عبيدات يكتب: مجالس تعليم أم ماذا؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/06 الساعة 16:47
يقول المنطق: إن أي مجلس هو مجلس سياسات! وتتنوع السياسات حسب التخصصات، فلدينا مجالس سكّانية وتعليمية واقتصادية وتجارية وأمنية وغيرها. فالمجلس السكاني منوط بالسياسات السكانية، والاقتصادي بالاقتصادية والأمني بالأمنية، وهكذا ... وليس لأي مجلس أي صلة بغيره إلّا بمقدار ما يؤثر أو يتأثر به. فالمجلس الأمنيّ مثلًا يناقش السياسات الأمنية، ويقدم المشورة لأي مجلس في مجاله، كأن يقدم مشورة في الأمن الاجتماعي، أو السكاني، أو التربوي، ولكنه لا يرسم سياسات تربوية، أو اجتماعية، أو غيرها!
هذه المقدمة هي للحديث عن مجلس تعليمي اجتمع لمناقشة سياسات أمنية خالصة، واتخذ قرارات أمنية مثل: تشديد دور البوابة الإليكترونية وزيادة عمل كاميرات المراقبة، وتدريب رجال الأمن المحلي في المؤسسات التعليمية، ما ذكّرني بأزمات العنف الطلابي قبل خمس سنوات، وتصريح أحد رؤساء الجامعات بأن الحل الآن هو إشغال الطلبة بمناهج ثقيلة؛ كي لا يبقى لديهم وقت فراغ يدفعهم للعنف! فالنزاعات العشائرية تحل بزيادة حجم المناهج والامتحانات…إلخ.
وعودة إلى قرارات المجلس التعليمي، فإنني بصفتي مواطنا أرى الآتي:
1- أعضاء المجلس ليسوا أمنيّين؛ ولذلك هم تطوعوا لمناقشة مشكلات ليست من اختصاصاتهم، وكان يمكن لمديري الأمن الجامعي- إن لم يكونوا قد عُيّنوا بالأساليب المعروفة - أن يتصدوا بأنفسهم لمشكلة هم الأقرب لفهمها ومواجهتها! فهل تمّ شيء من هذا؟
2- إن ما حدث في إحدى الجامعات هو "حدث" ونأمل أن لا يكون ظاهرة، ولذلك من المنطق مناقشة الحدث نفسه أكثر من تداعياته، فهل تمّت دراسة ذلك الحدث؟ وماذا يستفيد الضحايا من زيادة عدد الكاميرات؟
3- نحن المؤسسات التربوية، فيها عشرات علماء الاجتماع والنفس، فهل فكّر المجلس في دراسة الحدث، ومنع تحوّله إلى ظاهرة قابلة للانتشار، وهل تركنا أمر ذلك لرجال الأمن والمصلحين والخطباء؟!
4- قلت في مقابلة أمس مع إذاعة صوت البلد: قُتِل السادات أمام آلاف الكاميرات، وآلاف رجال الأمن، ومئات أجهزة الاستخبارات العالمية، ما يشير إلى أن أي حدث يمكن أن يتم أمام الكاميرات، فالمجرم يهمه أن ينفذ جريمته أكثر من أن ينجو بنفسه! فسواءٌ أزِدْنا الكاميرات أم ألغينا دَورها، فيمكن للأمن المحترف أن يتوصل للمجرم!
كان من المنتظر أن يقول المجلس: مشكلتنا، هي كيف نمنع الطلبة من حل مشكلاتهم دون عُنف! وأننا نضع برامج إرشادية ومرشدين بدلًا من أمنيّين وكاميرات! كان متوقعًا من المجلس أن يثير وعي الطلبة للتواصل مع المرشد قبل أن يفكروا بارتكاب جريمة! وكان من المتوقع أن يقوم علماء الجامعات من مجالس وأعضاء تدريس، ورؤساء وعمداء برفع درجة الحساسية لاكتشاف أي توتر قبل تحوّله إلى أزمة، وتحوّل الأزمة إلى مشكلة وظاهرة عامة!!
كان من المتوقع أن يتخذ المجلس التربوي قرارات بإدماج الطلبة في نشاطات تزيد من صحتهم النفسية وانتمائهم لجماعة مدنية "لجان، فرق، أندية". وليس أحزابًا؛ خوفًا عليهم من غضب!!! وكان من المتوقع أن تتّخذ قرارت بأنسَنَة الجامعات وثقافتها، وأنسَنَة أو"أخْلَقَة" الثقافة السلوكية، و"قَوْنَنة" حلول المشكلات!
