قانون جديد للاستثمار
حتى مع القانون الجديد المقترح للاستثمار لم يتم تفكيك تشابك وتعدد مرجعياته.
على سبيل المثال أبقى القانون المقترح على جهات التفتيش كما هي مع أن الأصل هو توحيدها في جهة واحدة تضم ممثلين عن كل الوزارات والهيئات المعنية بهذه المهام ومع عدد الوزارات والمؤسسات سيكون هناك ١٢ جهة تتولى مهام التفتيش على المنشآت الاستثمارية.
صحيح أن وزارة الاستثمار هي الوحيدة التي تضع حوافز تشجيع الاستثمار وسياساته لكنها ليست الوحيدة التي ستكون مرجعية المستثمر فهل سيتم مراجعة وشطب كل المواد الموجودة في أكثر من ٤٠ قانوناً آخر!.
ظلت الحكومات المتعاقبة حائرة في شأن قيادة ومرجعية ملف الاستثمار, وظلت الأقدار تتخاطفه فمرة وزارة ومرة بلا, وثالثة لا أسود ولا أبيض..
فعلاً محير أمر الحكومات فهي لم تستقر بعد على إجابة واحدة واستراتيجية.. أي شكل لإدارة ملف الاستثمار تريد؟
هناك توافق وقناعة بأن الأردن بحاجة للاستثمار وهو الطريق الوحيد لرفع معدل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.. لكنه ظل «كلام لا يفارق الحناجر» فهذه هي الأقوال لكن في الأفعال شيء آخر!
كان يجدر عدم التضحية بوزارة الاستثمار منذ البداية وكنا قد اضعنا وقتا طويلا في التيه وكنا قد اعتبرنا وجود وزارة خطوة تقدمية، الغرض منها منح الاستثمار أهمية وخصوصية وأكثر من ذلك جدية وتصميماً لتجاوز المعيقات وهي من صنع الوزارات المنافسة وأدوارها المتشابكة والمتقاطعة في معظم الأحيان.
وفي الاستثمار حدث ولا حرج فالوضع الراهن ليس مقبولاً ليس فقط لأنه طارد للاستثمار، بل لأنه عدو للاستثمار وللمستثمرين الأردنيين والعرب والأجانب وعندما أقول مستثمر فأنا أقصد صاحب البقالة الصغيرة والمول والمصنع الصغير والكبير على حد سواء فالمستثمر هو واحد كبيرا كان أم صغيراً.
هل من المعقول أن ٥٢ وزارة ومؤسسة تحشر أنفها في قرار الاستثمار، وهل من المقبول أن يدار الاستثمار بـ ٤٤ قانوناً وأكثر من ١٨٨٠ نظاماً وتعليمات.!
هل فك القانون الجديد المقترح ذلك كله؟.
مشاكل ومعيقات الاستثمار باتت معروفة لكن الحلول هي التي كانت غائبة وهذه الحكومة وضعت يدها على الجرح ولو قيض لها أن تعالجه فسيبرأ..!
ولطالما كانت المشكلة في التطبيق ما يجعل البلد غير جاذب للاستثمار والسبب ليس في القوانين بل في التكاليف والطاقة في مقدمتها ثم العمالة والأخيرة هي عقدة العقد..
ما يحتاج إليه الأردن هو نماذج ناجحة والمستثمر هو أهم مروج للاستثمار ومحفز له عندما يروي قصص نجاحه بدلاً من أن يعدد العراقيل والمآسي التي يتعرض لها من بعض الموظفين ممن يعتقدون أنهم عباقرة!
أخيراً، المشكلة ليست في القوانين، حتى أكثر القوانين عصرية لا تفيد إن وجدت موظفاً بارعاً في ابتكار العراقيل.
منذ أكثر من ستة عقود والحكومات تصدر قانوناً لتشجيع الاستثمار بعد آخر وكلها قوانين عصرية!
الأردن لن يخسر الكثير من الاستثمارات فيما إذا ألغى القانون واكتفى بتسهيل الإجراءات وتحسين المناخ العام.
qadmaniisam@yahoo.com