وَضَعَ اللهُ سِرَّهُ فِيْ اَدَقِ خَلْقِهِ مِنْ عَنَاصِرِ اَلْكَوْنِ
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أصغر ذرة عنصر من عناصر المواد التي خلقها وهي ذرة الخردل (يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردلِ فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله، إن الله لطيف، خبير (لقمان: 16)). كما ذكر الله أن هناك مكونات للذرة داخلها أصغر بكثير منها حيث قال (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس: 61، سبأ: 3)). لقد تدبر علماء الغرب القرآن الكريم بشكل دقيق، وبالخصوص هذه الآيات مما جعلهم يكتشفون ذرات العناصر ومكوناتها، فوضع العالم الكيميائي الإنجليزي جون دالتون نوذجه "نموذج دالتون" للذرة، وتبعه في البحث العالم الإنجليزي مايكل فارادي ووضع "نموذج فارادي" للذره. وتوصل العالم الإنجليزي جوزيف طومسون في العام 1896 إلى حقيقة أن الجسيمات المكونة لأشعة الكاثود أصغر بكثير من الذرة وسمّاها إلكترونات ذو شحنة سالبة. وفي الفترة ما بين 1902-1906 توصل طومسون إلى أن ذرة اي عنصر عبارة عن كرة مصمته من الشحنات الموجبة تتخللها إلكترونات سالبة (كما تتخلل البذور ثمرة البرتقال) والذرة متعادلة كهربائياً. وبعد ذلك وضع العالم النيوزلاندي أب الفيزياء النووية إرنست رذر فورد نوذجه للذرة ونشره في العام 1911، وفي عام 1913 اقترح الفيزيائي الدانماركي نيلز بور نموذجًا للذرة اعتمد فيه على فروض نموذج رذرفورد. وبعد ذلك توصل العلماء التابعين للجنة الطاقة الذرية الأمريكية النموذج الذري الجديد وقالوا أن الذرة تتكون من نواة تحتوي على شحنة موجبة – بروتونات، تتركز فيها معظم الكتلة، ومحاطة بإلكترونات سالبة الشحنة تتحرك بسرعة كبيرة ولها خواص الموجات وموجودة في فراغ حول النواة يسمى المجالات الإلكترونية.
في عام 1926م وضع العالم النمساوي ارفين شرودنجر معادلته الموجية التي تحمل اسمه، وعندما تم تطبيق المعادلة على ذرة الهيدروجين تبين أن حركة الإلكترونات حول النواة تشبه السحابة. واستبدل شرودنجر مفهوم المدار الإلكتروني بالأوربيتال ليتم وضع نموذج أكثر موضوعية للتركيب الإلكتروني للذرة. كان العالم الإيطالي إنريكو فيرمي أول من قام بتصويب النيوترونات على اليورانيوم عام 1934 ولكنه لم ينجح في تفسير النتائج. وقام العالم الكيميائي الألماني أوتو هان وزميلته الألمانية ليز مايتنر وزميلهما الألماني شتراسمان بدراسة وتحليل تلك الأبحاث وبتحليل المواد الناتجة عن التفاعلات، وتوصل كل من ليز مايتنر وكارل فريتش في مطلع عام 1939 إلى أنه تم عن طريق إنشطار ذرة اليورانيوم فقدان من كتلة اليورانيوم وتولد من ذلك الإنشطار الباريوم والكريبتون، وتلك الطاقة بالغة للغاية تقدر بنحو 200 MeV، وبعد ذلك سافرا إلى أمريكا وإجتمعا مع العالم الألماني البرت أينشتاين وأخبراه بنتيجة أبحاثهما. ولما عرف أينشتاين وزميله العالم المجري ليو زيلارد نتائج مايتنر وفريتش بالإضافة إلي نتائج المجموعة الفرنسية عن النيوترونات المصاحبة للانشطار. قام كل من أينشتاين وزيلارد بتوجيه خطابا إلى الرئيس الأمريكي آنذاك روزفيلت وتحذيره من أن هناك إحتمالا كبيرا ان يطور ويصنع الألمان القنبلة الذرية ويسبقوا أمريكا ويستخدموها في الحرب العالمية الثانية ويكسبوا الحرب. فاعد وهيأ روزفيلت لهما المراكز البحثية التي يحتاجونها وإستطاع العلماء الأمريكان تطوير القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية وإتت؛ ستخدموها ضد اليابان وكانت سبباً في إنتصارهم وتحكمهم في العالم حتى وقتنا الحاضر. وبعد ذلك بدأت الدول في العالم تتسارع في تطوير الأسلحة النووية والنيتروجينية والهيدروجينية والهيدرومغناطيسية . . . إلخ. بإختصار شديد وَضَعَ اللهُ سِرَّهُ فِيْ اَدَقِ خَلْقِهِ مِنْ عَنَاصِرِ اَلْكَوْنِ وهي الذرة ومكوناتها الصغيرة. وهذا أكبر دليل على أن كل شيء في الكون يتكونه من ذرات عناصر مختلفة وكما قال رب العزة والجلالة في كتابه العزيز (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا، أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ۚفَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (الإسراء: 50 و 51)).