سهر (القاصرات) ليلاً بين الانحراف والحرية وغياب الرقابة

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/18 الساعة 10:07

مدار الساعة - امام المولات التجارية وفي المقاهي وفي شوارع ومناطق عدة ولساعات متأخرة من الليل تتكرر الصورة يوما بعد يوم خاصة في فصل الصيف، فتيات لم يبلغن سن الثامنة عشرة بعد، يبقين خارج منازلهن برفقة صديقاتهن تحت مسمى «الترفيه والحرية».

وفي مكان آخر ليس ببعيد عن مناطق عمان الغربية تحيا فتيات تتراوح اعمارهن بين 12- 17 عاما في دار أنشئت لحمايتهن ورعايتهن بعد ان تعرضن لسلوكيات خاطئة تندرج تحت عنوان «الاعتداءات الجنسية والعلاقات غير الشرعية» وجميعها لا تتماشى مع اعمارهن وطفولتهن لكنهن ضحايا لغياب الرقابة والرعاية الاسرية التي تعد خط الدفاع الاول في حياتهن ووسيلة امام تغييرات الحياة وتسارع وتيرتها التي تلقي جميعها بمخاطر كبيرة عليهن وعلى الاطفال بشكل عام.

وان كان الامر غير مرتبط ارتباطا مباشرا ببقاء فتيات صغيرات بالعمر خارج منازلهن لساعات متاخرة وبين تعرض الفتيات بهذا العمر للاستغلال واقامة علاقات غير شرعية لا يدركن نتائجها فان الرقابة الاسرية والرعاية المستمرة من قبل الوالدين لبناتهما واعادة تقييم مفهوم الحرية التي تبدأ بمواقع التواصل الاجتماعي وانتهاء ببقائهن خارج منازلهن لفترات طويلة سيسهم الى حد كبير بتجنيبهن تجارب مؤلمة هي نتاج غياب الحوار وعدم المبالاة والمتابعة من قبل الأسر لبناتها في مرحلة عمرية تنساق بها الفتاة الى مشاعرها متناسية عقلها او مغيبته الى وقت تدفع به ما اقدمت عليه من عمرها والامها.

دار رعاية الفتيات الصيفية «الخنساء» سابقا التي اسست في عام 1973 وتتبع لوزارة التنمية الاجتماعية باشراف وتعاون جمعية ضحايا العنف الاسري تستقبل هؤلاء الفتيات اللواتي تعرضن لاعتداءات جنسية او اقمن علاقات غير شرعية او تعرضن لعنف شديد فيلحقن بالدار لحمايتهن خاصة وان غالبية اسرهن لا تزال تنظر اليهن بالمذنبات وتحملهن مسؤولية اي علاقة غير شرعية او اي اعتداء عليهن سواء كان من داخل الاسرة او خارجها.

وتبعا للناطق الاعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط فان الدار شهدت ازديادا في اعداد الفتيات من عام 2013 الى عام 2015 حيث بلغ عددهن في عام 2013 «42» فتاة وارتفع عام 2014 ليصل الى «55» فتاة وفي عام 2015 وصل الى « 79» حالة ليرتفع العدد العام الماضي ويصل الى «118» حالة تعاملت معها الدار مما يعتبر مؤشرا على تنامي هذه القضية التي يكون ضحيتها فتيات صغيرات لم يبلغن بعد سن الثامنة عشرة.

يقول الرطروط ان الفتيات يتم ادخالهن للدار ليس بسبب فعل قمن به مخالف للقانون انما بهدف فعل واقع عليهن ما يتطلب توفير الرعاية والحماية لهن حسب ما نص عليه قانون الاحداث لحين زوال اسباب وعوامل الخطورة ويتمكن من الخروج للمجتمع والعودة لاسرهن.

واضاف ان الدار التابعة للوزارة توفر لهن كل ما يحتجنه من رعاية واهتمام وارشاد اجتماعي ونفسي وتعليم وتدريب على مهن معينة بحيث يمارسن حياتهن بشكل طبيعي الا ان ابتعادهن عن اسرهن وعدم تقبل بعض الاسر لبناتها يبقى الامر الاصعب بحياتهن والتي تسعى الوزارة بالتعاون مع شركائها في هذا المجال لاعادتهن الى اسرهن والمجتمع.

حالات عديدة بالدار جميعها عنوانها واحد «تجارب مؤلمة وانتهاك لبراءة وطفولة الفتيات القاصرات واحمال ناتجة عن علاقات غير شرعية او اعتداءات مصيرها استمرار لالام اكبر يتحملها الطفل المولود لغيابه عن امه ولبقائه يتنقل بين دور الرعاية الاجتماعية يدفع هو ايضا ثمنا باهظا من حياته ومستقبله دون اي ذنب اقترفه.

