تعديل قانون المحكمة الدستورية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/11 الساعة 00:34
أقر مجلس النواب قبل أيام مشروع القانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية لعام 2022، الذي جاء استجابة للتعديلات الدستورية الأخيرة المتعلقة بتشكيل المحكمة الدستورية وإجراءات العمل فيها. فقد حرصت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية–وأيدها في ذلك مجلس الأمة – على ضرورة تعزيز دور هذه المحكمة القضائية باعتبارها الحصن المنيع لتكريس الحقوق والحريات الدستورية، والرقابة على احترام التشريعات التي تصدرها السلطتان التشريعية والتنفيذية لأحكام الدستور.
ففيما يخص التعديلات المتعلقة بتشكيل المحكمة، جرى تعديل الأحكام الناظمة لشروط العضوية في قانون المحكمة الدستورية لتتوافق مع المادة (61) من الدستور، بحيث أصبح يشترط في العضو المعين من فئة المحامين أن تكون لديه خبرة في ممارسة المهنة لا تقل عن (20) سنة بدلا من (15) سنة.
كما جرى التوسع في الفئات التي يمكن تعيينها في المحكمة الدستورية من المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الأعيان، بحيث أصبح القانون يجيز تعيين أكثر من عضو منهم في المحكمة الدستورية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه يشترط فيمن يعين من هذه الفئة أن يكون من المختصين، وأن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة عملا بأحكام المادة (58) من الدستور.
أما التعديلات الإجرائية في مشروع القانون المعدل، فتتعلق بآلية عمل المحكمة الدستورية والمتمثلة باستقبال الطعون المباشرة والدفوع بعدم الدستورية. فقد جرى تعديل قانون المحكمة الدستورية ليتوافق مع المادة (60/1) من الدستور، التي أصبحت تشترط في القرار الصادر بالطعن المباشر بعدم الدستورية موافقة ما لا يقل عن ربع عدد أعضاء مجلسي الأعيان أو النواب، وذلك بدلا من النص السابق الذي كان يشترط في القرار موافقة الأغلبية.
وفيما يخص التعامل مع الدفوع بعدم الدستورية، فقد تضمن التعديل الأخير على قانون المحكمة الدستورية تغييرا في الآلية التي يتم فيها إحالة هذه الدفوع من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية. فقبل تعديل الدستور في عام 2022، كانت إجراءات تحويل الدفوع المثارة بعدم الدستورية تعتمد نظام الإحالة المزدوجة؛ من محكمة الموضوع إلى محكمة التمييز وانتهاء بالمحكمة الدستورية. فكان نظام «فلترة» جدية الدفع بعدم الدستورية والتحقق من توافر شرط المصلحة، تقوم به جهتان قضائيتان لغايات تقرير إحالته إلى المحكمة الدستورية من عدمه.
وهذا «التشدد» في الإجراءات الواجب اتباعها لكي تبسط المحكمة الدستورية رقابتها على القوانين والأنظمة قد أدى إلى محدودية الدفوع التي تصل إلى المحكمة الدستورية، وبالنتيجة قلة القرارات القضائية الصادرة عنها. وما زاد من هذا الأمر أن المحكمة الدستورية في بعض قراراتها قد بسطت رقابتها على توافر شرطي الجدية والمصلحة، بعد أن يكون قد صدر القرار بالإحالة عن محكمة التمييز ومن قبلها محكمة الموضوع.
ويبقى التساؤل الأبرز ذو الصلة بآلية الدفع بعدم الدستورية والذي لم يرد له أي تنظيم في كل من القانون الحالي ومشروع القانون المعدل يتعلق بمدى ثبوت الحق لقاضي الموضوع ومن تلقاء نفسه، بإثارة الدفع بعدم الدستورية. فعلى الرغم من أن عدم الدستورية من النظام العام، إلا أن التشريعات الوطنية لا تتضمن نصوصا واضحة تبين الآلية التي يمكن فيها لقاضي الموضوع أن يثير الدفع بعدم الدستورية.
هذا على خلاف الوضع في القوانين المقارنة، إذ تنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا المصرية لعام 1979 على أنه «إذا تراءى لاحدى المحاكم أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية». وهو الحكم ذاته الذي كرسته المادة (4) من قانون المحكمة الدستورية الكويتي لسنة 1973، والمادة (27) من قانون المحكمة الدستورية الفلسطيني لعام 2006.
