المعدة والعقل في مواجهة داعش

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/16 الساعة 08:15
ينبغي تأجيل الاحتفالات بالنصر على داعش قليلا، في محاولة لفهم الظاهرة التي تعتمد في حركتها اليوم على نظرية الاواني المستطرقة، فالضغط على احد الانابيب يعني توزيع السائل على باقي الانابيب بالتساوي، وثمة حركة في مصر وليبيا تقول ان سوائل التنظيم انتقلت الى هناك بعد ان شاهدت الجدية في الحرب عليها في الرقة والموصل، فالضغط عليها في بلدان الهلال الخصيب والاعلانات المسبقة عن ذلك جعل التنظيم ينقل سوائله الى هناك، فكثافة العمليات الارهابية في مصر وليبيا تشي بذلك، ورخاوة الحرب عليها في الهلال الخصيب منحتها القدرة على لملمة الاوراق وبعثرتها في مناطق ثانية، فجميعنا يتذكر كيف سقطت الموصل في دقائق وكيف نجح التنظيم في تكوين دولته في الرقة بسهولة اكبر . المشكلة ان قراءة داعش تتم وفق مستويات دينية فقط، بوصفها حالة تطرف ديني او تشدد، لكن لا احد يقرأها بمستواها الفكري الكوني بعد ان نجحت في استقطاب ملل ونحل كثيرة، فسياقها الديني هو عنصر الجذب او البهارات ومشهيات الانضمام للفوز بالجنة وحوافزها، لكن لم يقرأ احد دوافع قدوم شخوص يعيشون على جنة الارض للانضمام للتنظيم فقد استقطب التنظيم اثرياء ومتعلمين من كل المناحي، فهل الحوريات فقط جذبن كل هؤلاء ؟ سؤال برسم الاجابة اذا عرفنا اسرار الظهور واسبابه، حينها نملك الاجابة واجتراح الحلول، فالمرض يتم علاجه بعد اكتشاف اسبابه اما الاعراض فنراها جميعا ولا حاجة بنا الى طبيب، الاعراض شاهدناها جميعا لكن الاسباب ما زالت قيد المجهول وتعلو الرغائبية في التحليل على منطق العقل نفسه . ثمة صداع وصراع كوني منذ ظهور العولمة واجتياحها كل تفاصيل المجتمعات الثرية والمتقدمة والمتاخرة والفقيرة على حد سواء، افقد كثير من المجتمعات ذائقتها ونكهتها المحلية واستباحها بشكل سافر وربما سافل، فتفاعلت بعض القوى الاجتماعية مع العولمة وتحديدا الطبقة التي استفادت من العولمة سواء الوكلاء والنافذون واصحاب القرار وتماهت الادوات المستعملة مع بعضها بعضا، فالجهاز والتكنولوجيا التي يستخدمها شباب واشنطن وباريس وصلت الى شباب القاهرة ومقاديشو، وشباب احياء منهاتن يملكون نفس اجهزة الاتصالات التي يملكها ابناء احياء شبرا والكاظمية والخندق وباقي الاحياء، دون مراعاة النشأة والبيئة الحاضنة، فأصاب الجيل الشاب صدمة حضارية ومعاشية وحاول ان يتغلب على الفوارق المذهلة في الحياة ومعنى المواطنة والحرية ومعادلة الحقوق والواجبات، فعجزت اجهزة الدول عن الاجابة، فقدمت داعش وغيرها اوراق اعتمادها كحارس للواقع المستند إلى الماضي الجميل ونجحت في استقطاب كثيرين لم يجدوا في العولمة اكثر من عدو يستهدف كل ما لديهم . استثمرت داعش المسافة الفارغة بين الادوات المستعملة والواقع المعيش المتخلف ونجحت الى حد ما، طبعا مع تسهيلات من اجهزة دولية ومن يباس الفكر وجموده وبقاء تفسير النص ثابتا رغم كل الادوات الجديدة ومن واقع اقتصادي جائر فرز المجتمعات الى طبقتين فقط وانحدار مستوى التعليم المعرفي لصالح التعليم التلقيني، فإذا كان عنوان الحقبة الجاهلية “ إنا وجدنا اباءنا “ فقد وقعنا نحن في المرض نفسه فصارت السلفية منهاج حياة للاسلاموي واليساري والقومي والمحلي، فالجميع دافع عن منصبه ومقعده الحزبي او المناصبي او الوظيفي . اليوم نحتاج الى مقاربة كونية للخلاص من هذا المرض يرتكز على معادلة وظيفية بين العقل والمعدة، فرغم التبارز بأهمية العقل وتقدمه الا اننا اسقطنا ميَزة للمعدة تتفوق فيها على العقل، وهي قدرة المعدة على التخلص من الغذاء الفاسد والقاتل بالتقيؤ وطرد هذا الفاسد من جدرانها، وعلينا تعليم العقل هذه الخاصية بأن يتقيأ الافكار الفاسدة ويلفظها خارج جدرانه وهذا جوهر الحرب فقط، امتلاك العقل لادوات الطرد المركزي بعد تمكينه من الوعي الحر وتمكينه من ادوات النقد. الدستور
  • يعني
  • الرقة
  • اعلانات
  • منح
  • الدين
  • شباب
  • لب
  • الجديدة
  • اقتصاد
  • سلف
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/16 الساعة 08:15