عودة 'الفلسفة' للمناهج الأردنية بعد تغييب 48 عاماً
بعد تغييب دام اكثر من ٤٨ عاما، تعود الفلسفة إلى الحقيبة المدرسية، مادة مستقلة تقدم للطلبة حسب خطة اقرتها اخيرا لجنة الانسانيات في مجلس التربية والتعليم للعام المقبل ٢٠٢٣-٢٠٢٤.
ويبدو أن هناك تحولا ملحوظاً في اجندات وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي لوضع خطط تتناسب مع اهم مراحل الإصلاح في الدولة الأردنية ، ومواكبة التحولات السريعة والهائلة التي يشهدها
العالم والإقليم حولنا.
القطاع التعليمي يشهد موقفا جريئا واستراتيجية ملفتة في التجديد للخطاب التربوي والتعليمي في اجنداته ، فما ان اقرت المؤسسات التعليمية الأردنية اخيرا حزمة من الإجراءات لترسيخ ثقافة العمل السياسي والحزبي في المناهج والخطط الدراسية المقبلة، حتى لحقها بقرار إعادة تدريس الفلسفة بعد تغييب ٤٨ عاما، بوضع مادة مستقلة لها في المنهاج وحسب خطة مدروسة للسنوات المقبلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما أهمية تدريس الفلسفة للطلبة في المرحلة المدرسية والجامعية ؟
ونجيب : على اهمية دراسة الطلبة لمادة الفلسفة وتاريخها وتياراتها ومفكريها نظرياً، الا ان الفلسفة كمنهج حياة وطريقة تفكير، و اشتباك العقل مع التاريخ ومواقف الحياة هي الهدف الذي تصبو اليه هذه المادة لتقدح العقول تنويراً لا يتوقف بالسؤال والدهشة، والبعد عن القوالب الجاهزة التي تجر الأجيال إلى مزيد من التخلف.
لذلك فإن إحياء الاهتمام بالفلسفة ومناهجها وطرائق التفكير يعد اليوم من أهم الأدوات المعرفية والنقدية والتحليلية التي تمكن الطلبة من مواجهة تغيرات العصر وفهم العالم وتحدياته المتلاحقة ومعرفة الصالح العام لذاته ولوجوده مع الآخر.
فالفلسفة التي تعني للكثيرين حب الحكمة للوصول إلى الفكرة على اتمها، تتجاوز ذلك أيضا إلى تربية العقل على التحري و طرح التساؤلات أمام كل فكرة او موقف او صورة ، وعدم الاكتفاء بتلقي الأجوبة الجاهزة، وتركز على اخضاع كل المعارف للشك والنقد والسؤال للوصول إلى مواقف اكثر عقلانية ومنطقية.
الفلسفة هي سلاح العقل لفحص الآراء والأفكار التي تصل اليه من الآخرين ونقدها وتمحيصها وفلترتها ، وعن طريقها يبني وجهات نظر خاصة به، بعيداً عن املاءات الاقصاء وخطابه المزيف المزخرف بالمقدس.
وبالمنهج الفلسفي يدرك الطالب اهمية الحوار وقت الاختلاف وطرح وجهة نظره بعيداً عن التعصب والتهجم، فتكون عوناً له في معالجة مشاكل حياته وعصره، بأفق واسع من العقلانية
إن خطوة المؤسسات التعليمية الرائدة في الأردن بتدريس مادة مستقلة للفلسفة، يتطلب منها اعداد المدرسين الاكفاء والمختصين، لتعليمها بطريقة صحيحة نقدية تحليلية، مشتبكة مع الحياة وقضاياها بعيدة عن التلقين والقوالب الجاهزة، لتسهم في تعزيز ثقافة قبول الاختلاف والآخر عند الأجيال القادمة ، وتمكينها من استلهام قيم الدولة الأردنية المعاصرة المتمثلة في الانفتاح والوسطية والاعتدال والتوازن الاجتماعي واحترام التنوع الثقافي وغيرها، وتعزيز قدراتهم على فهم الاختلاف واحترامه، وايجاد التوافق بين الافراد والجماعات، لأن معيار نهضة الأمم وتقدمها يرتبط بشكل أساس بقدرتها على التفلسف وإدراك الدرس الفلسفي.