الدول تتحالف
يتسابق رؤساء دول عربية وأجنبية الى التشبيك وعقد اتفاقات في مجال الطاقة والدفاع والتعاون المشترك، حيث عقدت الثلاثاء قمة الرؤوس الحامية في العاصمة الإيرانية طهران التي استضاف رئيسها ابراهيم رئيسي كلا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس التركي طيب رجب أردوغان، ووزير الخارجية السوري فيصل مقداد، والمعلن بخصوص القمة الثلاثية هو التباحث في الملف السوري وكيف سيعاد ترتيب أدوار الثلاثة الكبار وكيفية التعاطي مع اجتياح متوقع من قبل تركيا لشمال شرق سوريا، إضافة الى التناقش خلف الكواليس عن توفير احتياجات روسيا من الطائرات الإيرانية المسيرة، وكذلك احتياجات طهران للأموال يقابلها طروحات أردوغان في سوريا، والتعاون في مختلف المجالات الحيوية والحقيقية لا الأحلام.
عندما ننظر الى الديناميكية والالتفافية السريعة التي يتعامل بها أردوغان تظهر البراغماتية عنده لتجاوز أي معيقات أمامه، فقبل أسابيع انصاع لطلب تل أبيب في القبض على عملاء إيرانيين قيل أنهم يستهدفون سائحين إسرائيليين، ثم نراه في طهران يناقش قضايا من المؤكد أن لا أحد خارج القاعة يعلم عنها، وفي ذات الوقت يسمح أردوغان بتزويد أوكرانيا بطائرات بيرقدار، وبينما يرى انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار يفتح أبواب السياحة العالمية التي تجذب عشرات الملايين من السائحين بسبب انخفاض تكاليف الرحلات والإقامة.
ومع ذلك يشتبك أردوغان في مناقشات حساسة مع الرئيس رئيسي و المرشد الأعلى آية الله خامنئي الذي حذر أردوغان من مغبة أي عملية عسكرية تركية على الأراضي السورية فإنها ستهدد استقرار الوضع وعودة الإرهاب مجددا، وأعاد المرشد التذكير بدعم أردوغان في المحاولة الانقلابية، فيما رد أردوغان «بأن بلاده تدعم مطالبات ايران المشروعة في الاتفاق النووي وتشجع الشركات التركية للاستثمار في ايران».
في المقابل يسعى الرئيس بوتين الى تشكيل حلف غير منصوص عليه يعيد من خلاله بناء جدار دولي داعم له في حربه مع الغرب وتحالفه مع دولتين مكروهتين من الغرب الأوروبي والأميركي ضمناً، وسيطلب المزيد من الطائرات المسيرة الإيرانية في صراعه مع أوكرانيا، وسيناقش القضايا المشتركة مع أردوغان، خصوصاً القضية السورية، رغم رفض شركة بيرقدار تزويد موسكو بطائراتها علناً، وكل ذلك وأكثر لا يقع في دائرة المحرمات أو يتسبب بإدارة الظهر بالنسبة للاعبين الكبار في السياسة العالمية، ولم يتبق سوى إعادة حلف شبيه بحلف وارسو شرقي يضم الصين أيضا.
ومن طهران الى الجزائر التي جاءها راكضا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي للتباحث في شأن إمدادات الطاقة لبلاده بعدما فقدت الغاز الروسي، طالبا رفع كميات الغاز المصدر لروما بزيادة كميات الغاز الى تسعة مليارات متر مكعب، وكذلك العمل على تحويل مسار أنبوب الغاز الوارد من نيجيريا إلى الجزائر وربطه مع إيطاليا بديلا عن إسبانيا دون أي خجل، وكل ذلك ضمن ذلك ضمن المؤتمرالاقتصادي الجزائري الأوروبي المنعقد للدروة الرابعة، وتذكر المعلومات أن الجزائر تتعامل مع الدول الأوروبية في مجالات الطاقة والصناعة الحربية والزراعة وغيرها بأكثر من 40 مليار دولار سنوياً.
عربيا انهى الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارته الى المانيا، وتوجه الى صربيا لعقد اتفاقيات تعاون اقتصاادي، وكان قد صرح بأن مصر يمكنها تصدير كامل كميات غاز شرق المتوسط الى أوروبا، فيما وصل رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد الى فرنسا والتقى الرئيس ماكرون في قصر الإليزيه، وأطلق الطرفان"اتفاقية شراكة استراتيجية عالمية حول التعاون في مجال الطاقة»، وقال بيان إمارتي إن الهدف من هذه الشراكة هو تحديد المشاريع الاستثمارية المشتركة في فرنسا أو الإمارات أو أي مكان آخر في العالم في مجالات الهيدروجين أو الطاقات المتجددة أو حتى الطاقة النووية، وأن الإمارات ستكون مركزا لمحور عالمي، فيما رحب ماكرون بزيارة ابن نهيان معبراً عن خطأ التخلي عن النفط والغاز في هذه المرحلة الحرجة.
كل ما ذُكر أعلاه كلام جميل، ولكن ما هو أهم ومصيري في ظل الاستقطابات العالمية لبحث الفوائد المبتغاة لصالح تلك الدول، تقديم رواية متماسكة وخارطة طريق مدروسة يركن لها أي طرف دولي أو استثماري.
Royal430@hotmail.com