جولة للفريق الإعلامي لجائزة حمد للترجمة في زنجبار (صور)
مدار الساعة - قام الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي بزيارة رسمية إلى زنجبار للتعريف بالجائزة والتعرف على واقع الترجمة المتبادلة بين اللغتين السواحلية والعربية.
واشتملت الزيارة على فعاليات متنوعة من أبرزها لقاء تلفزيوني ضمن برنامج "صباح زنجبار" عرّفت فيه المستشارة الإعلامية للجائزة د.حنان الفياض بالجائزة وأهدافها وقيمتها المادية والمعنوية، وتولى الترجمةَ فيه أ.د.عيسى الحاج زيدي، الأستاذ في كلية التربية والمساهم في عدد من مشاريع الترجمة من العربية إلى السواحلية.
ونُظم لقاء إذاعي مع إذاعة "أخبار إف. أم" تبعه مؤتمر صحفي حضره عدد كبير من الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام التنزانية والزنجبارية، إذ قدمت الفياض حديثاً تعريفياً بالجائزة وأهدافها وقيمتها وشروطها واللغات التي دخلت الترشيح في دورة هذا العام (2022) ومجالاتها. كما أجابت عن أسئلة الصحفيين حول الجائزة ورؤيتها ورسالتها وأهدافها ومبررات إطلاقها.
وقدّر الصحفيون جهود دولة قطر وسمو الشيخ الوالد حمد بن خليفة لاستحداث هذه الجائزة القيّمة مادياً ومعنوياً، كما أعربوا عن تقديرهم لجهود الفريق الإعلامي الذي حرص على إطلاعهم على حيثيات الجائزة وشروطها وغايتها النبيلة في مد جسور التواصل بين شعوب العالم.
وفي إطار هذه الزيارة جرى تنظيم لقاء للفريق الإعلامي برفقة البروفيسور المترجم عيسى الزيدي في المركز العالمي للّغة السواحلية واللغات الأجنبية التابع لجامعة زنجبار، إذ استعرضت مديرة المركز وعميد كلية اللغة السواحلية واللغات الأجنبية دور المركز في الترجمة الفورية وفي ترجمة الكتب، وأوضحا أن المركز يهتم بست لغات أجنبية إلى جانب اللغة العربية، ويتم فيه تدريس اللغة السواحلية للمبتعثين من بلدانهم. وتطرق الحديث إلى تاريخ إنشاء المركز ومسيرته والدرجات العلمية التي يمنحها. وعبّرت المديرة والعميد عن أملهما في تحصيل دعم مادي لاستكمال إجراءات فتح برنامج الماجستير في اللغة العربية في جامعة زنجبار بعد أن تمت الموافقات الرسمية على إنشائه.
بدورها، قدمت الفياض تعريفاً بأهداف الجائزة وأهميتها وشروطها ومجالاتها، آملةً أن تشكل زيارات الفريق الإعلامي للجائزة حافزاً ومشجعاً للمترجمين ليتقدموا بأعمالهم للجائزة مستفيدين من كون اللغة السواحلية إحدى اللغات الخمس عن فئة الإنجاز ضمن الموسم الثامن.
على صعيد متصل، عُقدت في قاعة الندوات بكلية السياحة في جامعة زنجبار، ندوة علمية بعنوان "واقع وآفاق الترجمة بين اللغتين العربية والسواحلية" حضرها مدير الجامعة أ.د.محمد مقام وافتتحها بكلمة مؤثرة تحضّ الشباب الجامعي على الإفادة من المحفزات التي تقدمها الجائزة وشجعهم على المشاركة. وعبّر مقام عن سعادته لاختيار السواحلية ضمن لغات الجائزة لهذا الموسم، وأكد أهمية الدور الذي تلعبه الجائزة في تمتين أواصر العلاقات بين زنجبار والأمة العربية من جهة والعلاقة بين اللغتين العربية والسواحلية من جهة ثانية.
