الضمان وبيان المؤتمر العام لنقابات العمّال وهذه الملاحظات السبع..!

موسى الصبيحي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/31 الساعة 08:33

استوقفتني سبع ملاحظات لدى قراءتي للبيان الصادر عن المؤتمر العام للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن الذي انعقد يوم أمس، وتتلخص هذه الملاحظات فيما يلي:

الملاحظة الأولى:

أن المؤتمر يطالب باعتماد التأمين الصحي للعاملين والمتقاعدين تحت مظلة الضمان الاجتماعي، ويدعو إلى إقراره بالشكل الذي يسهم في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية للعمال، لكنه لم يوضح رأيه في سيناريو التأمين المطروح من مؤسسة الضمان والذي يعتبر شكلاً منقوصاً ومجتزأً من التأمين الصحي المنشود، حيث يؤمّن التغطية العلاجية داخل المستشفى فقط، كما أنه يُحمّل العامل والمتقاعد معظم إن لم يكن كامل كلفة التأمين دون تحميل أصحاب العمل والحكومة أي جزء من التكلفة، وهذا بالتأكيد يضر بالعمال والمتقاعدين ولا سيما من ذوي الدخول والأجور الضعيفة..!

الملاحظة الثانية:

أن المؤتمر طالب برفع الحد الأدنى للأجور بما يتواءم مع معدلات التضخم، لكنه لم يُشر إلى أن آلاف العمال لا زالوا يتقاضون أجوراً تقل عن الحد الأدنى الحالي للأجور بالرغم من تسجيلهم بالضمان على الحد الأدنى، وأن الكثير من المنشآت لا تزال تعطي بعض عمالها أجوراً تقل عن الحد الأدنى، إضافة إلى وجود حوالي (140) ألف عامل أردني بالكاد تلامس أجورهم الحد الأدنى للأجور وهم مشتركون بالضمان على هذا الحد ولسنوات..!

الملاحظة الثالثة:

أن البيان لم يتطرق مع الأسف لأوضاع السلامة والصحة المهنية المتردّية في الكثير من مواقع العمل، والتي تُعرّض حياة العمال وسلامتهم للخطر، ولعل حوادث وإصابات العمل التي تقع وتُسجّل في مؤسسة الضمان أكبر دليل على هذه الأوضاع والظروف السيئة التي تحيط بالعمال، فما معنى أن تُبلّغ مؤسسة الضمان كل (35) دقيقة عن حادث عمل، وأن تقع وفاة كل يومين ونصف بسبب إصابة عمل، ما يؤشّر أن معدلات حوادث وإصابات العمل في المملكة لا تزال مرتفعة ومقلقة..!

الملاحظة الرابعة:

أن البيان لم يُشر إلى انحيازات أوامر الدفاع والبرامج التي نُفّذت بموجبها من العمل والضمان خلال جائحة كورونا لأصحاب العمل على حساب العمال ومصالحهم، ولعل أكبر دليل على ذلك أنه تم تعليق تأمين الشيخوخة على حوالي (500) ألف مؤمّن عليه، ولفترات تراوحت ما بين 3 أشهر إلى 12 شهراً، مما أدّى إلى تضرّر بعض حقوقهم التأمينية والتأثير على فترات اشتراكهم، وكان يُفتَرَض أن يتم تصميم برامج التدخل بطريقة توازن ما بين مصالح أصحاب العمل ومصالح العمال..!

الملاحظة الخامسة:

يتحدث البيان عن حوار اجتماعي ترعاه وزارة العمل بين العمال وأصحاب العمل، ونحن نتساءل؛ أين هو هذا الحوار، وهل خرج عن كونه شعاراً برّاقاً مطروحاً في أروقة المؤتمرات والندوات منذ زمن دون أن يتم تفعيله بصورة واضحة مُنتِجة على أرض الواقع ودون أن يلمس العمال ثمرة حقيقية له..!

الملاحظة السادسة:

يدعو بيان المؤتمر العام إلى تشديد الرقابة على عمليات تسريح العمال والحد من عقود شراء الخدمات، وهو يعلم أن هناك توسّعاً هائلاً في التوظيف بأسلوب شراء الخدمات سواء في القطاع العام أو الخاص، وأن بعض من يتم توظيفهم بهذا الأسلوب لا يتمتعون بأي حماية وتُبتَسر الكثير من حقوقهم العمالية سواء ما يتعلق بعدم شمولهم بالضمان أو بتقاضيهم ما دون الحد الأدنى للأجور، أو حرمانهم من أي نوع من الإجازات وغيرها.. أما موضوع تسريح العمال فحدّث ولا حرج في ظل غياب شبه كامل لوزارة العمل والنقابات العمالية وعجز كل القوى عن حمايتهم..!!!

الملاحظة السابعة:

سكت البيان تماماً عن أهم اعتداء على حق العمال الشباب بالشمول بتأمين الشيخوخة، فيما كان عليه أن يطالب بشدة وإصرار على إلغاء الفقرة (د) من المادة (4) من قانون الضمان التي تجيز لمؤسسة الضمان استثناء بعض العاملين الذين لا تتجاوز أعمارهم (28) سنة من الشمول بتأمين الشيخوخة في المنشآت التي لا يزيد عدد العاملين فيها على (25) عاملاً..فهذه الفقرة تحرم العامل من احتساب فترة خدمته المحروم خلالها من الشمول بتأمين الشيخوخة من احتساب هذه الفترة في مدة التقاعد.. فكيف يصمت المؤتمر العام لنقابات العمال عن هذا الانتهاك الصارخ لحق أصيل من حقوق العمال الشباب..؟!

مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/31 الساعة 08:33