فايز الفايز يكتب: لماذ يجول السفير الأمريكي في محافظاتنا؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/01 الساعة 11:18
لم تكن العلاقات الدبلوماسية في أي بلد في العالم سوى بروتوكولات سياسية أكثر من كونها دبلوماسية، ومن الطبيعي أن يكون في أي سفارة أو في أغلبها مسمى يدعى المستشار السياسي وهي وظيفة حساسة جدا كون المستشار هو ضابط مخابرات وازن، ولا يتعارض ذلك مع رئيس الملحقية العسكرية التابعة لذات الدولة، وقلما يقوم سفير إحدى الدول بالتجوال بصفة غير رسمية الى مدن ومقاطعات الدولة المستضيفة، ولكن في الأردن الوضع يختلف كثيرا، فهناك سفراء عدة، خصوصا سفراء الدول المانحة، يذهبون لغاية واحدة وهي الوقوف على المشاريع المنفذة من قبلهم وافتتاح جلسة العمل الخاصة بالمشروع، حتى هنا الأمر عادي.
غير العادي فيما يراه الأردنيون من تجوال لبعض من السفراء، ومن أكثرهم حراكا سفراء الولايات المتحدة، فنحن نعاني من "عقدة الشك المرئي"، لا المخفيّ، من قبل السفراء الأمريكيين أو رؤساء البعثات، وأول ما نعلق به هو لماذا يتدخل السفير في الخصوصية الشعبية أو التحدث عن بعض القوانين أو التركيز على دعم تشغيل المرأة ولنا الحق بذلك، كما سبق وحدث مع السفيرة السابقة "إليس ويلز" من تصريحاتها عند زيارتها لإحدى المناطق قبل سنوات، ووقوفها مراقبة على جسر الملك حسين على رأس عدد من اعضاء البعثة ووزراء أردنيين، وزيارتها للأضرحة في الكرك، قبل أن تغادر عمان دون وداع، وتترك فراغا طويلا، فيما رأت الدولة العميقة أن تصريحاتها خرجت عن السلوك الدبلوماسي.
السفير المفوض هنري ووستر، هو واحد من السفراء العالمِين بكل ما يجري في المنظومة الرسمية، ولهم أعين يرون فيها وآذان كبيرة يسمعون بها، وعندما يذهب الى أي محافظة أردنية يأتيها معه حزمة مشاريع أو التأكيد على أن سير العمل جارٍ على ما يرام، وليس كل ما قد يقوله يؤخذ على أنه خارج سياق التهذيب الدبلوماسي، بل ما لا نعرفه لسنوات مقبلة بعيدة، يعرفه السفير ويحلله ويرفع به الى خارجيته، وقد تدخل البرقية لملفها في الخارجية بواشنطن ويستفيدون من تفاصيلها ونحن جميعا لا ندري ما الذي حدث.
في تاريخ الأردن المضطرب في عام 1970 والأحداث التخرييبة جرّاء الانفلات الأمني من قبل صغار التنظيمات التي هددت وحاولت زعزعة استقرار النظام، كان للسفير الأمريكي حينها" هاريسون سيمز" موقف ضبابي،أدى ذلك الى طرده بعد فترة وجيزة، ولم يقطع الشك باليقين حول وجود الدولة الأردنية برمتها،بعد ثلاثة عشر عاما من تحالف الأردن مع الولايات المتحدة، وطلبت الخارجية الأمريكية تقدير موقف من سفيرها بعمان، فكان السفير يبرق لواشنطن بأن الدولة الأردنية باتت مهددة تماما والمنظمات تسيطر عليها الأرض، يقصد عمان، ومن الضروري التعامل مع قيادة فتح كبديل محتمل، ولكن الدولة العميقة حقاً في واشنطن طلبت من مدير محطتها في عمان وصديق الملك حسين "جاك أوكنيل"، الذي خالف السفير، بقوله أن من يشكلون تهديدا هم عناصر منفلتة ولا سلطة لياسر عرفات عليهم حتى، والشعب والجيش والنخبة الفلسطينية هم مع النظام، وهو يحتاج لدعم عسكري يواجه به الفوضى العارمة ويحمي حدوده الشمالية من التربص السوري، والنهاية يعرفها الجميع.
