الحكمة بأثر رجعي

مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/28 الساعة 02:13
عصام قضماني

ليس في القضايا والمواقف الاقتصادية فقط يخرج مسؤولون سابقون بدفق من النصائح , ففي السياسة والقضايا الإجتماعية والأمنية كانت وما زالت هذه الحكمة تتجلى أيضا.

هل كانت المسؤولية ثقيلة أم هي الخبرة لم تكن صقلت بعد لدرجة منعت ترجمة الأقوال الى أفعال عندما كانوا في المسؤولية ؟.

في الأردن فقط يتحول وزراء سابقون الى خبراء , فيتدافعون الى المنابر وعبر شاشات الفضائيات ويسطرون ما بجعبتهم من تقنيات وتكتيكات على شبكات مواقع التواصل وعلى صفحات الصحف, فهذا يلفت الإنتباه الى حلول للمديونية, وذاك يطلق نصائح في الزراعة وفي المياه والنقل والطاقة وآخر يضع برنامجا للحلول الأمنية.

إذا كان لدينا هذا الخزان الكبير من الخبراء ممن تعاقبوا على المسؤولية , لماذا لا تستفيد منهم الدولة في مجلس للحكماء مثلا !!.

في الأردن لا يحمل الأشخاص إلى كراسي المسؤولية بثقل الأحزاب باستثناءات لا تكاد تذكر, فما يغلف المعارضة أو الموالاة أراء ومواقف شخصية محضة, لا ينظر إليها بدهشة إلا بمعيار تبدل المواقف على الطريق بين الجلوس على الكرسي ومغادرته.

لا يتذكر الرأي العام أن وزيرا أو مسؤولا أول عارض أو غادر موقعه احتجاجا على سياسات محددة , أو استقال إثر خطأ فادح أو لعجز عن تنفيذ برنامجه ولو كان كذلك فيحق له أن يتعرض للأحداث وللسياسات من وجهة نظره أو برنامجه الذي لم يترك لتنفيذه.

أمثلة كثيرة في الساحة عن النقد بأثر رجعي والتي تصاغ في العادة باعتبارها توبة متأخرة بالرغم من أنها لا تقنع الرأي العام, إلا أنها بظن صاحبها فرصة للظهور مجددا بدور جديد أو بديل على مسرح يسعى فيه لحشد أكبر عدد من المتفرجين والمعجبين.

الحكمة بأثر رجعي أقل سوءا من التحلل من قرارات أو سياسات صحيحة أو خاطئة اتخذوها أو كانوا شركاء فيها إبان توليهم السلطة, وقد رأينا كيف أن وزراء أساسيين غابوا عن المواجهة, فخلت المنابر منهم بأعذار مختلقة إبان ما يسمى بالربيع العربي, فلما إنتهى عادوا الى حلبة التأهيل وإعادة الإنتاج.

التشكيك في سياسات الدولة يأتي من أبنائها, ومن هنا تشتعل أزمة الثقة بينها وبين الناس, إذ يكرس مسؤولون كبار أنفسهم عود ثقاب لإشعالها, فيجرمون سياسات ويشككون بأخرى كانوا صناعها أو جزءا منها, وما زالت تصريحات بعضهم ترن في الآذان حول ما ينبغي عمله ولم يفعل.

لا نطلب من رئيس سابق للوزراء أو زراء سابقين الصمت حيال قضايا سياسية أو اقتصادية بحجة الموالاة , فهؤلاء هم خزان أفكار الدولة غير المنظم ولا المستغل لكن ثمة طرائق كثيرة ليس منها إدعاء الحكمة بأثر رجعي . الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/28 الساعة 02:13