النابلسي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/11 الساعة 01:20
لم يكد الفلسطينيون يستيقظون من صدمة ما جرى في حرب الاحتلال الإسرائيلي المدمرة على غزة، حتى فجعوا بعملية عسكرية نوعية للجيش الصهيوني لمطاردة شاب نابلسي عزّ نظيره، يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً.
إبراهيم النابلسي لم يكن قائدا للقوات الفلسطينية المسلحة ولم يكن منتمياً لأي فصيل مقاوم على أرض فلسطين المحتلة أو المعاهِدة لتل أبيب، بل بدأ البطولات قبل أربع سنوات خلت وهو في سن الرابعة عشرة، طفلاَ ترعرع على مشاهد جنود أغراب ومحتلين لأرضه وهم يجوبون ليل نهار بلدته يطلقون النار على الشبان العرب لأي سبب، ومن هناك أدرك أن لا حياة بلا موت، فليمت عزيزاً لا ذليلاً.
ابراهيم النابلسي لم يكن ضحية سرقة أو تاجراً للمخدرات أو مرتكبا للجرائم، بل هو الفتى الذي فضح إجرام دولة الكيان التي فاق وصفها بعنصريتها وبكراهيتها المبطنة للآخر، فهو يمثل جيل الشباب الفلسطيني الذي يولد ويترعرع وقد يشيب وهو يرى قطعان الجنود المتوحشين مع كلابهم المسعورة وقد اعتدوا على النساء وهن يمشين على رصيف الشارع وعلى شيوخ مسنين يقاومون جنود الاحتلال المرعوبين، وفي المقابل يرى كيف يداهم عناصر من أبناء جلدته بيوت الناشطين في المدن والقرى، ويمنعون الناس من التعبير عن غضبهم تجاه عدو يتربص بهم في كل حين.
في العملية التي قام بها جنود العدو لتصفية النابلسي كان معهم كلب عسكري اسمه «زيلي» وهو من الكلاب المدربة على الاشتباك مع الخصم، دخل «زيلي» مع قائده مستنفراً ومستعداً لقضم يد النابلسي في البيت الذي رصدته قوات الاحتلال قبل العملية بأيام، ومع بدء الهجوم على المنزل القديم انتصب النابلسي مدافعا عن نفسه أمام عاصفة هوجاء من رصاص البنادق الخارقة، ولم يستطع أحدهم الدخول، فبادروا الى استخدام سلاح مُفجرّ يدعى «المتادور» لهدم جدران المنزل وقتل البطل النابلسي، وفي نهاية العملية تبين مقُتل الكلب زيلي خلال المعركة، بعد خد?ة عسكرية امتدت تسع سنوات، وأقامت له الوحدة الصهيونية جنازة ودفن في مقبرة كلاب الجيش الإسرائيلي.
رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد كتب تدوينة خاصة في ذكرى الكلب زيلي تحت عنوان «مقاتل يسير على أربع» قال فيها: «زيلي البالغ من العمر 9 سنوات قُتل في العمليات العسكرية التي أدت إلى اغتيال إبراهيم النابلسي. وقد شارك زيلي في مئات من عمليات الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وأنقذ هذا الصباح حياة المقاتلين»، فيما أظهر فيديو قديم في أحد المساجد برام الله دخول جنود الاحتلال للمسجد برفقة الكلب زيلي الذي دنس ورفاقه حرمة المسجد، واعتقلوا أحد الناشطين بتهمة قتل مجندة عام 2019.
العالم كله، بعربه وعجمه، يدركون أن إسرائيل ليست دولة مدنية كباقي دول العالم، بل هي دولة عسكرية جميع شعبها تحت السلاح، الجميع يحمل السلاح ويطلق النار على أي فرد عربي لمجرد الشك، ولا يعاقب، وإن كان هناك من لا يحمل السلاح القاتل في أي لحظة، فهو مسكون بالعقلية العسكرية، حتى اليسار الذي يدعي أنه محايد تهيمن عليه النزعة الصهيونية في أي لحظة اشتباك، وحتى المثقفين والكتاب الصحفيين الذين نقرأ لهم لا يترددون في الانحياز الفوري لمعتقد الحكومات الإرهابية، ومن النادر أن تجد أحدهم يشبه «يوري أفنيري» أو ناحوم برنياع، الك?تب الصحفي الذي شارك قبلا في حروب إسرائيل.
نعلم جيداً أن هناك من يفرحون لقتل وتصفية المقاومين الوطنيين، وهناك من يتحالف معهم لمكاسب سياسية ومالية وجثوم على مقاعد لا تليق بتاريخهم الأسود، وهناك من يتمنون لو أن فيهم حميّة وكرامّة كما يحملها النابلسي في قلبه، ولكنهم لا يستطيعون مقاومة شياطينهم، حتى من بلغ العمر منهم أرذل العمر، ولكنهم مرهونون بعقد حياة للعدو المسيطر على أسرارهم، ومع ذلك يسطر النابلسي ورفاقه من أبطال الشعب الفلسطيني ملاحم البقاء والبطولة دفاعا عن الحق الفلسطيني في أرضه وسيادته ولا ينتظر أحدا ليدافع عنه.
في فلسطين ليس هناك حلّ يهدئ من روع حكومات تل أبيب مهما تحالفت مع شياطين الإنس، فإما زوال الاحتلال تماما، وإما القتال والقتل المستمر، والشهداء الى الجنة والعملاء الى النار، فهذا حق موعود من الله، وكما قالت والدة الشهيد ابراهيم في جنازته للمشيعين أنتم جميعا إبراهيم، أنتم الأبطال الذين لا يقبلون الضيم ولا يصافحون أكفاً ملوثة بدم الشعب البريء والمسلوب أرضا وفكراً.
