الافتاء توضح حكم الأضحية عن الميت والأكل منها
مدار الساعة -أصدرت دائرة الإفتاء العام، فتوى حول حكم الأضحية عن الميت والأكل منها، مشيرة الى أن الأضحية عن الميت بغير وصية منه من المسائل التي اختلف فيها العلماء، والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، وبه قال بعض الشافعية، أنها جائزة وإن لم يوص بها الميت، ويصل ثوابها إليه بإذن الله تعالى.
وتاليا نص الفتوى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، الأضحية عن الميت بغير وصية منه من المسائل التي اختلف فيها العلماء، والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، وبه قال بعض الشافعية، أنها جائزة وإن لم يوص بها الميت، ويصل ثوابها إليه بإذن الله تعالى.
فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِكبش لِيُضَحِّيَ بِهِ، فأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: (بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ). ومن المعلوم أن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هو ميت، وقد جعلها صلى الله عليه وسلم لكل أمته، فدل على جوازها عن الميت.
وقد تضافرت النصوص الشرعية الدالة على وصول ثواب الأعمال للأموات، ومن ذلك جواز الصوم عن الميت إذا مات وعليه صيام، وكذلك جواز الحج عنه، وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة؛ فإذا كان الصوم -وهو عبادة بدنية- والحج -وهو عبادة بدنية مالية- يصل ثوابهما إلى الميت؛ فوصول ثواب الأضحية عن الميت من باب أولى.
ثم إن العلماء أجمعوا على وصول ثواب الصدقات إلى الأموات، والأضحية من جملة الصدقات، ولا تخرج عنها؛ لهذا كله فإنا نرى جواز الأضحية عن الميت وإن لم يوص بها.
قال الكاساني رحمه الله: "وجه الاستحسان أن الموت لا يمنع التقرب عن الميت، بدليل أنه يجوز أن يتصدق عنه ويحج عنه، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لا يذبح من أمته، وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح، فدل أن الميت يجوز أن يتقرب عنه" انتهى من "بدائع الصنائع" (5/ 72).
ويقول ابن عابدين رحمه الله: "من ضحى عن الميت يصنع كما يصنع في أضحية نفسه من التصدق والأكل والأجر للميت والملك للذابح" "حاشية ابن عابدين" (6/ 326).
أما الحنابلة فقالوا: "التضحية عن ميت أفضل منها عن حي؛ لعجزه واحتياجه إلى الثواب، ويعمل بها كأضحية عن حي من أكل وصدقة وهدية". ينظر "مطالب أولي النهى" (2/ 472).
أما المالكية فقالوا بالجواز العام المشوب بالكراهة، كما جاء في "شرح مختصر خليل" للخرشي (3/ 42): "يكره للشخص أن يضحي عن الميت خوف الرياء والمباهاة ولعدم الوارد في ذلك، وهذا إذا لم يعدها الميت وإلا فللوارث إنفاذها".
وقد خالف في ذلك الشافعية في معتمد مذهبهم، يقول الإمام النووي رحمه الله: "أما التضحية عن الميت، فقد أطلق أبو الحسن العبادي جوازها؛ لأنها ضرب من الصدقة، والصدقة تصح عن الميت وتنفعه وتصل إليه بالإجماع.
وقال صاحب "العدة" والبغوي: لا تصح التضحية عن الميت إلا أن يوصي بها، وبه قطع الرافعي" "المجموع" (8/ 380). والله أعلم.