عل فاضي

يوسف العبادي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/04 الساعة 13:25
أكثر كلمة أسمعها حالياً أينما حللت.
تكتب مقالاً أو خاطرة تحاول أن تُقومَ فيها إعوجاجاً أو تبتغي إصلاحاً فيراكَ زميلاً أو صديقاً معلقاً بإن لا "إتغلب حالك عل فاضي!".
تجلس في مجلس فيبدأ المتحدثون بالتذمر من صعوبة الحياة في ظل الغلاء الفاحش وعدم القدرة على تأمين أساسيات الحياه وزيادة الهوة بين طبقات المجتمع فالفقير يزداد بئساً وفقراً و الغني يزداد غناً و فحشاً، فتحاول أن تدلو بدلوك عن الأسباب التي أدت إلى وصولنا لهذا الحال من تصرفات المسؤولين وتعاملهم مع الرعايا كبقرةٍ حلوب حتى يحافظو على نسبة الماء المدفأ في برِكِ سباحتهم و ال ( view ) تبع شبابيك غرفهم المطلة في لندن وجزر أوروبا، فيباغتك أكبر الحضور عمراً " خالو لا أتغلب حالك كلو عل الفاضي !" فيهز الجالسون رؤوسهم مؤمنين على كلامه فيتحول الحديث بقدرة قادر عن الطقس و الشوب وثوب الجدة طروش!
يأتي زملائك يشتكون من ظلم مرؤوسيهم وظروف العمل التي تشبه إلى حدٍ بعيد أيام العبودية حيث لا راحةً و لا تقدير ولا زيادات على الرواتب الخ الخ..فتبدأ بشرح أنه لا يمكن لإحدٍ أن يساعدهم أو ينشلهم من هذا الواقع الكريه غير أنفسهم عن طريق تنظيم أمرهم من خلال جسم متكامل يُعنى بشؤون عملهم و إنتخاب ممثلين للدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم وعدم إتاحة المجال لإداراتهم بالتغول على حقوقهم بحيث يكونوا قوةً حقيقية يعطون الحق و يطالبون بالحق، فيبادرك معظمهم بإنه (عل الفاضي) لا اتوجع راسك (شو بدك بهل سوالف !).
تحاول أن تقدم إقتراحاً يقضي بأن مستوى الإنحدار الأخلاقي قد وصل مراحل مخيفه في المجتمع من بذاءة اللغه و رمي المخلفات في الشوارع و غياب رقابة الأهل على أولادهم و بناتهم و ترك مسؤولية تربيتهم للشغالات و التلفونات و التك تك مما خلق جيلاً مائعاً متكاسلاً غير منتج و لا مفكر ( لا للسدة ولا للهدة) فوجوباً العودة إلى دور العائلة الأب و الأم الحقيقيين و خلق جيل ربما يوماً ما يتذكر بإن لنا قبلةً مغتصبةً و أن أفاعي الأرض وخنازيرها يجثمون على صدور أهلنا في فلسطين ، و أن الأرض كل الأرض هي لنا، و أنه مهما كثر العملاء و الخونه فإن مصيرهم حتماً إلى مزابل التاريخ،
فيبتسم المستمع إليك و يتمدد في مقعده واضعاً يدهُ على كرشه و محركها بشكل دائري قائلاً( يزم فكك من هل سوالف كلو عل فاضي !)
يبحُ صوتك وأنت تحاول أن تُفهم الناس من أصحاب القرار أو الرعية بأن أكبر خطر على أي مجتمع أو دولة أو كيان هو تحييد القادة مطاردتهم و ملاحقتهم أينما ثُقِفوا والتضييق عليهم بحجة أن رأيهم لا يوافق ( الجماعة) الذين لا يتوانون عن تصنيف الناس بين (موالي) و (معارض) و توزيع صكوك الغفران الوطنية على حسب أهوائهم.
فتباغتك رسالةً من فاعل خير بأن( سد حلقك) متبوعةً بنصيحة من الوسيط بإنه ( أقعد عاقل و طعمي ولادك صدقني اللي بدهم اياه بصير، و عل فاضي!).
تنئا بنفسك و تحاول فعلاً أن تقنتع بإنك تجدف عكس التيار و إنه من الجنون بمكان أن تحاول ( تقيم الدين في مالطا) فترجع إلى قرائاتك و كتبك كي تعيش و لو ساعات قليله أو تسرق لحظاتٍ تحلق بها بخيالاتك علَ و عسى أن يرتاح فكرك و يهدأ فؤادك، فيباغتك متطفلٌ سائلاً" ماذا تقرأ" فتحاول ان تشرح له مغزى الرواية و هدف الكاتب و روعة الكلام الخ الخ.. فيتجشأ محدثاً صوتاً مزعج و يقول لك بكل بلادة" عل الفاظي والله يا صاحبي ، البلد هاي القاري و ا..اري واحد!....
شايفين علي كيف!
اه و الله ما بزل عليكوا..
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/04 الساعة 13:25