من الخبز الى اسيارات.. أزمة أوكرانيا تضرب مجددا

مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/11 الساعة 04:15

مدار الساعة -كانت مصر واحدة من أكثر دول العالم تأثراً بحرب أوكرانيا، وتتفاقم الأزمة الاقتصادية المصرية بسرعة، دافعة الحكومة للبحث عن حلول عاجلة بما فيها خيار اللجوء لصندوق النقد للمرة الثالثة.

وتشهد الأسر المصرية بمختلف مستوياتها الاقتصادية تآكلاً سريعاً في قدرتها الشرائية. خلال الشهور الأخيرة، تظاهر العشرات بسبب تأخير تسليم السيارات الجديدة بسبب القيود المفروضة على الاستيراد وانخفاض قيمة العملة المحلية.

بينما ظهرت مجموعات جديدة على منصة فيسبوك للبحث عن بدائل محلية لأطعمة الحيوانات الأليفة بعد تقييد الاستيراد، فيما اضطر المصريون الأبسط حالاً لتقليل استهلاكهم ومشترياتهم من المواد الغذائية والأساسية، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية.

وحذرت مؤسسة Moody الائتمانية في شهر مايو/أيار من "المخاطر الاجتماعية والسياسية"، وخفضت توقعاتها للاقتصاد المصري لهذا العام من مستقرة إلى سلبية. ويبدو أن الحكومة المصرية تشاركها تلك المخاوف.

وتحسباً لهذا الوضع، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لحوار وطني مع رموز المعارضة، في تغيير واضح لمنهج القمع الذي زج بآلاف الأشخاص في السجون، حسب وصف الشبكة الأمريكية.

لماذا كانت مصر من أكثر البلدان تأثراً بحرب أوكرانيا؟

بلغ معدل التضخم الرسمي في مصر 14.7% في شهر يونيو/حزيران، بعدما كان حوالي 5% فقط في نفس الوقت من العام الماضي، إلا أن استطلاعات السوق تشير إلى ارتفاع هذا الرقم أكثر وأكثر منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شهر فبراير/شباط.

تسببت الحرب الأوكرانية في حالة من انعدام اليقين في أسواق الحبوب العالمية أدت إلى ارتفاع الأسعار. تعتمد مصر على روسيا وأوكرانيا في 80% من وارداتها من القمح، وتدفع الآن 435 دولاراً للطن الواحد بدلاً من 270 دولاراً للطن في العام الماضي، وفقاً لبيانات الحكومة المصرية.

أثر الغزو الروسي أيضاً على مجال السياحة في مصر، إذ كان السائحون الروس والأوكرانيون يمثلون ما يصل إلى نصف إجمالي عدد السائحين في مصر، لكن تراجعت تلك الأعداد بشكل كبير.

في وقت كان يتعافى فيه الاقتصاد بالكاد من التباطؤ الناجم عن جائحة كوفيد-19، اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية لتدفع التحديات التي تواجه الاقتصاد إلى آفاق جديدة أكثر صعوبة.

وفقاً لوكالة التصنيف الائتماني، أدى ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الأكثر استقراراً مثل الولايات المتحدة إلى خروج ما يصل 20 مليار دولار من مصر، جزء كبير منها من الأموال الساخنة.

أدى ذلك إلى ترنح الحكومة المصرية في ظل أزمة نقدية وديون تمثل 85% من حجم اقتصادها. ومع انخفاض احتياطي النقد الأجنبي، بدأت الحكومة تخفض قيمة الجنيه بشكل محدود حتى فقد 17% من قيمته في ظرف أيام خلال شهر مارس/آذار الماضي.

أدى ذلك- إلى جانب التدابير الحكومية الأخرى للتحكم في تدفق العملات الأجنبية إلى خارج البلاد- إلى تضييق الخناق على الاستيراد، مما أثر على كل الفئات من المستهلكين والتجار والمصنعين.

وصف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي شهر مايو/أيار تلك الأزمة الاقتصادية بـ"غير المسبوقة"، وقال: "ينبغي أن ندرك أن الأزمة لم تضرب مصر وحدها، وإنما جميع أنحاء العالم".

وقال إن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للأزمة ستكلف مصر 465 مليار جنيه (24.6 مليار دولار أمريكي)، ويتضمن ذلك جهود الحكومة لتوفير شبكة أمان اجتماعي للمواطنين.

قرض صندوق النقد الدولي المنتظر سيكون أكبر من السابق

وتسعى الحكومة المصرية للحصول على المزيد من القروض، لا سيما من صندوق النقد الدولي الذي اقترضت منه مصر بالفعل 20 مليار دولار منذ عام 2016، وهذا يعد الطلب الثالث من نوعه في غضون ستة أعوام. حيث تعد القاهرة بالفعل واحدة من أكبر المقترضين من الصندوق بعد الأرجنتين.

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، مؤخراً إن "الأزمة تُفاقم من تعرُّض مصر لخروج الاستثمارات الأجنبية من سوق سندات عملتها المحلية".

هذا الخروج للاستثمارات جاء نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة عالمياً إلى جانب التخوفات المرتبطة بالاقتصاد المصري في ظل غياب برنامج لصندوق النقد الدولي واعتقاد أن قيمة الجنيه مدعومة من الحكومة مقابل الدولار. وعمدت مصر إلى تعزيز مواردها المالية المضغوطة، واستعادة الثقة باقتصادها الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على "الأموال الساخنة"، أو جذب الأجانب إلى سوق الدين المحلي قصير الأجل، من خلال خفض قيمة عملتها، الجنيه، قبل أن تعلن نيتها طلب قرض من صندوق النقد الدولي.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/11 الساعة 04:15