متى؟!

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/03 الساعة 01:41

.. نجحت أوروبا في تصدير قيمها, اخلاقها, نجحت في اقناع العالم بقبول (المثليين).. نجحت في بسط العلمانية, في تصدير مؤسسات المجتمع المدني, في فرض القوانين الخاصة بالمرأة.. نجحت في تفسيخ كل القيم الحية, لكنها فشلت في تصدير باخرة قمح من أوكرانيا..! الجيش الاوكراني كان من أول الجيوش التي دخلت العراق في العام (2003), وحين قام بوتين بالدخول إلى أوكرانيا, تنفس الصعداء بعد أن قررت أميركا, زيادة عدد قواتها في وارسو.. تخيلوا لقد ارتعبوا إلى الحد الذي جعلهم يتوسلون عند اميركا... والطائرات الفرنسية كانت تحوم في سماء ليبيا كيفما تشاء, ولكن الميراج بقيت جاثمة في مربضها لحظة غزو أوكرانيا.. وبريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس, اعادت انتاج راديو صوت العرب من جديد, وقررت (البي بي سي) أن تستعيد زمن احمد سعيد, واكتفت بالردح.

المشكلة أن كل قيم النزاهة, والأخلاق الأوروبية انتحرت تماما.. حين قرروا سرقة رؤوس الأموال الروسية في بلدانهم, بحجة محاصرة (بوتين).. ونحن نقاتل لأجل اقرار قانون للطفل! لم نسأل انفسنا يوما.. لماذا بعد هذه الهزيمة المرة, وبعد ان وصلت ألمانيا لمرحلة تتسول فيها الغاز.. ولا تعرف هل ستصل لشتاء آمن أم لا, نصر على استيراد قيمهم.. وما زلنا ندافع عنهم, ونصف قوانين الطفل بالتقدمية.

قصة أوكرانيا, ليست في تدمير الدبابات الروسية, ولا في اسقاط طائرات بوتين.. ولا في نفاد الصواريخ الذكية, فليقم (زيلنسكي) بتدمير كل الجيش الروسي.. هذا لا يعني شيئا أبدا, القصة تكمن في أن أوروبا ومعها اليابان وفوقهم أميركا لم يتجرأوا على اطلاق طلقة واحدة باتجاه الدبابات الروسية.. لهذا قفز الزعيم العجوز بايدن إلى افغانستان واغتال (الظواهري).. اختاروا قصة منسية, واختاروا خصما بات مثل ذئب جريح في غابة يبحث عن نهاية له.. اختاروا تنظيما أصيب بالإعياء الكلي والشلل.. كي يغطوا على فشل بنادقهم ومدافعهم أمام بوتين.

هل يجرؤ بايدن على اغتيال قائد العمليات الخاصة الروسي في (خاركوف)؟ هل يجرؤ على اغتيال قائد سفينة حربية روسية في البلطيق؟ حتما لا.. ولكن المسلم والعربي يشكل لهم رصيدا من الأهداف المجانية, حين يفشلون في تحقيق الأهداف الأساسية والمكلفة..

متى سنفهم أن العالم تغير, وأن أوروبا صار همها عبور باخرة قمح من بحر البلطيق.. وأن ألمانيا الماكنة الصناعية الضخمة ستواجه اصعب شتاء هذا العام, وأن بريطانيا العظمى استعادت زمن احمد سعيد.. وصارت سياستهم مثل تصريحات راديو(صوت العرب)..

متى سنعرف, أن طائرات الميراج هي الأخرى خائفة, وأن نسب التضخم في فرنسا صارت هي الأعلى.. متى سنعرف أن خطة القوات البريطانية في احتلال البصرة عام (2003) والتي أثارت اعجاب العالم.. وبدأت تدرس في الأكاديميات الحربية, كانت مجرد لعبة لعصابة سطت على مقدرات أمة ولم تكن حربا نزيهة ولم تحمل ذرة شرف واحدة..

متى سنفهم أن ديمقراطيتهم صارت خردة, وقيم الجمهورية الفرنسية تبين أنها مجرد مزحة يخاطبون بها العالم... وأن جان جاك روسو ونيتشه.. وتشارلز ديكنز, لا يختلفون نهائيا عن شاعر نبطي في الربع الخالي.. قرر أن يمضي العمر مع (النوق)..! والمشكلة أن متشدقا ليبراليا نزقا, يدعي الحداثة.. ينافق للسفارات هنا, ويدافع عن قانون الطفل ويصفنا بالرجعيين..! ضحكت على خطاب (بايدن), ضحكت مطولا.. لو كانت اميركا حرة كما يقول, وتريد تصدير ديمقراطيتها للعالم.. لما سمحت على الأقل للجنود الروس أن يخرجوا القوات الأوكرانية من (ماريوبل) مثل القطط, ويصورون ذلهم وهزيمتهم.. لو كان بايدن رئيسا حقيقيا.. لما سمح على الأقل للروس بأن يجربوا كل صواريخهم الذكية في بر وبحر أوكرانيا.. ولكنه مثل أوروبا اصبح عاريا أمام القوة.. وصار يحاول أن يستعيد عظمة اميركا, عبر اغتيال رجل في الثمانين يعاني من كل امراض الدنيا, ولم تعد له قيمة في الحياة.. ولم يعد لتنظيمه وجود..

والمشكلة أننا نقاتل لأجل قانون مستورد من أوروبا.. يسمى قانون الطفل..

متى سنصحوا؟!!

Abdelhadi18@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/03 الساعة 01:41