ماذا بعد 'نَفيِ' إسرائيل تعهّدها.. 'الإفراج' عن الأسيريْن الفلسطينيّيْن؟
فيما لم يجف حبر اتفاق وقف النار بين العدو الصهيوني وحركة الجهاد الإسلامي بوساطة مصرية, رحَّب بها الطرفان وشكرا القاهرة على جهودها, حتى خرج وزير العدل الإسرائيلي جدعون ساعر/زعيم حزب تكفا حداشا, على العالم «نافياً» أن يكون هناك إلتزام إسرائيلي بالإفراج عن القيادي في حركة الجهاد/الشيخ بسام السعدي, الذي نكّل به الجنود الصهاينة وسحلوه في شوارع بلدته, كما ادى اعتقاله إلى اندلاع العدوان الصهيوني الأخير الذي أسماه العدو «الفجر الجديد». إضافة إلى نفي ساعر تحرير الأسير المضرب عن الطعام/ خليل العواودة. بل أضاف بوقاحة?القول: ان هناك تعهداً «مصرياً» بهذا الخصوص, وليس تعهداً إسرائيلياً».
واضح هدف حكومة لبيد الانتقالية التي تلقت للتو دعماً إضافياً مباشراً من الرئيس الأميركي شخصياً, وإشادة بـ«قيادته الثابتة طوال الأزمة», مع إعادة تذكير بأن دعمه لأمن إسرائيل «طويل وثابت», بما في ذلك حقّها في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإرهابية», مُعلناً عن «فخر الولايات المتحدة بدعمها القبة الحديدية الإسرائيلية, التي اعترضت مئات الصواريخ وأنقذت أرواحاً لا تُعد ولا تُحصى», ولم ينس فخامته بالطبع إعادة أُسطوانته المنافقة عن «دعم الإدارة الأميركية إجراء تحقيق شامل (وفي الوقت المناسب), في التقارير التي تحدثت عن س?وط ضحايا مدنيين في غزة, سواء والقول لبايدن بسبب الضربات الإسرائيلية على مواقع الجهاد الإسلامي (وهنا يتتضح مدى إنحياز بايدن للرواية الصهيونية الزاعمة عدم إستهداف المدنيين), أو أضاف سيادته بـ«سبب مئات صواريخ الجهاد الإسلامي العشوائية», مُؤكداً المزاعم الصهيونية القائلة أن «صواريخ حركة الجهاد سقطت داخل غزة».
نقول: هدف حكومة لبيد التنصّل من تعهدها للقاهرة إطلاق الأسيريْن/السعدي والعواودة, هو دق إسفين بين مصر وحركة الجهاد, حيث الأخيرة ربطت موافقتها على وقف النار بإطلاقهما, كنتيجة مبرّرة أمام أنصارها لقرار كهذا, وإلا ستكون وقادتها قد وقعوا في فخ المراوغة الإسرائيلية المعروفة. ما يعني تحمّلها مسؤولية اندلاع أو مواصلة المواجهة, حيث ستبدو إسرائيل وكأنها التي سعت لعدم توسيع الحرب المُتدحرجة التي «ربما» كادت تستدرِج حركة حماس إلى الانخراط فيها, رغم الإلتباس والوضع المُسربل بالغموض, الذي ميَّز موقف الحركة «المُحايد» من?مواجهة شرسة كهذه. وإن كانت وسائل إعلام لبنانية مُقربة من معسكر المُمانعة, نقلت عن مصادر في «غرفة عمليات غزة", أن صيغة تولّي سرايا القدس (الجناح العسكري للجهاد الإسلامي) مُنفردة على العدوان الإسرائيلي, مقابل تحييد المدنيين عن الاستهداف وبقاء حماس خارج المعركة، كانت (خياراً) إتّخذته الجهاد وحماس بـ«التوافق», لوضع الإسرائيلي أمام معادلة توسيع العدوان, ودخول حماس أو طلب التهدئة بـ«شروط حركة الجهاد».. وهو تفسير/ تبرير/تسريب لا يمكن التأكد من صحته, خاصة أن إسرائيل ومنذ اليوم الأول لعدوانها وعلى لسان رئيس جهاز ال?اباك الصهيوني/ رونين بار.. تباهى بما وصفه بار «الفصل» بين حركتي حماس والجهاد, مُعتبراً أنه «غاية استراتيجيته تحقّقت» كما زعم.
وإذ كشفت صحيفة «جيروسالم بوست» الصهيونية مساء أول أمس/الأحد, أن حركة حماس «مارست ضغوطاً» على حركة الجهاد لقبول «الهدنة» مع إسرائيل، فإن ما أفاد به رئيس الدائرة السياسية في حركة الجهاد/محمد الهندي في بيان, كان من ضمنه «التزام مصر بالعمل على الافراج عن الأسيرين/بسام السعدي وخليل العواودة».. إنما يعيد الأمور إلى المربع الأول كون أمين عام الحركة زياد النخالة أعلن في مؤتمر صحفي أن عدم الالتزام ببنود الاتفاق وأولها الافراج عن الأسيرين إنما يعني انهيار هذه «الهدنة».
في السطر الأخير.. من السابق لأوانه الاطئمنان إلى أن الهدوء الحذِر الذي يخيم على خط النار المفتوح بين قطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل, بخاصة مستوطنات غلاف غزة (كما يُوصف إسرائيلياً) مُرشح للاستمرار, ليس فقط في شأن الجدل الذي اندلع الآن حول الأسيرين الفلسطينيين، إنما أيضاً في ما قد يظهر على السطح وربما «قريباً» في شأن العلاقة بين حماس وحركة الجهاد, وماذا إذا كان صحيحاً أن حماس ضغطت على الجهاد وأن الأخيرة حصلت على ضمانات من عواصم إقليمية, بان تل أبيب ستلتزم وقف النار وتفرج عن السعدي والعواودة، خاصة أن إسرائ?ل تقول: إنها (حقّقت هدفاً مهماً في حربها الأخيرة وهو رفض المعادلة التي تقول بإمكانية تهديد المستوطنين في إسرائيل وغلاف غزة, على أثر «عملية اعتقال عادية»).. وتقصد هنا اعتقال السعدي.
kharroub@jpf.com.jo