أمتلك كل الشجاعة لأقول: هل في مجالس التعليم متخصّصون في فلسفة التربية؟ ثم أمتلك الشجاعة لأقول: المراقبة عبر التاريخ لم تُنْهِ أيّ سلوك أخلاقي! فالكاميرات استُخدمت لنشر سلوكات فضائحية!!
ملاحظة: لو كلّفنا عشرة مزارعين أو تجّار، أو من أي فئة، كانوا سيقولون: مزيدا من الكاميرات، وشدّدوا الرقابة!! فما الفرقُ إذن؟!!
هذه المقدمة هي للحديث عن مجلس تعليمي اجتمع لمناقشة سياسات أمنية خالصة، واتخذ قرارات أمنية مثل: تشديد دور البوابة الإليكترونية وزيادة عمل كاميرات المراقبة، وتدريب رجال الأمن المحلي في المؤسسات التعليمية، ما ذكّرني بأزمات العنف الطلابي قبل خمس سنوات، وتصريح أحد رؤساء الجامعات بأن الحل الآن هو إشغال الطلبة بمناهج ثقيلة؛ كي لا يبقى لديهم وقت فراغ يدفعهم للعنف! فالنزاعات العشائرية تحل بزيادة حجم المناهج والامتحانات…إلخ.
وعودة إلى قرارات المجلس التعليمي، فإنني بصفتي مواطنا أرى الآتي:
1- أعضاء المجلس ليسوا أمنيّين؛ ولذلك هم تطوعوا لمناقشة مشكلات ليست من اختصاصاتهم، وكان يمكن لمديري الأمن الجامعي- إن لم يكونوا قد عُيّنوا بالأساليب المعروفة - أن يتصدوا بأنفسهم لمشكلة هم الأقرب لفهمها ومواجهتها! فهل تمّ شيء من هذا؟
2- إن ما حدث في إحدى الجامعات هو "حدث" ونأمل أن لا يكون ظاهرة، ولذلك من المنطق مناقشة الحدث نفسه أكثر من تداعياته، فهل تمّت دراسة ذلك الحدث؟ وماذا يستفيد الضحايا من زيادة عدد الكاميرات؟
3- نحن المؤسسات التربوية، فيها عشرات علماء الاجتماع والنفس، فهل فكّر المجلس في دراسة الحدث، ومنع تحوّله إلى ظاهرة قابلة للانتشار، وهل تركنا أمر ذلك لرجال الأمن والمصلحين والخطباء؟!
4- قلت في مقابلة أمس مع إذاعة صوت البلد: قُتِل السادات أمام آلاف الكاميرات، وآلاف رجال الأمن، ومئات أجهزة الاستخبارات العالمية، ما يشير إلى أن أي حدث يمكن أن يتم أمام الكاميرات، فالمجرم يهمه أن ينفذ جريمته أكثر من أن ينجو بنفسه! فسواءٌ أزِدْنا الكاميرات أم ألغينا دَورها، فيمكن للأمن المحترف أن يتوصل للمجرم!
كان من المنتظر أن يقول المجلس: مشكلتنا، هي كيف نمنع الطلبة من حل مشكلاتهم دون عُنف! وأننا نضع برامج إرشادية ومرشدين بدلًا من أمنيّين وكاميرات! كان متوقعًا من المجلس أن يثير وعي الطلبة للتواصل مع المرشد قبل أن يفكروا بارتكاب جريمة! وكان من المتوقع أن يقوم علماء الجامعات من مجالس وأعضاء تدريس، ورؤساء وعمداء برفع درجة الحساسية لاكتشاف أي توتر قبل تحوّله إلى أزمة، وتحوّل الأزمة إلى مشكلة وظاهرة عامة!!
كان من المتوقع أن يتخذ المجلس التربوي قرارات بإدماج الطلبة في نشاطات تزيد من صحتهم النفسية وانتمائهم لجماعة مدنية "لجان، فرق، أندية". وليس أحزابًا؛ خوفًا عليهم من غضب!!! وكان من المتوقع أن تتّخذ قرارت بأنسَنَة الجامعات وثقافتها، وأنسَنَة أو"أخْلَقَة" الثقافة السلوكية، و"قَوْنَنة" حلول المشكلات!
أمتلك كل الشجاعة لأقول: هل في مجالس التعليم متخصّصون في فلسفة التربية؟ ثم أمتلك الشجاعة لأقول: المراقبة عبر التاريخ لم تُنْهِ أيّ سلوك أخلاقي! فالكاميرات استُخدمت لنشر سلوكات فضائحية!!
ملاحظة: لو كلّفنا عشرة مزارعين أو تجّار، أو من أي فئة، كانوا سيقولون: مزيدا من الكاميرات، وشدّدوا الرقابة!! فما الفرقُ إذن؟!!
مدار الساعة ـ نشر في 2022/07/06 الساعة 16:47