ضريبة “السوشال ميديا “
أحدث قرارات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات شمول مشاهير السوشال ميديا والأشخاص الذين يحققون إيرادات مالية من أعمالهم في مواقعهم وقنواتهم بالاستحقاق الضريبي، الذي أحدث ضجة من قبلهم ومن قبل بعض الذين يحاولون التصدي لأي عملية إصلاح ضريبي، وتوسيع قاعدة المكلفين وفق أحكام القانون.
شمول مؤثري السوشال ميديا بالضريبة، هو أمر طبيعي ومستحق عليهم، وعلى كل شخص يعمل داخل أراضي المملكة ويحقق إيرادا ماليا من أي نشاط، ولا يوجد أي نشاط أو قطاع مستثنى من الضريبة، وهذا جزء أساسي من العدالة الاجتماعية التي تقع على عاتق الدولة لتحقيقها والتوسع بتعزيزها، بزيادة قاعدة الشمول الضريبي، وفق النسب المعمول بها.
الاحتجاجات التي أبداها بعض مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية أمر طبيعي ومفهوم من الناحية النفسية لأي مكلف، فلا أحد يرغب بدفع الضريبة، ولا أحد يحب أن يكون خاضعاً لها بالأساس، لكن هذا قانون وواجب كل مواطن أن يدفع الضريبة طالما يحقق دخلاً ويستفيد من خدمات الدولة بغض النظر عن مستواها.
وحالة الاحتجاج ليست محصورة أو مقتصرة على مشاهير السوشال ميديا، فحتى رجال الأعمال والأثرياء دائماً يحتجون على الضريبة، خاصة في العامين الأخيرين مع سريان تنفيذ قانون جديد للضريبة، الذي أخضع الكثير منهم إلى استحقاقات ضريبية جديدة، بعد أن اعتادوا على نمط “التجنب” والتهرب الضريبي بموجب القوانين السابقة التي كانت تتضمن اختلالات واختراقات كثيرة لهذا الشأن، وغالبيتهم شن هجوما على الضريبة والحكومة بعد أن استحقت عليه أموال بعضها كان بالملايين، واتهامهم بأنها – أي دائرة الضريبة- تجبي أموالاً دون استحقاق، واتهموها كذلك بأشد الألفاظ وأنها مؤامرة سياسية نتيجة مواقف معينة ، وأخرى ربطها بحاجة الخزينة للأموال خاصة مع اشتداد وطأة كورونا وغيرها من التحديات، لكن في آخر الأمر الكل عاد ودفع الأموال المستحقة عليه وسار على المسار الضريبي السليم بعد زيف ادعاءاتهم، وفشل عمل اللوبيات الضاغطة على الدولة لإجهاض مشروع الإصلاح المالي عامة والضريبي خاصة.
قطاع السوشال ميديا والسوق الإعلاني الضخم وبعض القنوات والمواقع الإلكترونية يستحق الدخول تحت مظلة الضريبة، وقد تأخر القرار بشمولهم كثيراً، فالقطاع في حالة نمو كبيرة وبدأ يضع لنفسه أساساً ومرتكزات مالية، ويشكل جزءاً مسانداً وأساسياً في بعض الأحيان لهيكل سوق الأعمال الذي يستعين به لأعماله وأنشطته المختلفة.
بعضهم يحتج على شمولهم الضريبي، بأن ما يقومون به هو جهد شخصي، ولا أدري ما هو المنطق الذي يستندون إليه طالما أنهم يقدمون خدمات يتقاضون عليها أجراً، مثلهم مثل الإعلامي والطبيب والمحامي والمستشار، فكلهم يقدمون الخدمات بناء على جهودهم وقدرتهم الشخصية.
وآخرون يحتجون بأن كثيراً من أعمالهم لا يتقاضون عليها أجراً وهي بالمجان، وهذا أمر لا خلاف عليه ولا يوجد في الضريبة ما يستوجب الاستحقاق طالما كانت هناك فواتير تشير إلى مجانية العمل.
الأساس أن يكون هذا القطاع وغيره على سكة المسار الضريبي الصحيح، حينها لن يدفع ضريبة وفق تقديرات، بل بناءً على فواتير صادرة منه ومن غيره من القطاعات، هنا ستتحقق العدالة في الشمول.
نحن هكذا، نطالب دائماً بعدالة التنفيذ في القرارات وخاصة المالية منها، وعند التطبيق الفعلي وشمولنا بها نكون أول المحتجين والمبررين لرفض التنفيذ، لكن في آخر الأمر القانون هو القانون، وهو مسطرة على الجميع.