سلسلة حوارات مع الله-حوار رقم-3 (لماذا خلق الله آدم وزوجه والجنة والنار؟!).
إستمرارا للحوار مع الله رقم-2، فلنسأل الله لماذا خلق الجنة والنار من قبل خلقه للجن وقبل خلقه لآدم عليه السلام وزوجه؟ هل خلقتهما يا ربي لأنك عندك النية المسبقة ان تدخل بعض الجن ممن يطيعونك الجنة والبعض الآخر ممن يعصونك النار؟!، كما أوضحنا في حوارنا معك يا خالقي رقم-2. ولكن نسألك سبحانك، هل ارسلت للجن من بينهم رسل وأنبياء يهدوهم إلى طاعتك ويحذرونهم من معصيتك وعذابك؟، وتركت بعد ذلك للجن الخيار بين الهداية أو العصيان لأنك خلقتهم بعقل يفكرون به وبغريزة أيضا للتكاثر؟. ويتضح لنا أيضا يا ربنا أنك خلقت الجنة والنار قبل خلق آدم وزوجه وذريتهما من بعدهما وعندك النية المسبقة كذلك لتدخل من تبع هداك منهم الجنة ومن عصاك النار وتركت الخيار لهم لأنك خلقتهم كذلك كالجن بعقل للتفكير وغريزة للتكاثر والدليل (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة: 38 و 39)). وقد أعلمتنا انك أرسلت آلاف الرسل والأنبياء لهداية بني آدم وتركت لهم الخيار بين الهداية والعصيان (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِىَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ (غافر: 78)). لقد أنزلت يا ربي آدم وزوجه وإبليس إلى الأرض، ويتبادر للذهن الأسئلة التالية: أولا، هل خلقت لإبليس زوجا له من نفسه مثل ما خلقت لآدم للتكاثر؟ أم أنزلت مع إبليس زوجه من الجن الذين ادخلوا الجنه معه ممن لم يعصوا الله بعد معركة الملائكة معهم كما أوضحت في وحواري رقم-2؟ أم بقي في الأرض بعض الجن ذكورا وإناثا بعد معركة الملائكة معهم؟ فتزوج إبليس منهن؟!. وقد تبت على آدم بعد أن أنزلته وزوجه على الأرض (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ، فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (36 و 37)).
فالمقصود بذرية آدم وزوجه هم أولادهم الذين أنجبوهما عن طريق الزواج الذي سنه الله بينهما واوضحه الله لآدم عن طريق الحيوانات وسنه ايضا بين أبنائهم وبناتهم في بداية الحياة على الأرض للتكاثر. كما يا ربي انت الذي سننت سنة القتل بين بني آدم كما سننت سنة القتل سابقا بين الجن (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة: 30)) وذلك عندما قتل قابيل اخوه هابيل من أجل الفوز بالأخت الأجمل للزواج منها، حيث كان الزواج بين الأبناء والأخوات من بني آدم في بداية الحياة على الأرض كما اسلفنا مسموحا به للتكاثر (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة:30)). فإسمحلي يا ربي ان أسألك ايضا هل سننت القتل بين بني آدم لأنك في نيتك ان يكون هناك قتل بين بني آدم حتى قيام الساعة؟! وأرسلت الغراب ليعلم قابيل وبني آدم من بعده عملية الدفن وهذا من كلامك لنا في كتابك العزيز (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚقَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (المائدة: 31)). ولكن في نفس السياق عن الجن والإنس قلت يا ربي (وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات: 56))، فما دمت يا ربي قد خلقت الجن والإنس ليعبدونك، فلماذا سننت القتل وسفك الدماء حتى وقتنا الحاضر بينهم؟!. أمر محير والذي إيمانه بك ضعيف تجعل إيمانه يتزعزع بك لما أسلفنا من تساؤلات. ولكن الذي يجعلنا ان نتمسك بإيماننا بك هو قولك ( لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ (الأنبياء: 30))، أي لا يحق لنا ولا لأي مخلوق من مخلوقاتك أن يسألك عما تفعل ويحق لك ان تسأل جميع مخلوقاتك عما يفعلون. فأين الديموقراطية في هذه الآية وفي تعاملك مع خلقك؟!، هذا يجعلنا ان لا نتعجب فيما فعله ويفعله بعض الديكتاتوريون في العالم منذ سنين طويله في شعوبهم وحتى وقتنا الحاضر، ربما إعتمدوا على التفسير الخاطيء لهذه الآية في وضعهم أنفسهم مكان الله كما قال فرعون سابقا (فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلْأَعْلَىٰ (النازعات: 24))، والعالم مليء بالفراعنة هذه الأيام. فلا يسعنا إلا أن نقول حسبنا ونعم الوكيل.