اليوم نحن ننظر الى الوجود الأردني وكأنه مهدد في أي لحظة، وهذا جزء من الحرب النفسية التي نجح من أرادها، وأصبح كبار القوم من المتقاعدين عن وظائفهم يتساوون مع رعاة الماشية في أقاصي البادية وبينهم الكثير من المرددين للأقاويل، في مرحلة تحتاج لإعادة تقدير الموقف برمته، وإعادة تفكير بتغييرات واسعة بعيدا عن النمط الكسول والخيارات السهلة التي فاقمت أزمة البلد اقتصاديا وسياسيا، وهذا لا يأتي بقرار من سفير ما أو دولته، بل نحن من نقرر حجم العقوبات علينا، ليس السفير الأمريكي فقط، بل إن عديد من السفراء العرب والأجانب زارو مناطقاً يتتبعون بها مصادر تمويلهم للمشاريع الرأسمالية، وهناك من زاروا مخيمات اللاجئين في الأزرق والمفرق، ولم يزر وزير وازن تلك المخيمات ليدرك ما نواجهه من أزمة قادمة.
وفي العودة للسفارة الأمريكية وسفيرها، وبعد أن أوقفت السفارة أو خارجيتها منح التأشيرات للأردنيين حتى بداية العام القادم، فإن الأصل أن تتولى منظمة الإنماء الأمريكية" يو أس إيد" الإشراف على مشاريعها، وأن لا يخلطوا السياسة بالإجتماع، فلكل بلد خصوصيته فيما يعتقده الشعب، ولا أن يحرض أحدا على تثوير مجتمع النساء للخروج قسرا، ولا التوعية غير الواعية للحرية المنفلتة لدى الشباب المغايرين من الجنسين لتصنيفهم خارج الفطرة الإنسانية، ولا استضافة أشخاص ومنظمات متسولة على حساب الآداب العامة والأخلاق ولا تفعل أي شيء سوى تقريرها السنوي الكاذب، وهذا كله يثير الكراهية.
أمريكا ستبقى مرابط خلينا في النهاية،(...) والدعم المالي من هناك يجب أن يخصص لدعم الطبقات الفقيرة من خلال مشاريع ربحية لهم دون التدخل في البنية الاجتماعية، وإلا سيبقى المراقبون يؤشرون بأصبع الإتهام لكل حركة يقوم بها السفير حتى لو صلة الظهر أمام أضرحة الشهداء.
Royal430@hotmail.com
غير العادي فيما يراه الأردنيون من تجوال لبعض من السفراء، ومن أكثرهم حراكا سفراء الولايات المتحدة، فنحن نعاني من "عقدة الشك المرئي"، لا المخفيّ، من قبل السفراء الأمريكيين أو رؤساء البعثات، وأول ما نعلق به هو لماذا يتدخل السفير في الخصوصية الشعبية أو التحدث عن بعض القوانين أو التركيز على دعم تشغيل المرأة ولنا الحق بذلك، كما سبق وحدث مع السفيرة السابقة "إليس ويلز" من تصريحاتها عند زيارتها لإحدى المناطق قبل سنوات، ووقوفها مراقبة على جسر الملك حسين على رأس عدد من اعضاء البعثة ووزراء أردنيين، وزيارتها للأضرحة في الكرك، قبل أن تغادر عمان دون وداع، وتترك فراغا طويلا، فيما رأت الدولة العميقة أن تصريحاتها خرجت عن السلوك الدبلوماسي.
السفير المفوض هنري ووستر، هو واحد من السفراء العالمِين بكل ما يجري في المنظومة الرسمية، ولهم أعين يرون فيها وآذان كبيرة يسمعون بها، وعندما يذهب الى أي محافظة أردنية يأتيها معه حزمة مشاريع أو التأكيد على أن سير العمل جارٍ على ما يرام، وليس كل ما قد يقوله يؤخذ على أنه خارج سياق التهذيب الدبلوماسي، بل ما لا نعرفه لسنوات مقبلة بعيدة، يعرفه السفير ويحلله ويرفع به الى خارجيته، وقد تدخل البرقية لملفها في الخارجية بواشنطن ويستفيدون من تفاصيلها ونحن جميعا لا ندري ما الذي حدث.
