هل نضجت ظروف.. تقسيم «اليمن»؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:32

محمد خروب

الجواب على السؤال بادر الى طرحه، ولأول مرة في هذا الشكل الصارخ الذي يشي بأن الحرب في اليمن، قد أوصلت «الجميع» الى قناعة بان «الوحدة اليمنية» غير قابلة للاستمرار(...) كما قال حرفياً وفي مناسبة مرور عامين على «تحرير» مدينة عدن رئيس الوزراء اليمني، جناح الرئيس عبدربه منصور هادي، احمد بن دغر. الذي وان انطوى خطابه على مفردات تفيض مرارة ويأساً، إلاّ انه امتلك «شجاعة» الاعتراف بان صيغة اليمن «القديم» لم تعد قابلة للتداول او التعاطي بها، تلك «الحقيقة» التي يواصل جناح الرئيس الذي ما يزال يحتكر لنفسه الشرعية بعد عامين ونيف، على حرب مدمرة اتت على الاخضر واليابس في افقر بلد في العالم العربي بل في العالم بأسره، بعد ان فتكت الكوليرا والمجاعة وانهيار المرافق والخدمات والبنى التحتية او ما تبقى من اليمن، عند اندلاع الحرب في آذار 2015 وما يزال في الافق – وفي المخازن – المزيد من قنابل القتل والتدمير وتحويل البلاد الى اطلال وانقاض، تحت ذرائع مفبركة وعاجزة عن اقناع احد، بان الحرب في اليمن، هي الطريق لحل الصراعات السياسية بين الافرقاء اليمنيين ناهيك عن تسوية الادوار الجديدة التي تطمح الى الاضطلاع بها او الظهور عليها، عواصم اقليمية.

ما علينا..

من «العاصمة المؤقتة» التي ما تزال عدن تحمل صفتها، منذ ان اختار منصور هادي ان يقيم خارج اليمن ويرسل بعض وزراء حكومته لـ»زيارتها» بين حين وآخر، ومن خلال مقر هذه الحكومة في قصر المعاشيق، لا يمكث احمد بن دغر او من سبقه من رؤساء حكومات تتغير بسرعة وبلا مبرر، فيها اكثر من اربع وعشرين ساعة، اعلن هذا المسؤول «الكبير» ان الامور في اليمن «لن تعود كما كانت عليه قبل آذار 2015 (عند بدء الحرب كما يجب التذكير) او كما كانت عليه بعد 1994 (وهو للتنويه ايضا عام الوحدة، او الحرب التي شنها علي عبدالله صالح وحزب الاصلاح الإخواني على الجنوب اليمني لفرض الوحدة بالقوة عليه)، وان كان بن دغر قد القى باللائمة على مَنْ يصفهم بالانقلابيين، وهم هنا «الحوثيون.. الذين يرفضون الإنصياع لصوت العقل» على ما قاله في خطابه العتيد.

هنا، يأخذ بن دغر اليمن الى مرحلة جديدة، يبدو فيها وكأنه يؤدي دورا مُعدّا له مسبقا، يُراد به من خلاله رصد ردود الفعل على تسليم جناح منصور هادي بان «الوحدة اليمنية» غير قابلة للاستمرار، وإن بدا الرجل الذي يُحضّر – في ما يبدو – للعب دور اكبر بعد ان يتم اطاحة او استقالة او اقالة هادي، بتخريجات اعلامية معروفة للجمهور العربي، فان بن دغر لم يتحدث عن انفصال الجنوب نهائيا عن اليمن وعودة الشطرين الى تسميتهما السابقة, اي دولتين تتبادلان الاعتراف وتجلسان على مقعدين متساويين في المنظمات الاقليمية والدولية، بل ذهب في طريق «المساومة» بالقول «في الافق لا ارى حلا سياسيا مقبولا على المستوى الوطني، غير الدولة «الاتحادية» الكفيلة بالتوزيع العادل للسلطة والثروة».

وقبل ان يتم طرح السؤال الاخطر وهو: ما الذي استجد الان كي يعود فريق هادي الى «الدفاتر» القديمة، وخصوصاً ان مخرجات الحوار اليمني الذي عُقِد على مدى عشرة شهور (من آذار 2013 – كانون الثاني 2014) كانت تنص على ذلك، سواء في ما خصّ عدم امتلاك أي طرف للسلاح الثقيل سوى الدولة، ام في تقسيم اليمن الى «ستة» اقاليم اتحادية؟.

ثم..

هل بعد كل الدماء التي سالت، والقوة التي بات عليها الحراك الجنوبي او ما يوصفون «دعاة الانفصال»حيث اكتسبت دعوته زخما كبيرا في ايار الماضي، عندما «تمرّد» محافظ عدن السابق الجنرال عيدروس الزبيدي على قرار اقالته من قبل هادي، والإعلان على تأسيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي يُنادي علنا بانفصال الجنوب وتمتعه باستقلال كامل عن اليمن الشمالي؟ هل يمكن ان يُبقي او يُسمَح لليمن بالعودة الى «شكلِه» السابق؟.

صحيح ان المجلس الانتقالي الجنوبي، أعلن أخيراً اعترافه بـ»شرعية» هادي، الا انه – وعبر هذا الاعتراف – اكّد ان «واقعاً جديداً تشكّل في الجنوب، وان على (ادارة) هادي الاعتراف به والتسليم به»،.. ما يعني ان «فكرة» (حتى لا نقول..»حلم») الانفصال لم تسقط نهائيا، وان الذين يقفون خلفها ماضون في تنفيذ مشروعهم، مستفيدين من تعثّر الحرب الطويلة – والمنسية – دون ان يلوح في الافق اي امل بانتهائها او اعتراف الاطراف المنخرطة فيها، بانهم انما يخوضون حربا عبثية لن يخرج احد منها منتصرا، الامر الذي يستوجب من بن دغر التقدم خطوة اخرى الى الامام والاعتراف (بعد اعترافه بان الوحدة اليمنية غير قابلة للاستمرار) والقول علناً وصراحة وانسجاما مع الذات والواقع: بان عودة «الشرعية» ليس الى عدن وحدها بل الى صنعاء والمشهد السياسي اليمني بأسره باتت مستحيلة، وان الوقت قد حان للاعتراف بـ»سطوة» الواقع ومتغيرات الميادين العسكرية، وخصوصا في معادلة التحالفات العسكرية والسياسية، التي ميّزت الحرب اليمنية منذ اندلاعها وكيف انها اصبحت – او في طريقها – من الماضي. وخصوصا مع الفشل الذريع لمهمة المبعوث الدولي.. اسماعيل ولد الشيخ.

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/17 الساعة 00:32