مسارات متضادة أمام الأردن
قبيل أيام من زيارة الرئيس الاميركي الى المنطقة، يخرج وزير الخارجية في الأردن، لينفي كل الكلام عن تشكيل حلف عربي اسرائيلي ضد ايران. زيارة الرئيس الاميركي الى المنطقة، لديها اولويات معلنة مختلفة، لكن الواضح ان الرئيس يحتاج المنطقة لسببين، اولهما تأمين كميات اضافية من النفط، وثانيهما ادامة التفاهم حول ايران.
بالمقابل سيقوم الرئيس الروسي خلال ايام بزيارة ايران، والاميركيون يعلنون ان طهران سوف تبيع طائرات مسيرة بعضها يحمل اسلحة الى الروس، وبوتين يشدد على اهمية التعاون الاقتصادي مع الايرانيين، في ظل تعرضهما معا، لعقوبات اميركية وغربية متنوعة ومؤثرة.
هذا يعني ان كل الصراعات العالمية، تنتقل الى المنطقة، وتدخل طرفا في صراعات اقليمية، فإيران باتت محطة مواجهة روسية ضد الاميركيين، مثلما تضع واشنطن عينها على نفط المنطقة لاعتبارات اقتصادية، تريد التغلب على تأثيرات العقوبات الغربية على روسيا، والتي للمفارقة ارتدت على الاميركيين والاوروبيين قبل غيرهم، عبر خفض كميات الطاقة المتدفقة الى الغرب، وانخفاض سعر اليورو ليساوي الدولار، وكأن الغرب يشنق نفسه بنفسه بشكل واضح.
الأردن وسط هذه المواجهة في موقع حساس جدا، فهو بلد ضعيف له ظروفه المعقدة، وليس من مصلحته التورط في اي تحالفات، في هذا التوقيت، خصوصا، ان لا احد يعرف الى اين تتجه الامور، اذ مقابل المعسكر الاميركي العربي الاسرائيلي، غير المسمى رسميا، هناك معسكر آخر يتشكل علنا، وبأنماط مختلفة، ويضم الايرانيين والروس والصينيين، وغيرهم، واذا كانت ادارة هذه التحالفات غير المسماة باسم محدد في الجهتين، تدير المعركة حاليا بالشكل الذي نراه، فإن خروج اللعبة عن قواعدها امر وارد، بما يهدد كل المنطقة العربية، بما في فيها الأردن.
في الظلال محاولات تكتيكية لتهدئة الايرانيين، وليس ادل على ذلك من جولات التفاوض السرية والعلنية مع الايرانيين، على خلفية العلاقات الثنائية في المنطقة، والملف النووي الايراني، وقد المح رئيس الحكومة في الأردن، الى ذلك بنعومة حين قال إن عمان منفتحة على علاقات صحية مع إيران، وإن الأردن لم يتعامل يوما مع إيران على أنها مصدر تهديد لأمنه القومي.
هذا يعني ان هناك اشارات متناقضة في كل المنطقة، فمن الكلام عن حلف عسكري ضد ايران، تحولت البوصلة فجأة الى كلام عن اهداف اميركية جديدة، او مختلفة في المنطقة، وهذا يعني ان لهجة العداء ضد ايران ستنخفض مؤقتا، ما دام الهدف قد تحول مرحلياً من ايران الى النفط، ولو بشكل تكتيكي، إن لم تكن هناك اتصالات في السر، تفسر هذه التحولات، امام حالة التحشيد التي سبقت زيارة الرئيس الاميركي، وسوف تشتد قريبا، بشكل علني، دون تسمية.
لكن علينا ان نلاحظ ان الروس، يفهمون زيارة بايدن بطريقة مختلفة، وليس ادل على ذلك من اعلان موسكو عن زيارة بوتين لطهران، وهي رسالة مزدوجة الغاية، فهي تعلن اشارة التحالف المقابل للاميركيين، وهي ايضا تتحدى حتى على صعيد ملف النفط، والطاقة، وكأن بوتين يقول مباشرة، أن لا تراجع عن المواجهة، وهو ايضا يبرق برسالة دعم سياسية وعسكرية مباشرة لطهران في وجه اي تحالفات سياسية معلنة، او عسكرية سرية او علنية.
الرئيس الاميركي لا يمكن له ان يفوز بالنفط وبالعداء ضد ايران، معا، في توقيت واحد، وهذا يفسر الاستبدال في الاولويات حاليا، وخفض العداء في اللهجة ضد ايران، والروس يدركون ان بايدن يأتي لهدفين وليس لهدف واحد، وقد يعود الرئيس بلا تحقيق اي هدف.
مصلحة الأردن، أن يتجنب التحالفات، إذا استطاع، خصوصا، وهو على علاقة جيدة بالروس، ويبرق برسائل ناعمة نحو ايران، لكنه ايضا يرضي الاميركيين ويعتمد على واشنطن كثيرا.
هذا توقيت محمل بالمسارات المتناقضة والمتضادة، ولا يعرف احد كيف سيعبره الأردن.