وبين مقام أن الوثائق والوقائع التاريخية تثبت قِدَم العلاقة بين زنجبار والأمة العربيةـ مشيراً إلى أن 70 بالمئة من مكونات اللغة السواحلية عربية أصيلة، وأن الزنجباريين يفخرون بهذه العلاقة وسعداء بوجود الجائزة التي عدّها مدير الجامعة فرصة للانطلاق إلى تمتين العلاقة بين اللغتين.
وحثّ مقام الأساتذة في الجامعة على جمع أعمالهم وتقديمها للمشاركة بصورة جماعية ومؤسسية في فئة الإنجاز التي تطرحها الجائزة، خاتماً حديثه بتأكيده أن جامعة زنجبار تهتم بتقوية المهارات اللغوية، ولديها كلية تعنى بهذا الجانب، هي كلية اللغة السواحلية واللغات الأجنبية.
من جهته، قال البروفيسور عيسى الحاج زيدي في ورقته عن تجربته الشخصية في الترجمة، إن زنجبار تعدّ مقراً للغات شرق إفريقيا واللغة السواحلية تحديداً، وتحدث عن العلاقة بين اللغتين العربية والسواحلية، مشيراً إلى أن علاقة الزنجباري باللغة العربية تبدأ منذ الولادة، إذ يسمع الأذان، ثم ينشأ في مدارس تحفيظ القرآن، ويتعلم العربية سماعاً وقراءة، لهذا فإن 96% من الزنجباريين يعرفون العربية، لكونهم مسلمين ويمارسون الطقوس الدينية، فضلاً عن أنهم يتعلمون العربية في المرحلة المدرسية العليا.
وأوضح زيدي أن حركة الترجمة من السواحلية إلى العربية ما تزال في بداياتها، وأن الكتب التي صدرت في هذا السياق محدودة جداً، ومنها العمل الأدبي "شدّ وجذب" الذي ترجمه شافي آدم شافي إلى العربية.
وعن تجربة تنزانيا والشرق الإفريقي في الترجمة، قال د.أبو بكر مقامي إن السواحلية هي اللغة الرسمية لعدد من دول إفريقيا مثل كينيا وأوغندا وتنزانيا، وأن 467 مليون نسمة في أنحاء العالم يتحدثون بها، وأشار إلى أبرز الجهود في عملية الترجمة من العربية إلى السواحلية، منها تجربة الشيخ عبد الله بن صالح الفارسي التي بدأت في عام 1942، إذ قرأ الفارسي كتب السلف وترجمها إلى السواحلية إلى جانب ترجمته لمعاني القرآن الكريم، وتاريخ الشافعي، وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب الفقه والسنة.
وتوقف مقامي عند تجربة الشيخ علي محسن البرواني في ترجمة معاني القرآن الكريم والعديد من الكتب الدينية نقلاً عن الإنجليزية وليس العربية، وأشار إلى المؤسسات التي تعنى بالترجمة في زنجبار ومنها جامعة زنجبار التي ترجمت آلاف الوثائق حتى الآن، وكذلك مركز العون المباشر، الذي يعدّ أغنى مركز في مجال الترجمة، إذ تولى ترجمة الكثير من الكتب العربية إلى السواحلية.
أما د.عبد الله حاذر، عضو مجلس العلماء الزنجباري، فتحدث عن مجالات الترجمة في اللغة السواحلية، مؤكداً أن اللغة أساس الحياة ووعاء الفكر، وأن قيمتها تتجلى في التواصل الإنساني. وأوضح أن نشوء السواحلية كان مرهوناً باختلاط الشعوب العربية بالإفريقية، وأن اللغتين شقيقتان وُلدتا من أم واحدة، مشيراً إلى صعوبة فهم الدين من دون ترجمة الكتب الدينية من العربية إلى السواحلية، ومثمناً حضور فريق الجائزة إلى زنجبار لتحفزهم على نقل العمل الفكري السواحلي إلى العالم من خلال الجائزة.
