شُكوك واتِّهامات... مَن اغتال 'شينزو آبي'؟
أصداء/وتداعيات اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق.. الأشهر/والأطول خدمة في الحكم شينز وآبي, ما تزال تتردّد في جنبات المشهديْن الياباني/والدولي رغم مرور ثلاثة أسابيع, خاصة ما يتعلّق بـ«الجهات» التي تقف خلف عمل غير مسبوق يابانِيّاً, فضلاً عمّا تتحدث عنه صراحة أو تستبطنه التحليلات/التصريحات/المقالات إن في الولايات المتحدة أم في الصين وروسيا, لأسباب «تاريخية» وأخرى جيوسياسية, في ظل مضي اليابان قدماً في استعادة «إرثها» العسكري, الذي كان محظوراً منذ استسلامها في الحرب العالمية الثانية, وفرض دستور «سِلمي» عليها 1947, يحول دونها وشن الحرب أو امتلاك تشكيلات عسكرية نظامية كما قبل هزيمتها, بل حتى المشاركة العسكرية خارج حدودها. وهذا ما كان «آبي» يعمل على تغييره, رغم نجاحه عام 2015 في استصدار «تشريع» يسمح للقوات اليابانية «قوات الدفاع الذاتي» المُشارَكة في العمليات العسكرية لِـ«الحلفاء».
وإذ قرّرت الحكومة اليابانية إقامة الجنازة الرسمية لرئيس الوزراء السابق يوم 27 ايلول المقبل. فإن اسم شينزو آبي سيبقى يتردّد طوال الشهرين المقبلين وبعدهما, عبر طرح المزيد من الأسئلة إزاء حادث الاغتيال المُسربل بالغموض (حتى الآن), والذي ربما يبقى لغزاً على نحو ما حدث لقادة آخرين قضوا اغتيالاً. كان اغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي في 22/11/1963 أحد أبرز الأحداث الدراماتيكية الأكثر غموضاً في التاريخ المعاصر.
يشوب التوتر العلاقات اليابانية/الصينية نظراً للماضي الاستعماري لليابان والارتكابات التي قارفتها قوات الاحتلال الياباني في الصين, كما في كوريا (قبل الحرب الكورية التي أدت لشطرها). خاصة بعد زيارة «آبي» معبد ياسوكوني 2013 بعد عام واحد من عودته «الثانية» للحكم، ما أثار غضباً عارماً في الصين/والكورِيّتين. كذلك فعل بعد استقالته عام2020، إلاّ أن علاقاته مع روسيا تبدو في حال مختلفة نسبياً/اقرأ مُتذبذبة, رغم «التعزية/الأسف» الذي أبدتهما موسكو «الرسمية» على اغتياله, كذلك ما عكسته تعليقات الصحف/والمواقع/والقنوات الإلكترونية الروسية, على النحو الذي قاله سيرجي لاتيشيف كاتب العمود في Tsargrad وهي (مقالة من ضمن ثلاث مقالات عن الروسية شاركني بها مُترجمَه مشكوراً الدكتور زياد الزبيدي), وجاءت تحت عنوان: لم يعد سرّاً...مَن قتل شينزو آبي ولماذا؟, كال فيها الكاتب الروسي المديح لـ«آبي» قائلاً: شينزو آبي.. سياسي قوي ووطني عظيم دعا إلى التعاون والتفاهم مع روسيا، التي - أضاف - لم يكن يريد أن يصنع منها أداة لسياسة الولايات المتحدة لمناهضة لروسيا والصين، مع تعزيز الإمكانات العسكرية اليابانية...«مُستطرِداً»: لقد كان ناجحاً بشكل لا يُصدّق في الاقتصاد, الذي خرج من الركود وبدأ في التطوّر بوتيرة سريعة مما أعطى العالم مُصطلحاً جديداً «آبينوميكس».
ثم يذهب الكاتب الروسي باتجاه آخر عندما يقول: ليست هناك حاجة لمثل هؤلاء السياسيين في أميركا، في واشنطن وخاصّة في طوكيو. ما الذي يريده لاتيشيف؟... هو يقول بصريح العبارة: ليس هناك أدنى شك حول مَن أمرَ بقتل «آبي». إنها أضاف الدوائر الحاكِمة في الولايات المتحدة. ثم يُورد أمثلة على ذلك, حيث يتهمها بقتل المرشح الرئاسي المُرجح فوزه روبرت كنيدي 1968، بسبب – كما يقول الكاتب الروسي – أن روبرت أراد الانتقام لشقيقه جون, وإعادة التفكير بسياسات بلده. بل يستحضر ابراهام لنكولن الذي اغتيل/1865 ويمضي مُتحدثاّ عن «الفرق» في عمليات الإغتيال الثلاث, حيث انه تم تنظيم كل شيء بشكل «أطرَف» من قِبل العملاء اليابانيين للأنجلوساكسون. مُستخلِصاً النتيجة على النحو التالي: الآن ستُساعد وفاته السلطات التي تسيطر على ثلثي البرلمان، على تغيير دستور البلاد «السلمي» إلى دستور ساموراي, وتحويل اليابان إلى وصي على المصالح الأميركية/والبريطانية في شرق آسيا (ومرة أخرى) والأقواس من الكاتب.. تهديد الصين. ربما - يستطرِد - حتى جرّ طوكيو إلى نوع من مغامرة الكوريل (مجموعة جزر تتبع روسيا منذ الحرب العالمية الثانية, ولا تتوقف اليابان عن المطالبة ببعضها). بالمناسبة... «توقّعت» صحيفة نيويورك تايمز/الأميركية, أن انتصار حزب آبي في الانتخابات الأخيرة (بعد اغتياله) سيمنح اليابان فرصة لتصبح قوة عسكرية مرّة أخرى».
ثمّة مَن يحمل وجهة النظر السابقة ذاتها ويكاد يتطابق مع ما ذهب إليه, وهو ما عبّر عنه موقع نيزيغار/على قناة تيلغرام إذ جاء فيه: في كل الأحوال، ربما لن نعرف الحقيقة قريباً. ولكن هناك نقطتين جديرتين بالملاحظة. في رأينا، لم يكن «آبي» من مُحبي روسيا ولم يعان من روسوفوبيا/أي كراهية الروس. ونتفِق يُضيف مع ديمتري بيسكوف أن «آبي» كان وطنيًا (بالمعنى الجيّد للكلمة) ودافعَ دائماً عن مصالح بلاده على طاولة المفاوضات. ويُمكننا أن نقول على وجه اليقين..أن العلاقات بين موسكو/وطوكيو لن تعود إلى المستوى الذي كانت عليه في عهد..«آبي».
kharroub@jpf.com.jo