من كواليس حوار الملك

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/25 الساعة 07:48

ما يهمنا اليوم هو أن تعود مؤسسات الوطن الحقيقية إلى مكانتها الأصيلة، لا أن يتم استنساخ هجين مريض للمؤسسات الرائدة حتى تصبح قدرا حتمياً، ومن هذا الباب ندخل إلى الساحة الأشمل في اللقاء المفتوح على مصارعه لجلالة الملك في حديثه لصحيفة الوطن الرأي، والتي راهن البعض من حفاري القبور لدفنها، ورغم التراكض واللهث المتعب لمستخدمي المعلومات عبر السوشال ميديا من أصغر الأطفال حتى أصحاب الشيب الأبيض، فإن الصحافة الرصينة والصادقة والملتزمة بالمهنية والمصداقية لن يكون لها بديل عبر شاشات الهواتف بأكثر من أخبار ساذجة لا تهم القارئ بأكثر من لحظة، ولهذا نؤكد على أهمية الصحافة الورقية والمواقع الإلكترونية الرائدة.

في حواره مع الرأي أجاب الملك على العديد من الأسئلة الضرورية للوقوف على قمة الجبل السياسي الذي يمثله الملك، فالملك ليس مجرد منصب فخري وكفى، بل كما يعرف الجميع هو الحكم الذي يتسابق مع اللاعبين على أرض الملعب، وإليه يرجع الأمر عندما تتدلهم الخطوب، ونحن كما غيرنا من جمهور، رغم لقاءاتنا ومعرفتنا بطبائع الملك، فإننا نعود المرة تلو الأخرى لحالة الاستغراب لماذا لا يتدخل الملك في هذا الشأن أو ذاك، وبعد هنيهة نعود بعكس ما قلنا، فنقول لماذا يجب أن يتدخل الملك في كل صغيرة وكبيرة ما دام هناك مسؤولين وكتائب موظفين بيروقراطيين، في حالة م? الانفصام أحياناً.

في الحوار الصريح كالعادة، تناول الملك العديد من الإجابات الواضحة والمباشرة حول مجمل القضايا محلياً وعربياً وعالمياً، فهو متمكن دوماً من جملته للوصول إلى التعليل والتدليل عمن ولماذا وكيف، في فهمه الواسع لأدق التفاصيل في مجريات الواقع الوطني والإقليمي، ولكن ما يهم الجمهور هو الإطمئنان إلى مستقبل البلد اقتصادياً في مرحلة شح غير مسبوقة، ومستقبل العمل السياسي دون معوقات لإنتاج نخب جديدة لا يرى فيها وجوها جلست على مقاعدها حتى اعتراها التكلس من جهة ومن أخرى يستجمعون قواهم للإبقاء على مكتسبات لا يريدون لبئرها أن ت?ضب.

أهم ما قاله الملك بشجاعة: «إن اختلاف الآراء أمر صحي وحق للجميع» وهذا الحق للأسف لا يقتنع به العديد ممن يتولون الأمور، فهم يريدون المجتمع، السياسي على الأقل، أن يكونوا جماعة من المصلين خلف إمام واحد في محراب واحد، يسمعون له دون أن يفهموا ما يقول لعجزهم عن الوعيّ للإشارات التي يحذر منها الإمام بالتلميح الذكي كي لا يؤشر بسبابته الى أعين النائمين في حضرة الهمة دون استيعاب لمرامي حديث الإمام الذي يترك الفهم لقدرة السامع العقلية، ومن هنا على الجميع أن يلتقط اللحظة للتعبير الراقي في طروحاته لما نريده لمستقبلنا بع?داً عن الإختباء في الغرف المغلقة والتنافس بترديد نشيد الإركاس وتثبيط عزم الصادقين بجملة «إنسى ما في فايدة منهم»!

الملك قال: «إن الأحزاب لا تبنى من الأعلى إلى الأسفل»، وهذا جواب على أن الأصل في تشكيل الأحزاب يستوجب شكلاً جديداً من المفكرين لتشكيل الأحزاب واستقطاب الدماء الجديدة، لا أن تعود ذات الأسماء العتيقة والمسنودة بأعواد القصب لتشكل حزباً جديداً غالبيته من المعارف، ثم يتسنم مقعد القيادة رئيس من ذات الصنف التقليدي، وحين ذاك ستصبح الأحزاب أشبه بمرتدي العباءات المستجدة في مناسبات الجاهات والعطوات وتضييع حقوق البعض ممن يخجلون ويأنفون ويتسامحون إكراماً لله والملك وللجاهة الكريمة وهم يعلمون أن الله لم يعط أولئك الرهط س?طانا عليهم.

الملك قال في حواره أن على الحكومة مسؤولية منع الاحتكار وضبط الأسعار، ولكن ما نعرفه جيداً، ليس على حكومة الخصاونة فحسب، بل في كل الحكومات السابقة، تواجه جميعها صعوبات في ضبط الانفلات في أسعار السلع والمواد ولا تستطيع أي حكومة الإحاطة بمراقبة السوق الكبير، ومن هنا يجب إعادة منح وزارة الصناعة والتجارة أولوية توريد المواد الأساسية مباشرة دون احتكار لحيتان السوق.

التحليل في مقابلة جلالة الملك يطول، ولكن الأهم بالنسبة إلينا أن يفهم الجميع في الإدارة الأردنية أن الملك يدرك أهمية الصحافة العريقة، وأن الصحف هي عصا موسى التي يتوكأ عليها الوطن ويهش بها على طرائد تريد استباحة الوطن.

Royal430@hotmail.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/25 الساعة 07:48