. في حين أن معظم الجنرالات الذين «لم» يتولوا منصب رئيس الأركان, فقد انضموا إلى أحزاب الوسط ويسار الصهيونية, بيمنا سبعة جنرالات انضموا إلى أحزاب اليمين.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/18 الساعة 01:45