ولعل غياب الرقابة الاسرية المؤلم امام بعض حالات هؤلاء الفتيات يؤكد حجم الابتعاد من قبل الوالدين عن بناتهن وتركهن دون متابعة افضت لوصولهن لهذا الحال، فتاة بالدار تعرضت لاعتداء من قبل شقيقها ووقوع الحمل لمدة سبعة شهور لتكتشف الام بعد ذلك بانها حامل حيث كانت تعتقد ان ابنتها تزداد بدانة فقط.

وفتاة اخرى تم الاعتداء عليها من قبل احد اقارب الاسرة ولم تعلم الاسرة بذلك الا حين ظهرت عوارض الحمل على الفتاة في حين لم تضع الاسرة ضوابط على طبيعة العلاقات التي تجمع الفتيات ايضا بالاقارب لتكون الفتاة ضحية نفوس مريضة تستغلها في ظل غياب الحوار والصراحة بين الفتاة واسرتها وخوفها من الافصاح عما تعرضت اليه.

علاوة على العلاقات غير الشرعية التي تقوم بها الفتاة ولا تعلم عنها الاسرة شيئا لتتفاجا بحملها وتبدا بتحميلها كامل المسؤولية وتهددها وتعرض حياتها للخطر كونها ستبقى في عيونهم المذنبة.

ويرى اخصائيون اجتماعيون ان ما يشهده المجتمع من تغيرات اجتماعية وفكرية واقتصادية ينعكس على طبيعة السلوك الانساني بشكل كبير مما يتطلب رقابة اكبر من قبل الاسر على ابنائهم وبناتهم بما يضمن لهم عدم التعرض لسلوكيات خاطئة تترك اثارا كبيرة على حياتهم.

في الوقت الذي ترى به اخصائية تربية طفل روان المصري ان الرقابة الاسرية والمتابعة من قبل عدد من الاسر باتت غائبة عن حياة الفتيات والاطفال.

واضافت ان مشاهد تتكرر يوميا لفتيات لم يبلغن الثامنة عشرة بعد في المقاهي والمولات لساعات متاخرة ما يعني امكانية تعرضهن لسلوكيات خاطئة من قبل الاخرين خاصة من قبل الشباب المراهقين الذين يقضون معظم اوقاتهم بالمولات والشوارع والمقاهي ويسعون لاقامة علاقات مع الفتيات كنوع من اثبات الرجولة لديهم والتباهي امام اصدقائهم.

واشارت انه لا يمكن درء مثل هذه السلوكيات والعلاقات الخاطئة بين الفتيات القاصرات والشباب الا بالمتابعة الاسرية واعادة تقييم معنى الحرية والانفتاح والابقاء على الحوار المتبادل بين الابناء والفتيات واسرهم بما يضمن حمايتهم من اية علاقات غير صحيحة تلحق الاذى النفسي والجسدي بهم فتدفع الفتاة ثمنها بالدرجة الاولى ببقائها بدور الرعاية لحمايتها من المجتمع ومن اسرتها التي تتناسى تقصيرها الكبير بحقها وتحملها ذنب هذه العلاقات ونتائجها.

واكدت المصري ان الرقابة لا تعني منع الحياة للفتاة وابقائها في سجن يسمى المنزل لكنها تبدا من التوعية والحوار والثقة بينها وبين اسرتها وخاصة الامهات اللواتي هن اقرب لبناتهن وتبدا ايضا من عدم السماح للفتيات بهذا العمر بالبقاء خارج منازلهن لفترات طويلة ولساعات متاخرة تتيح لهن التعرض للاستغلال والاستغراق بعلاقات غير شرعية بسبب عدم وعيهن ورغبتهن بخوض تجارب لا تتلاءم مع اعمارهن وادراكهن لمخاطرها بهذا العمر.

فالفتيات اللواتي يقضين ايامهن اليوم بدار للرعاية حماية لحياتهن من نظرة مجتمع واسر تحملهن الاما اضافية لما تعرضن اليه هن حصاد ونتاج غياب متابعة ورقابة اسرية كانت يجب الا تغيب وان تبقى حاضرة بعيون وفكر كل ام واب يمنحون الحرية بلا حدود او يغيبون الحوار والثقة بين افراد اسرهم ليحل مكانها الخوف والقلق والانسياق بعلاقات وسلوكيات خاطئة تدفع الفتاة ثمنها في مجتمع وفكر لا يزال يرى الذنب مرتبطا بالفتاة فقط.

الراي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/18 الساعة 10:07