لو استبدلنا الحصة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/28 الساعة 02:07
احمد حسن الزعبي

رغم أنها المسرحية اليتيمة التي شاركت بها طوال المراحل المدرسية الا أنني ما زلت أذكر تفاصيلها جيداً، لبست وقتها ثوباً أبيض قصيرا فوق الزي المدرسي الأزرق وطاقية بيضاء مخرّمة هدية من «العمرة» وبوط صيني أسود..أما خشبة المسرح فكانت عبارة عن صبة مربعة الشكل «فوق الجورة الامتصاصية» للمدرسة.. كان دوري آنذاك: الجار الصالح والخلوق يشاركني بالتمثيل طالب آخر يقوم بدورجار السوء ومعنا ثلاثة مُنشدين قد أدوا نشيدة من مقرر الصف الرابع لا علاقة لها بالمسرحية على الإطلاق فقط من باب المشاركة ليس الا، أما من قام بدور شيخ العشيرة ومصلح ذات البين فلم يجدوا عباءة على مقاسه فاستأذنوا احدى الجارات واخذوا «حرام كروهات» من على المنشر ووضعوه على كتفه بعد أن تبرّع له مدرّس التربية الإسلامية بالشماغ والعقال..صحيح أن الإكسسوارات بائسة والنص مكتوب بسطحية مفرطة وأداء الممثلين مجرد «تسميع» وحركات جامدة الا أنني ما زلت أحفظ مشاهدها بالتفصيل إلى الآن كما اذكر العثرات التي وقعنا فيها بما في ذلك «الميكرفون اللي بيصفّر».

قرار وزارة التربية والتعليم بتخصيص حصة أسبوعياً في كل يوم ثلاثاء لتتحدّث عن الإرهاب ، أراه جاء كردّة فعل سريعة على الأحداث الأخيرة وكمشاركة وطنية في استنكار ما حدث ، مع انه كان من الأفضل التأني به دون ان ننكر ان فكرة التوعية لخطر الإرهاب رائعة و ضرورة ملحّة أن تبدأ من المدارس أولاً، لكن ليس على طريقة الحصص والكتابة على اللوح و التسميع والتلقين و الامتحان..هذه مسالة فكرية وطنية وجدانية بالدرجة الأولى..والوجدان لا يمكن أن يعطى بحصص كما درس «طرح الكسور» و «توحيد المقامات» ..أرى التركيز على الشيء البصري التفاعلي أهم ألف مرة من حصة يعطيها المدرس وقد يحار أكثرهم خطابة وثقافة ماذا سيعطي في الحصة التي تليها، طيب :»اليوم تكلم عن تعريف الإرهاب وخطره» ماذا عن غد وبعد غد؟؟؟...

انحازوا للمسرح يا سادة ،للنشاطات غير المنهجية التي تجعل الطالب شريكا فيها يذكرها ولا ينساها طوال العمر ، توجهوا «للفيديوهات» الوطنية المنتجة بعناية التي تمجّد بطولة الشهداء الذين قضوا في حربهم ضد الإرهاب واعرضوها عليهم ، عظّموا معنى السلام ومعنى البطولة ومعنى حماية البلد، الحفاظ على مقدرات البلد وسلامه، ركّزوا على تقبل الآخر واختلاف الرأي وأدب الحوار...قدموا كل ما سبق بطريقة مدروسة ومن خلال عرضه على شاشات في المدارس وان لم يوجد شاشات ، ففي مدارس مؤهلة بنفس المنطقة أو في مراكز ثقافية قريبة ..لسنا بحاجة للتعريفات المكتوبة وإدخال الطالب والمواعظ الإنشائية..عظّموا فيه الوطنية وحب الوطن من خلال عمل متأن ومدروس...حتماً ستصل الرسالة.. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/28 الساعة 02:07