أفضل وزراء مالية وأسوأ مالية!
لم يسجل في تاريخ وزارة المالية أن الرواتب تأخرت لكن بلا شك كان هناك معاناة ولطالما تدفقت شائعات تقول إن المالية عاجزة عن تدبير الرواتب قبل أن تنزل في مواعيدها لتبدد الشائعات.
لا يعرف كثير من الناس معاناة وزير المالية أي وزير مالية عند استحقاق الرواتب لكن تدبيرها في كل مرة يتم على اكمل وجه.
غريب أن يكون لدينا أفضل وزراء مالية ونعاني مع ذلك من أسوأ الاوضاع المالية المتمثلة في اتساع عجز الموازنة عاماً بعد آخر، وتفاقم المديونية لدرجة تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي، لكن في الجهة الاخرى ربما تكون هذه المعاناة هي من تصنع وزراء مالية اكفاء.
ظروف الأردن الصعبة هي التي تؤدي لأن تصبح مهمة وزير المالية تلطيف المصاعب وليس وقفها..!.
وقد ظل السؤال هل وزراء المالية مسؤولين عن مالية الدولة، وتدبير المال أم أنهم مجرد جهات تنفذ قرارات وسياسات وتوجهات مفروضة عليهم من جهات محلية وخارجية مثل صندوق النقد.
مثلا وزير المالية الحالي الدكتور محمد العسعس اخذ على عاتقه تحدي تدبير المال من دون فرض ضرائب جديدة في مواجهة صندوق النقد وهو يعتقد انه لا بد وان يجيء اليوم الذي يتم فيه تخفيض ضريبة المبيعات والتخلص من كل الضرائب في المباشرة وهي مهلكة للاقتصاد ولجيوب الناس.
جهات تطالب وزير المالية: بزيادة الإنفاق وجهات تطالبه بشد الاحزمة ووزراء لا يريدون التنازل عن نفقات تخص وزاراتهم او تخصهم كاشخاص.
وفي الجهة الاخرى تتشابك المطالب بقدر تشابك المصالح فهناك من يريد مزيدا من خفض أسعار الكهرباء، وهو مطلب صحيح وهناك من يطالب بالإعفاءات، وتخفيض أسعار المحروقات، وعلى وزير المالية ان يلبي هذه المطالب.
هذا كله ممكن لو ان الوزير ليس لديه نفقات مقررة تزيد عن الإيرادات المتوقعة باكثر من مليار دينار عجز ومثلهم لخدمة الدين العام ولديه مؤسسات وهيئات حكومية تزيد نفقاتها عن إيراداتها بمليار دينار آخر، العجز الفعلي ليس كما هو مبين في الموازنة بل هو يتجاوز ثلاثة مليارات من الدنانير، والجميع لا يريد تكرار ازمة عام ٨٩.
هل الموازنة مسؤولة عن إنعاش الاقتصاد الأردني وحفز النمو وهل يمكن ان يتم ذلك من دون المزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي.
ليس مطلوبا من وزير المالية ان يظفر بتصفيق الجميع، ومهمته ليست ارضاء طلاب الشعبية، فالمال غير موجود وعليه تدبيره وعليه ان يتدخل جراحيا في نفقات الوزارت والمؤسسات بلا استثناء وإذا فعل فسوف يتحمل مسؤولية الكارثة التي تأتي بها مثل هذه التصرفات.
حتى الآن إمكانية الاقتراض ورادة، ولكن الأرجح أنها ستلاقي بعد الان بعض الصعوبات التي تبدأ برفع سعر الفائدة، وتنتهي بالتردد في تقديم التسهيلات للحكومة التي يعرف الجميع أنها لن تستطيع تسديدها إلا من قروض جديدة أكبر منها وقد لا تكون متوفرة.
هناك من يطال الحكومة طبع النقود ولو على حساب المزيد من التضخم، ولكن مئات الملايين من الدناينر كسندات خزينة هي وجه اخر لطبع النقود!!.
الاردن ليس دولة نفطية وهو لن يكون والحديث عن مفاجآت لا تتعلق باكتشاف النفط بل بتكنولوجيا جديدة قادرة على تحديد مواقع الغاز بمعنى ان علينا ان نتصرف بواقعية.
qadmaniisam@yahoo.com