إن الخطوة التشريعية المتبقية لاستكمال تكريس التعديلات الدستورية الأخيرة ضرورة تعديل نظام رسوم الدفع بعدم الدستورية رقم (67) لسنة 2019، الذي ينص على استيفاء رسم مالي مقداره (50) ديناراً عند إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى محكمة التمييز. فالرسوم – إن تقرر الإبقاء عليها–يجب أن يتم دفعها عند إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية مباشرة.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
ففيما يخص التعديلات المتعلقة بتشكيل المحكمة، جرى تعديل الأحكام الناظمة لشروط العضوية في قانون المحكمة الدستورية لتتوافق مع المادة (61) من الدستور، بحيث أصبح يشترط في العضو المعين من فئة المحامين أن تكون لديه خبرة في ممارسة المهنة لا تقل عن (20) سنة بدلا من (15) سنة.
كما جرى التوسع في الفئات التي يمكن تعيينها في المحكمة الدستورية من المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الأعيان، بحيث أصبح القانون يجيز تعيين أكثر من عضو منهم في المحكمة الدستورية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه يشترط فيمن يعين من هذه الفئة أن يكون من المختصين، وأن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة عملا بأحكام المادة (58) من الدستور.
أما التعديلات الإجرائية في مشروع القانون المعدل، فتتعلق بآلية عمل المحكمة الدستورية والمتمثلة باستقبال الطعون المباشرة والدفوع بعدم الدستورية. فقد جرى تعديل قانون المحكمة الدستورية ليتوافق مع المادة (60/1) من الدستور، التي أصبحت تشترط في القرار الصادر بالطعن المباشر بعدم الدستورية موافقة ما لا يقل عن ربع عدد أعضاء مجلسي الأعيان أو النواب، وذلك بدلا من النص السابق الذي كان يشترط في القرار موافقة الأغلبية.
وفيما يخص التعامل مع الدفوع بعدم الدستورية، فقد تضمن التعديل الأخير على قانون المحكمة الدستورية تغييرا في الآلية التي يتم فيها إحالة هذه الدفوع من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية. فقبل تعديل الدستور في عام 2022، كانت إجراءات تحويل الدفوع المثارة بعدم الدستورية تعتمد نظام الإحالة المزدوجة؛ من محكمة الموضوع إلى محكمة التمييز وانتهاء بالمحكمة الدستورية. فكان نظام «فلترة» جدية الدفع بعدم الدستورية والتحقق من توافر شرط المصلحة، تقوم به جهتان قضائيتان لغايات تقرير إحالته إلى المحكمة الدستورية من عدمه.
وهذا «التشدد» في الإجراءات الواجب اتباعها لكي تبسط المحكمة الدستورية رقابتها على القوانين والأنظمة قد أدى إلى محدودية الدفوع التي تصل إلى المحكمة الدستورية، وبالنتيجة قلة القرارات القضائية الصادرة عنها. وما زاد من هذا الأمر أن المحكمة الدستورية في بعض قراراتها قد بسطت رقابتها على توافر شرطي الجدية والمصلحة، بعد أن يكون قد صدر القرار بالإحالة عن محكمة التمييز ومن قبلها محكمة الموضوع.
ويبقى التساؤل الأبرز ذو الصلة بآلية الدفع بعدم الدستورية والذي لم يرد له أي تنظيم في كل من القانون الحالي ومشروع القانون المعدل يتعلق بمدى ثبوت الحق لقاضي الموضوع ومن تلقاء نفسه، بإثارة الدفع بعدم الدستورية. فعلى الرغم من أن عدم الدستورية من النظام العام، إلا أن التشريعات الوطنية لا تتضمن نصوصا واضحة تبين الآلية التي يمكن فيها لقاضي الموضوع أن يثير الدفع بعدم الدستورية.
هذا على خلاف الوضع في القوانين المقارنة، إذ تنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا المصرية لعام 1979 على أنه «إذا تراءى لاحدى المحاكم أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية». وهو الحكم ذاته الذي كرسته المادة (4) من قانون المحكمة الدستورية الكويتي لسنة 1973، والمادة (27) من قانون المحكمة الدستورية الفلسطيني لعام 2006.
إن الخطوة التشريعية المتبقية لاستكمال تكريس التعديلات الدستورية الأخيرة ضرورة تعديل نظام رسوم الدفع بعدم الدستورية رقم (67) لسنة 2019، الذي ينص على استيفاء رسم مالي مقداره (50) ديناراً عند إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى محكمة التمييز. فالرسوم – إن تقرر الإبقاء عليها–يجب أن يتم دفعها عند إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية مباشرة.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/11 الساعة 00:34