فايز الفايز يكتب: ماذا لو وصلت حمولة الطائرّة الاوكرانية لمطارنا؟
كانت ليلة أمس الأحد على موعد كارثي جرّاء تحطم طائرة نقل أوكرانية أقلعت من أحد مطارات صربيا لوجهتها الأخيرة حيث بنغلادش وتحمل على متنها أحد عشر طناً من الأسلحة والقنابل والألغام شديدة الإنفجار.
وحسب مخطط الرحلة التي تعتمدها شركات الطيران عالميا، فإن الطائرة المنكوبة كانت ستحط في مطار أردني للتزود بالوقود قبل سقوطها بثلاث ساعات، ولكن بتقدير الله احترق أحد محركاتها وهي فوق الأجواء اليونانية، حيث أطلق الطيار نداء استغاثة بسبب نشوب الحريق، وتم توجيهه الى أقرب مطار، ولكن الطائرة انفجرت في السماء، لتسقط في حقل زراعي، ويقتل ركابها الثمانية.
بعد البحث والمتابعة تبين لنا ما يلي:
الطائرة هي من الحقبة السوفييتية ومن طراز آنتونوف إي إن 12 ،وهي مملوكة لشركة "ميريديان" الأوكرانية والطائرة من النوع غير الآمن، وكانت تحمل متفجرات وأسلحة وألغاماً من طراز مورتر المضيئة تعود لشركة "فالير الصربية الخاصة".
وحسب وزير الدفاع الصربي "نيبوبيسا ستيفانوفيتش" فقد أكد أن الطائرة كانت تحمل شحنة أسلحة متعددة الاستعمال تقدر بأحد عشر طناً، حيث كانت متجهة الى بنغلادش بموجب اتفاق مع وزارة الدفاع في "دكا"وفقاً للقواعد الدولية.
وحسب المتابعات عن حيثيات القضية التي دخل اسم الأردن في صلبها، فإن الحريق الأولي لأحد المحركات امتد الى داخل الطائرة حيث صناديق الألغام والعبوات الناسفة، ولم يطل الوقت لتنفجر الطائرة في الجو لتشكل كرة نار ملتهبة نحو الأرض، وحسب قنوات التلفزة ومواقع الأخبار هناك فإن الانفجارات تتالت منذ تأرجح الطائرة في الأجواء الى ما بعد سقوطها لأكثر من ساعتين والمواد المتفجرة تنبعث منها روائح سامة حيث وصفها شهود عيان في القرية المجاورة بأنها أشبه برائحة الغاز والإيسيد، فيما نقل سبعة من الإطفائييين للمستشفى نتيجة استنشاقهم الأبخرة السامة.
الأمر المدهش أن بلداً مثل بنغلادش وغيرها من ذوي الفقر المدقع اجتماعيا تعاني اليوم من أزمة قد تؤدي بها الى أزمة في الاقتصاد والمالية العامة، وبدل استيراد الأطعمة والمواد الغذائية والأدوية والتركيز على منتجاتها من الزراعة وصناعة الألبسة وغيرها من الصادرات الصناعية لحساب الشركات العالمية، فإنها تستورد أسلحة تدميرية، والنهم في شراء الأسلحة لدول العالم الثالث بات مرضاً نفسي، وللعلم فإن بنغلادش ساهمت بإرسال 2300 جندي إلى قوات التحالف في حرب الخليج الثانية عام 1991 ضد صدام حسين.
الأمر الآخر، لم يكد خبر الطائرة ينتشر مقرونا باسم الأردن حتى تصاعدت التعليقات وتجهزت منصات القذائف العنقودية عبر اتهامات ومحاكمات فورية، ضد من؟ لا نعلم، فقط لأن الخبر نقل محطة وصول الطائرة التي لم تصل على أنها عمّان، والغالبية بالطبع ممن أنعم الله عليهم بالهواتف الذكية لنشر الخبر كما ينشر النجار الخشب، ولهذا تظهر الميزة بالإعلام الحقيقي المعتمد على الصدقية في تناول الأخبار والمعلومات ومن مصادر موثوق بها، فبنغلادش تصدر 200 صحيفة يوميا لم يتناول الخبر سوى عدد قليل.
الأمر الثالث والأهم أن مسؤوليتنا أن نقف مع الجمهور من الحريصين على أمنّ وسلامة الوطن والمواطن عبر نصائحهم، لنجد أن هناك أخطاءً فادحة يقع فيها بعض المسؤولين عن عدم دراية على ما يبدو أو تقصير وإهمال، ومن هنا يثور لدينا السؤال: ترى لو لم يقدرّ الله أن تنفجر طائرة الآنتينوف في سماء اليونان، وتسقط في حقول القرية الوادعة "كفالا"، كيف كانت حالنا اليوم لو أنها وصلت الى الأجواء الأردنية لإعادة تعبئتها بالوقود ووقع الحادث عندنا ؟، فهل عند سلطة الطيران المدني الموقرّة فكرة عن حمولات طائرات الشحن التي تعبر الأجواء أو تهبط للتزود بالوقود ؟
طائرة كانت تحمل جبلاً من الأسلحة القابلة للتفجير في أي لحظة لا يمكن القبول بعبورها ولا هبوطها على أي مطار أردني مهما كانت الظروف ومنع ذلك مستقبلا،ويجب إعادة النظر بالتدقيق على الحمولات التجارية خصوصا من دول لها تاريخ أسود في الحروب ونقل الأسلحة عبر الدول، وللتدليل على ما أقول، فقبل عدة سنوات منع طائرة إيرانية من عبور الأجواء الأردنية وكانت محملة بالأسلحة في وجهتها للجناح العسكري في مطار بيروت المسيطر عليه من حزب الله، ولم تعد أي طائرة منذ ذلك الحين تعبر أجواءنا، بل إن أي مطار في أمريكا وغيرها تصلهم قائمة المسافرين على متن الطائرات قبل أن تقلع الطائرة من مكانها.