وعن المعوقات التي تواجه المترجم، تحدث د.سالم خميس محمد، الأستاذ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية في موروغورو بتنزانيا، إذ أشار إلى أن المترجم الجيد يُفترض ألّا تواجهه صعوبات أو تحديات، فمسألة الترجمة تقوم على أركان عدة، منها النص واللغة والمترجم والأدوات، فإذا وُجد مترجم متمكن لن تعود هناك صعوبات، وعندما يُفتقَد المترجم المتمكن من اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها فلن تكون هناك ترجمة حسنة.
وأشار د.سالم إلى أن ترجمة الأدب أكثر صعوبة من ترجمة العلوم، فضلاً عن أن هناك صعوبة ملحوظة تواجه المترجمين تتمثل في شحّ المعاجم بين اللغتين، ما يجعل عملية الترجمة شاقة وتتطلب مجهوداً كبيراً.
ودار حوار حول جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الإنساني وشروطها وفئاتها، مبينين أهمية أن تكون للجائزة مكاتب خارج دولة قطر لتظل محركاً ومحفزاً للمترجمين خدمةً لمشروع ترجمة الفكر الإنساني. واختُتمت الندوة بتثمين دور الجائزة وتقدير جهودها في خدمة الفكر الإنساني ومدّ جسور التواصل بين شعوب العالم.
وضمن فعاليات الزيارة، التقى الوفد الإعلامي للجائزة القائمين على مركز العون المباشر، واطلعوا على جهوده في ترجمة الكتب الدينية التي يصل عددها إلى 21 كتاباً، منها "في مبادئ الإسلام" و"الأئمة الأربعة"، مثمنين دوره في خدمة الترجمة بين العربية والسواحلية. ويشار إلى أن المركز يتبع جمعية العون المباشر ("لجنة مسلمي إفريقيا" سابقاً) التي أسسها الشيخ د.عبدالرحمن حمود السميط في عام 1981 كمؤسسة تطوعية غير حكومية مهتمة بالتنمية في الأماكن الأكثر احتياجاً في إفريقيا، وهي تقوم بأعمالها بأسلوب علمي رافعة شعار "التعليم حق مشروع لكل طفل في إفريقيا".
كما زار الوفد جامعة د.عبد الرحمن السميط الخاصة، وقاموا بجولة في قسم اللغات، ثم جرى لقاء مع مدير الجامعة البروفيسور مسافري مشيوا، وعميد كلية العلوم الإنسانية، وعميد الدراسات العليا، ورئيس قسم اللغة العربية، إذ قدمت د.حنان الفياض تعريفاً بالجائزة ومراميها.
وتحدث البروفيسور يونس عبدلي موسى، مدير مركز البحوث والدراسات العليا بالجامعة وعضو اتحاد علماء إفريقيا عن حركة الترجمة في كينيا إلى العربية ومنها، وأشار إلى شيوع الجانب الفلسفي على الأعمال الفائزة بجائزة الشيخ حمد.
وأوضحت الفياض في سياق ردها على الأسئلة المتصلة بالجائزة، أن الجائزة لا يمكنها أن تتبنى عملاً معيناً وتجعله مجالاً للتنافس في الترجمة، فهي تترك المجال لإبداع المترجم ولذائقته في اختيار العمل. ولفتت إلى أن الجائزة تنظم نشاطاً سنوياً يتمثل في "مؤتمر الترجمة وإشكالية المثاقفة" بهدف بناء علاقات استباقية مع المترجمين ومناقشة واقع الترجمة والاطلاع على طبيعتها في الدول المختلفة. وفي حديثها عن المعايير التي يمكن أن تتبح للسواحلية الارتقاء للفئة الأولى من فئات الجائزة، قالت الفياض إن المعيار هو حركة الترجمة ورصيدها ومستواها الفني في مدار الخمس سنوات الأخيرة.