Royal430@hotmail.com
إبراهيم النابلسي لم يكن قائدا للقوات الفلسطينية المسلحة ولم يكن منتمياً لأي فصيل مقاوم على أرض فلسطين المحتلة أو المعاهِدة لتل أبيب، بل بدأ البطولات قبل أربع سنوات خلت وهو في سن الرابعة عشرة، طفلاَ ترعرع على مشاهد جنود أغراب ومحتلين لأرضه وهم يجوبون ليل نهار بلدته يطلقون النار على الشبان العرب لأي سبب، ومن هناك أدرك أن لا حياة بلا موت، فليمت عزيزاً لا ذليلاً.
ابراهيم النابلسي لم يكن ضحية سرقة أو تاجراً للمخدرات أو مرتكبا للجرائم، بل هو الفتى الذي فضح إجرام دولة الكيان التي فاق وصفها بعنصريتها وبكراهيتها المبطنة للآخر، فهو يمثل جيل الشباب الفلسطيني الذي يولد ويترعرع وقد يشيب وهو يرى قطعان الجنود المتوحشين مع كلابهم المسعورة وقد اعتدوا على النساء وهن يمشين على رصيف الشارع وعلى شيوخ مسنين يقاومون جنود الاحتلال المرعوبين، وفي المقابل يرى كيف يداهم عناصر من أبناء جلدته بيوت الناشطين في المدن والقرى، ويمنعون الناس من التعبير عن غضبهم تجاه عدو يتربص بهم في كل حين.
في العملية التي قام بها جنود العدو لتصفية النابلسي كان معهم كلب عسكري اسمه «زيلي» وهو من الكلاب المدربة على الاشتباك مع الخصم، دخل «زيلي» مع قائده مستنفراً ومستعداً لقضم يد النابلسي في البيت الذي رصدته قوات الاحتلال قبل العملية بأيام، ومع بدء الهجوم على المنزل القديم انتصب النابلسي مدافعا عن نفسه أمام عاصفة هوجاء من رصاص البنادق الخارقة، ولم يستطع أحدهم الدخول، فبادروا الى استخدام سلاح مُفجرّ يدعى «المتادور» لهدم جدران المنزل وقتل البطل النابلسي، وفي نهاية العملية تبين مقُتل الكلب زيلي خلال المعركة، بعد خد?ة عسكرية امتدت تسع سنوات، وأقامت له الوحدة الصهيونية جنازة ودفن في مقبرة كلاب الجيش الإسرائيلي.
رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد كتب تدوينة خاصة في ذكرى الكلب زيلي تحت عنوان «مقاتل يسير على أربع» قال فيها: «زيلي البالغ من العمر 9 سنوات قُتل في العمليات العسكرية التي أدت إلى اغتيال إبراهيم النابلسي. وقد شارك زيلي في مئات من عمليات الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وأنقذ هذا الصباح حياة المقاتلين»، فيما أظهر فيديو قديم في أحد المساجد برام الله دخول جنود الاحتلال للمسجد برفقة الكلب زيلي الذي دنس ورفاقه حرمة المسجد، واعتقلوا أحد الناشطين بتهمة قتل مجندة عام 2019.
العالم كله، بعربه وعجمه، يدركون أن إسرائيل ليست دولة مدنية كباقي دول العالم، بل هي دولة عسكرية جميع شعبها تحت السلاح، الجميع يحمل السلاح ويطلق النار على أي فرد عربي لمجرد الشك، ولا يعاقب، وإن كان هناك من لا يحمل السلاح القاتل في أي لحظة، فهو مسكون بالعقلية العسكرية، حتى اليسار الذي يدعي أنه محايد تهيمن عليه النزعة الصهيونية في أي لحظة اشتباك، وحتى المثقفين والكتاب الصحفيين الذين نقرأ لهم لا يترددون في الانحياز الفوري لمعتقد الحكومات الإرهابية، ومن النادر أن تجد أحدهم يشبه «يوري أفنيري» أو ناحوم برنياع، الك?تب الصحفي الذي شارك قبلا في حروب إسرائيل.
نعلم جيداً أن هناك من يفرحون لقتل وتصفية المقاومين الوطنيين، وهناك من يتحالف معهم لمكاسب سياسية ومالية وجثوم على مقاعد لا تليق بتاريخهم الأسود، وهناك من يتمنون لو أن فيهم حميّة وكرامّة كما يحملها النابلسي في قلبه، ولكنهم لا يستطيعون مقاومة شياطينهم، حتى من بلغ العمر منهم أرذل العمر، ولكنهم مرهونون بعقد حياة للعدو المسيطر على أسرارهم، ومع ذلك يسطر النابلسي ورفاقه من أبطال الشعب الفلسطيني ملاحم البقاء والبطولة دفاعا عن الحق الفلسطيني في أرضه وسيادته ولا ينتظر أحدا ليدافع عنه.
في فلسطين ليس هناك حلّ يهدئ من روع حكومات تل أبيب مهما تحالفت مع شياطين الإنس، فإما زوال الاحتلال تماما، وإما القتال والقتل المستمر، والشهداء الى الجنة والعملاء الى النار، فهذا حق موعود من الله، وكما قالت والدة الشهيد ابراهيم في جنازته للمشيعين أنتم جميعا إبراهيم، أنتم الأبطال الذين لا يقبلون الضيم ولا يصافحون أكفاً ملوثة بدم الشعب البريء والمسلوب أرضا وفكراً.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/11 الساعة 01:20