في تاريخ الأردن المضطرب في عام 1970 والأحداث التخرييبة جرّاء الانفلات الأمني من قبل صغار التنظيمات التي هددت وحاولت زعزعة استقرار النظام، كان للسفير الأمريكي حينها" هاريسون سيمز" موقف ضبابي،أدى ذلك الى طرده بعد فترة وجيزة، ولم يقطع الشك باليقين حول وجود الدولة الأردنية برمتها،بعد ثلاثة عشر عاما من تحالف الأردن مع الولايات المتحدة، وطلبت الخارجية الأمريكية تقدير موقف من سفيرها بعمان، فكان السفير يبرق لواشنطن بأن الدولة الأردنية باتت مهددة تماما والمنظمات تسيطر عليها الأرض، يقصد عمان، ومن الضروري التعامل مع قيادة فتح كبديل محتمل، ولكن الدولة العميقة حقاً في واشنطن طلبت من مدير محطتها في عمان وصديق الملك حسين "جاك أوكنيل"، الذي خالف السفير، بقوله أن من يشكلون تهديدا هم عناصر منفلتة ولا سلطة لياسر عرفات عليهم حتى، والشعب والجيش والنخبة الفلسطينية هم مع النظام، وهو يحتاج لدعم عسكري يواجه به الفوضى العارمة ويحمي حدوده الشمالية من التربص السوري، والنهاية يعرفها الجميع.
اليوم نحن ننظر الى الوجود الأردني وكأنه مهدد في أي لحظة، وهذا جزء من الحرب النفسية التي نجح من أرادها، وأصبح كبار القوم من المتقاعدين عن وظائفهم يتساوون مع رعاة الماشية في أقاصي البادية وبينهم الكثير من المرددين للأقاويل، في مرحلة تحتاج لإعادة تقدير الموقف برمته، وإعادة تفكير بتغييرات واسعة بعيدا عن النمط الكسول والخيارات السهلة التي فاقمت أزمة البلد اقتصاديا وسياسيا، وهذا لا يأتي بقرار من سفير ما أو دولته، بل نحن من نقرر حجم العقوبات علينا، ليس السفير الأمريكي فقط، بل إن عديد من السفراء العرب والأجانب زارو مناطقاً يتتبعون بها مصادر تمويلهم للمشاريع الرأسمالية، وهناك من زاروا مخيمات اللاجئين في الأزرق والمفرق، ولم يزر وزير وازن تلك المخيمات ليدرك ما نواجهه من أزمة قادمة.
وفي العودة للسفارة الأمريكية وسفيرها، وبعد أن أوقفت السفارة أو خارجيتها منح التأشيرات للأردنيين حتى بداية العام القادم، فإن الأصل أن تتولى منظمة الإنماء الأمريكية" يو أس إيد" الإشراف على مشاريعها، وأن لا يخلطوا السياسة بالإجتماع، فلكل بلد خصوصيته فيما يعتقده الشعب، ولا أن يحرض أحدا على تثوير مجتمع النساء للخروج قسرا، ولا التوعية غير الواعية للحرية المنفلتة لدى الشباب المغايرين من الجنسين لتصنيفهم خارج الفطرة الإنسانية، ولا استضافة أشخاص ومنظمات متسولة على حساب الآداب العامة والأخلاق ولا تفعل أي شيء سوى تقريرها السنوي الكاذب، وهذا كله يثير الكراهية.
أمريكا ستبقى مرابط خلينا في النهاية،(...) والدعم المالي من هناك يجب أن يخصص لدعم الطبقات الفقيرة من خلال مشاريع ربحية لهم دون التدخل في البنية الاجتماعية، وإلا سيبقى المراقبون يؤشرون بأصبع الإتهام لكل حركة يقوم بها السفير حتى لو صلة الظهر أمام أضرحة الشهداء.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/08/01 الساعة 11:18