الحرب القادمة هي حرب التكنولوجيا

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/04 الساعة 01:39

يبدو أنه لن تكون هناك حرب عالمية ثالثة لإن الدول العُظمى تدرك جيداً الأضرار السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي لحقت بها لعقود طويلة جراء الحربين العالميتين الأولى والثانية, فالسيطرة على العالم لن يكون إلا بالسيطرة الإقتصادية ومفتاح الإقتصاد الآن هو التقدم التكنولوجي وما تملكه الدول من شركات ومصانع تكنولوجية تمكنها من التفرد بالإبتكارات والإختراعات في مجالات الحياة المختلفة العسكرية والإقتصادية والتكنولوجية, والكوادر البشرية المؤهلة وتوفير البنية التحيتة اللازمة والدعم اللوجستي وتأمين خطوط النقل والشحن ل?مان وصول الصادرات لجميع أنحاء العالم بأسرع وقت وأقل كلفة, وهذا لا يأتي إلا بالتحالفات الإقتصادية والتكامل والبحث العلمي لتسهيل جميع الإجراءات والدخول إلى عالم التكنولوجيا الجديد.

إن التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة ارتفع في الفترة ما بين كانون ثاني ونيسان من العام الجاري بنسبة 10,9% ليصل إلى 245,73 مليار دولار, فالصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة إزدادت بنسبة 14,9% لتصل إلى 184,92 مليار دولار، فيما ارتفع حجم الواردات الأمريكية إلى الصين بنسبة 0,3% فقط ليصل إلى 60,81 مليار دولار, وبلغ الفائض التجاري للصين في تجارتها مع الولايات المتحدة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري إلى 124,11 مليار دولار بعد ارتفاعها بنسبة 23,2% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

تشمل الواردات الأمريكية الرئيسية إلى الصين فول الصويا والرقائق الدقيقة وغاز البترول المسال والنفط وفحم الكوك وسيارات الدفع الرباعي والقطن والذرة والنحاس وخام النحاس، وتشتري الولايات المتحدة من الصين الهواتف الذكية والمعدات الخاصة وأجهزة الكمبيوتر وبطاريات الليثيوم أيون والمنتجات البلاستيكية والكاميرات الأمنية والأجهزة المنزلية والأحذية ولعب الأطفال، وفي عام 2020 بلغ حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة 586.72 مليار دولار بزيادة 8.3%، كما نما بنسبة 28.7% في عام 2021 إلى 755.64 مليار دولار.

لقد بدأ التنافس الآن بوضوح بين الدول العظمى وخصوصاً بين الصين والولايات المتحدة في المجالات التكنولوجية التالية:

1) شركات الإتصالات العالمية التي تقدم تقنية الجيل الخامس 5G والجيل السادس 6G, حيث أن المنافسة بلغت أوجها بين الصين والولايات المتحدة.

2) تصنيع وسائل النقل البرية والبحرية والجوية صديقة البيئة ومحاولة الإستغاء عن الوقود الإحفوري كي لا يكون سلاح بيد الآخرين إضافة إلى الطاقة النظيفة, فإنتاج السيارات الكهربائية بدأ بتفوق صيني لهذا العام كجودة ومتانة, حيث يتوقع العالم إنتاج 25 مليون سيارة كهربائية بنهاية عام 2022 نصفهم سيُنتَج في الصين.

3) منصات التواصل الإجتماعي Tik Tok الصينية والتي يبلغ عدد مشتركيها في العالم 1.2 مليار شخص خلال 5 سنوات بينما إستغرق شركتي Instegram وFacebook الأمريكيتين 10 سنوات للوصول لنفس العدد من الأشخاص.

4) شركات التجارة الإلكترونية مثل مجموعة علي بابا Alibaba الصينية التي تأسست عام 1999 وقد وشركة Amazon الأميركية والتي تأسست عام 1995 حيث تعتبران أهم شركتين عالميتين.

