فزاعة الاعلان !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:38
لا ادري كم هو عدد الذين يشاطرونني الفوبيا التي تسبب بها الاعلان التلفزيوني بشكل خاص، فالافلام والمسلسلات وحتى البرامج الحوارية بفواصلها الطويلة المملة اصبحت تسبب الغثيان وضيق التنفس، لذلك لأن الاعلانات التي تُصاغ تبعا لما يسميه عالم النفس بافلوف التعلم الشرطي، وهو اقتران وجبة طعام الكلب بصوت الجرس لا علاقة لها بأي منطق، ومنها ما يسيء الى اغنيات كلاسيكية وروايات وموسيقى من خلال اعادة الانتاج على نحو سطحي، وحين بدأت القنوات المتخصصة في عرض الافلام السينمائية بتقطيع اوصال الفيلم وتحويله الى دودة شريطية ، سارعت وكنت يومئذ في القاهرة الى شراء اكثر من خمسين فيلما ، وكان هذا هو ثمن النجاة من الفواصل الطويلة المملة، لكن هذا ليس ممكنا اذا تعلق الامر ببرامح او اخبار، وحبذا لو استمرت سياسة التشفير للقنوات، بحيث يكون ما ندفعه ثمنا لغياب الاعلانات خصوصا البافلوفي منها والذي يسعى الى اسالة اللعاب بمهارة خبراء في علم النفس وتهييج الغرائز .
بدأت حكاية الاعلان المتلفز على استحياء بحيث لا تتجاوز مساحة الاعلان العشرة بالمئة من زمن الفيلم او المسلسل او البرنامج، ثم بدأ الاعلان يقضم المساحة كلها، وهناك افلام يستغرق عرضها على بعض الفضائيات ثلاثة اضعاف زمنها الحقيقي بسبب الاعلانات .
ولو شئت تقديم عيّنات من بعض الاعلانات لشعرت بالخجل لأنها ليست تجهيلية فقط بل تفتري على العلم وتسيء الى الثقافة، ومنها اعلان عن نوع من مكيفات الهواء يبدأ بالهجوم على جمهورية افلاطون ليس لأنه طرد الشعراء او له موقف فلسفي من الوجود بل لأن جمهوريته تخلو من ذلك النوع من مكيفات الهواء !!
ان التمادي في الاستخفاف بالعقل له سببان، احدهما جشع السوق وتوحشه، والاخر صمت ولامبالاة من يعنيهم الامر !! الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:38