هناك من يلعب بالنار في العراق .. هل هو غليان ما قبل الانفجار؟

مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/27 الساعة 20:57
مدار الساعة -هل هو غليان ما قبل الانفجار؟ لماذا يوشك العراق على دخول النفق المظلم مجدداً؟
إنها ضبابية المشهد تمنع وتعيق المراقب أن يعطي رأيه بشكل صريح في المشهد السياسي.
وهنا يجب أن نقرأ ما بين السطور في الخطابات للقادة والزعامات السياسية العراقية، وهي على الأغلب خطابات ليست واضحة، وتحمل في طياتها أكثر من رسالة، وحتى الزيارات التي تقوم بها بعض القيادات وإن كانت مبهمة في شكلها فإنها تساهم لو بجزء بسيط وصغير في معرفة شكل الحكومة المقبلة.
في الخبر اليوم ان محتجين اقتحموا المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد، الأربعاء 27 يوليو/تموز 2022؛ وذلك رفضاً لـ"المحاصصة" في العملية السياسية، قبل أن يقتحموا مجلس النواب الذي يشهد تجاذبات سياسية منذ شهور.
وأكدت الوكالة الرسمية للأنباء أن متظاهرين دخلوا المنطقة الخضراء بعد أن احتجوا أمام إحدى بواباتها، وتتسم هذه المنطقة بإجراءات أمنية مشددة وتوجد فيها مقار المؤسسات الحكومية، إضافة إلى البعثات الدبلوماسية الأجنبية.
يبدو ان حبال الفوضى تتعقد يوماً بعد يوم وتذهب في طريق "الأغلبية السياسية" الذي يرفضه الإطار التنسيقي جملة وتفصيلاً، بل هو يصر على "التوافق السياسي"، لأن "الأغلبية السياسية" تعمل بالآلية التي تقول إن الفائز أو الائتلاف الذي يتشكل بعد إعلان النتائج الانتخابية وصاحب العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية هو الأحق في تشكيل الحكومة، ويقابله على الضفة المقابلة "التوافق السياسي" والذي تكون آلية عمله جمع كل الأطراف التي تتفاوت نتائجها الانتخابية في توليفة واحدة، تقوم باختيار رئيس الجمهورية والوزراء والبرلمان.
وبحسب الوكالة الرسمية للانباء فان المتظاهرين أنهم أزالوا عدداً من الحواجز الخرسانية "خلال تظاهراتهم الرافضة للمحاصصة في العملية السياسية".
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو أظهرت عشرات المحتجين العراقيين وهم يدخلون تلك المنطقة الخضراء المشددة أمنياً، وسط هتافات وشعارات، على مرأى قوى الأمن.
في الوقت ذاته، اقتحم محتجون عراقيون مبنى البرلمان؛ تعبيراً عن غضبهم من "المحاصصة السياسية"، بينما وجّه لهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، دعوة إلى "الانسحاب الفوري" من المنطقة الخصراء.
من جانب آخر، يقول الرافضون إن "المحاصصة السياسية" في الحكم منذ عام 2003 هي التي أوصلت البلاد إلى الأزمتين السياسية والاقتصادية الراهنتين.
يُذكر أن العرف السياسي السائد في العراق منذ عام 2033، يقتضي تولي كرديٍّ رئاسة الجمهورية، وشيعي رئاسة الحكومة، وسنّي رئاسة مجلس النواب.
لكن الخلافات بين القوى السياسية تحول دون تشكيل حكومة جديدة، وذلك منذ إجراء إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهو ما زاد من ضبابية المشهد وغضب المحتجين.
انقسام على تسمية مرشح يرأس الحكومة
في السياق، اختار تحالف قوى "الإطار التنسيقي" الشيعية، الإثنين 25 يوليو/تموز الجاري، محمد شياع السوداني (52 عاماً)، مرشحاً لرئاسة الحكومة المقبلة، في خطوة جديدة على طريق إنهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وانقسمت المواقف بشأن ترشيح "السوداني" بين مؤيد ورافض، حيث تطالب الحركة الاحتجاجية والتيار الصدري بترشيح شخصية لم يسبق أن تولت أي منصب حكومي.
كما ترجح الأوساط السياسية في العراق أن يعقد مجلس النواب خلال الأيام المقبلة جلسة مخصّصة للتصويت على 25 مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية.
يشار إلى أن رئيس الجمهورية الجديد هو من يكلف الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً بتشكيل الحكومة، وفق الدستور.
ومن المتوقع أن تُمرَّر حكومة "السوداني" في مجلس النواب دون عقبات تُذكر، في ظل غياب نواب الكتلة الصدرية الـ73 (من أصل 329) الذين أعلنوا استقالتهم من المجلس في 12 يونيو/حزيران الماضي.
وإثر عدم تمكنها من تشكيل حكومة أغلبية وطنية، من جراء رفض قوى "الإطار التنسيقي"، قدمت الكتلة البرلمانية للتيار الصدري استقالتها من البرلمان، وبات "الإطار التنسيقي" يمتلك أغلبية برلمانية تتيح له تشكيل الحكومة.
اللعب بِكُرة النار
قبل فترة وجيزة كانت الحركة التشاورية بين أقطاب الكتل السياسية شبه منقطعة وليس لها أثر يُذكر في وسائل الإعلام، فماء البحيرة كان ساكناً تقريباً منذ العاشر من تشرين، حتى شغلت وسائل الإعلام والسوشيال ميديا أخبار ومعلومات مفادها أن مرجعية النجف لها دور في عمليات التفاوض بين الكتل السياسية في تشكيل الحكومة المقبلة، ولكن كل هذا تم نفيه من قبل مرجعية النجف المتمثلة في "السستاني"؛ حيث قطعت حبل الشك باليقين، ببيان أصدره مصدر مسؤول في مكتب المرجع بالنجف مفاده أن "المرجعية الدينية ليست طرفاً في اجتماعات أو مباحثات كانت اتصالات أو استشارات بشأن عقد التحالفات السياسية وتشكيل الحكومة القادمة، ولا أساس من الصحة بتاتاً لأي من الأخبار التي تروَّج من قِبَل بعض الأطراف والجهات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".
هذا البيان جاء لغلق كل الأبواب أمام كل الأحزاب السياسية التي تدعي قرابتها ووصلها بالمرجعية، ورفع كارت الإنذار الأخير بوجهها وبشكل علني: أسرعوا بتشكيل حكومتكم فالشعب قد مل مسرحيتكم الهزيلة والبائسة التي لم يعد يصدقها، لأنه جربكم في أكثر من مرة، وفي أكثر من مرة تصرون على تكرار نفس الأخطاء ثم تبدؤون بأن يكيل أحدكم للآخر تهم الفساد وسرقة مؤسسات الدولة والعمل على هدر المال العام.
ما إن بدأت الزيارات بين بعض الكتل باستثناء الإطار التنسيقي، حتى تأججت الأوضاع والتظاهرات ضد نتائج الانتخابات على أبواب الخضراء واحتدام التصادم بينهم وبين قوات مكافحة الشغب ليسقط على إثرها أربعة شهداء وعدد كبير من الجرحى والمصابين، ثم لحقها أن استهدف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بدرون من النوع "الكمكازي"، حسب ما نقلته مواقع إخبارية.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/27 الساعة 20:57