5)تطوير الأسلحة لتصبح أكثر تقدما بإستخدام التكنولوجيا من الذكاء الإصطناعيAI والواقع المعززAR والواقع الإفتراضي VR،والتقنية الليزرية وأنظمة توجيه الصواريخ والطائرات المسيرة بدون طيار بالتحكم للوصول إلى الأهداف بدون التدخل البشري وبوقت قياسي.

6) المدن الذكية المستدامة وحلول التغير المناخي والتي تعاني منه عواصم معظم دول العالم.

7) الابتكارات والإبداعات وبراءات الإختراع وكيفية الوصول إلى المبتكرين والمدعين والإستفادة منهم في مراكز الإبداع والتطوير والشركات التكنولوجية, لقد زادت نسبة براءات الإختراع من الشركات الصينية لعام 2021 بنسبة 24% عن العام الذي قبله.

8) تصنيع الرقائق الإلكترونية والتي تُعتبر عصب التكنولوجيا.

9) الأمن السيبيراني بحماية الدول من الهجمات السيبيرانية وتحصين مؤسساتها ومراكزها الحساسة العسكرية والمالية والصحية والتعليمية والخدماتية من الإختراق وحماية فضاءآتها, وكذلك التأكد من إستخدام برامج الحماية لمنع الإختراقات بشتى أنواعها وتجنب التجسس من الحصول على البيانات والمعلومات الهامة.

10) غزو الفضاء وكيفية الإستفادة منه في المجالات العسكرية والعلمية والأبحاث الجديدة وإمكانات تطوير الصناعات، وتقديم اختراعات يمكن توظيفها مباشرة في خدمة الإنسان، ومنها إستخدام مدار الأرض لإستقبال المئات من الأقمار الإصطناعية، التي كان تأثيرها كبيراً في الإنسانية، إذ اختصرت المسافات بين البشر عبر شبكة الإتصالات المتطورة، وأضافت الكثير إلى معرفتهم بالأرض كتحسين توقعات الطقس ومراقبة وإستكشاف الثروات الأرضية والمساعدة في الملاحة والإنقاذ والصيد.

وأنتجت هذه الرحلات تطبيقات في حقول تكنولوجيا الحاسوب الإلكتروني ومواد الإستهلاك والطب والبيئة وتحسين الإنتاجية الصناعية والمواصلات وغيرها، كآلات كشف الدخان وشاشات التلفزيون المسطحة والبطاريات الطويلة الإستخدام وأجهزة قياس التلوث وتطهير المياه وأنظمة معالجات طبية مختلفة بالليزر لسرطان الثدي وأمراض القلب، يمكن الوصول إليها من خلال أبحاث مباشرة بشكل أرخص وأسرع بكثير. وكذلك تطوير الأبحاث الفضائية عبر نشر التلسكوبات الفضائية التي تسبر أعماق الفضاء التي أدّت بدورها إلى إكتشافات جديدة لم يكن الإنسان يتوّقع الوصول?إليها في هذه الفترة القصيرة.

11) التقنيات العالية في الزراعة لسد النقص في المحاصيل الزراعية وإستخدام الزراعة الرقمية ولاسيما أن سكان الكرة الأرضية بتزايد مضطرد.

12) الأبحاث الطبية في مجال الأوبئة ومكافحة الأمراض.

13) زيادة عدد العاملين في المهن المستقبلية وتالياً أهم 10 مهن ستُطلب حتى عام 2030 مثل تحليل البيانات,مهندس الروبوتات,مبرمج التطبيقات, كتابة محتوى الويب,الأمن السيبيراني, حماية البيانات, عالم الإوبئة, تحسين محركات البحث, مدرب الرياضة الإلكتروني وأخيراً تصميم واجهة المستخدم.

إن الدولة التي تتفوق بالتقدم التكنولوجي هي التي ستمتلك إقتصاداً قوياً وناتجاً إجمالياً عالياً, وبالتالي يكون لديها نسب نمو مرتفعة وثابتة وليس عندها بطالة وستحقق الرفاه لشعوبها وتتسيد العالم.

mhaddadin@jobkins.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/04 الساعة 01:39