هل قرّرت 'حماس'.. 'تجاوز' منظمة التحرير, وإقامة 'جبهة بديلة'؟ (2 ــ 2)
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/22 الساعة 00:09
بعد تلويحه اللجوء الى تشكيل «إطار» بديل يوازي/ويتجاوز منظمة التحرير, إذا تعثّرت مساعي «الوحدة الفلسطينية» بعد استبعاده إصلاح المنظمة, كممر إجباري لإنهاء الإنقسام الذي واظبت حركة حماس ربط إنهائه بهذا الشرط, إضافة الى اشتراطات أخرى بالطبع, ركّز رئيس المكتب السياسي لحركة حماس/إسماعيل هنية, أمام مؤتمر «السيادة الفلسطينية, المتغيرات الإستراتيجية والمسارات المستقبلية", الذي عقدته جامعة الأمة في غزة على «أربعة مُتغيرات", دعا فيه الاستراتيجيين وصنّاع القرار دون أن يُسمّيهم.
المتغيرات الأربعة التي طرحها هنية اتّسمت بالعمومية, أكثر مما شكّلت فرصة لإعادة قراءة الأسباب التي أدّت إلى المأزق الفلسطيني الراهن، خصوصاً تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية عربياً/وإقليمياً/ودولياً، رغم جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني, وتَواصلِ مُخططات الضمّ الزاحف لما تبقى من أراض فلسطينية, مع موجة عاتية من الاستيطان/والتهويد وإصرار اركان الائتلاف الفاشي في إسرائيل, الذي إنهار مؤخراً, وبدء التحضير لانتخابات خامسة, قد تسهم في تغيير «الوجوه» مُتصدرة المشهد الإسرائيلي السياسي/والحزبي. لكن جوهر المشروع الصهيوني/العنصري الإحلالي سيتواصل, بل ستزداد وتيرة الهجمة الاستيطانية/التهويدية ضراوة, مع ارتفاع منسوب التوقعات بعودة نتنياهو/الليكود والأحزاب الحريدية/والصهيونية الدينية, مترافقاً مع غياب الشخصيات ورموز حزبية، سواء باعتزال السياسة (كما لوّح نفتالي بينيت) أم خصوصاً بعدم اجتياز نسبة الحسم 3.25% اللازمة للبقاء في المشهد البرلماني, وإلّا الخروج لصحراء العزلة السياسية.
في دعوته الاستراتيجيين/وصناع القرار لفت هنية, أنظار هؤلاء إلى المتغير «الأول» على الصعيد الفلسطيني, الذي تمثّل في نتائج معركة/سيف القدس, معتبراً إياها نقلة نوعية وتحوّلاً استراتيجياً في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، وهو إن بدا بالفعل مُبالِغاً في تقييمه لتلك النتائج خاصة في إطار توحيد الأرض والشعب، إلّا أنّه بإصراره على عدم استخلاص دروس هذه المعركة, التي وإن كانت أسهمت في وحدة جبهات المواجهة الفلسطينية مع المحتل الصهيوني على مساحة فلسطين التاريخية, خصوصاً هبة فلسطينيي الداخل/48 التي أذهلت منظومة السلطة الصهيونية السياسية/والحزبية/والعسكرية والاستخبارية، ما أعاد الأمور إلى السنوات التي سبقت قيام الكيان وفرض الحكم العسكري على فلسطينيي الداخل حتى عام/1966.
فضلاً عن إشارة هنية أنّ القضية الفلسطينية استعادت مكانتها الاعتبارية على صعيد الأمة والاهتمام العالمي, وهو أمر بات في حاجة إلى قراءة مُعمقة, بعيداً عن العواصف والخطابات التعبوية, في ظل موجة التطبيع العربي، وتنصّل الإدارة الأميركية مع الوعود «الكلامية» التي بذلتها, تجاه ما يوصَف «حلّ الدولتين» واقتصارها على تقديم المساعدات المالية وتحسين شروط معيشة الفلسطينيين. ثم يخرج السيد هنية سريعاً من المتغير الأول الذي استنتج فيه أنّ القدس والمسجد الأقصى عادا من جديد يُشكلان محور الصراع مع العدو، متحدثاً عن الانكفاء الأميركي (كمُتغير ثانٍ) على المنطقة، معتبراً أنّ الانسحاب الأميركي من أفغانستان أبرز إشارات هذا الانكفاء, ولافتاً إلى أنّ القوة الأميركية المهيمنة على العالم, «لا شك» كما قال مستطرداً «لم تعد بهذه القدرة على بسط نفوذها العسكري/والأمني/والسياسي على مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا العربية والإسلامية. وهي قراءة وإن كانت تلحظ انكفاءً أميركياً «نِسبياً»، إلّا أنّ القول إنّ واشنطن غير قادرة على بسط نفوذها العسكري/والسياسي على المنطقة العربية والإسلامية فيه تسرّع, ومحاولة لتجاوز حقيقة ما يحدث وما قيد الحدوث في المنطقة العربية, وانخراطها المحمول على حماسة في مشروعات صهيوأميركية ستكون صادمة وأكثر خطورة, حال انكشاف تفاصيلها والأطراف اللامتورطة فيها.
ثم لا يلبث هنية الوقوع في حال التناقض عند إشارته إلى المتغير «الرابع", عندما يقول:"إنّ منطقتنا العربية والإسلامية تموج بالتناقضات, ما بين التطبيع ومحاولات الاختراق الإسرائيلي وبشكل بدا ان الموضوع –كما وصفه- تخطى قضية التطبيع إلى إدماج الكيان في المنطقة وإعادة تشكيلها, (رغم أنّه قال عكس ذلك في المتغير «الثاني", الذي رأى فيه عجزاً وانعدام قدرة أميركية على بسط نفوذها السياسي/والعسكري/والأمني على المنطقة العربية والإسلامية. مُتجاهلاً مَن الذي يقود عملية إدماج إسرائيل في المنطقة وإعادة تشكيلها؟.
ماذا عن المتغير الثالث؟
ربما تكون إشارة هنية إلى الحرب الأوكرانية, واعتباره أنّ الحرب هذه هي بين روسيا وبين الغرب بقيادة الولايات المتحدة، هي القراءة «المُوفقة» الوحيدة للمتغيرات الأربعة التي عدّدها، خاصة قوله إنّنا سنكون أمام عالم متعدد الأقطاب, وستنتهي حقبة القطب الواحد لأن عالم بعد هذه الحرب لن يكون ذاته قبلها.
ماذا سيكون حال القضية الفلسطينية إذا ما وعندما، تمضي حماس قدماً في إقامة «جبهة وطنية» على أنقاض أو توازياً مع منظمة التحرير الفلسطينية؟.هذا سؤال مطلوب الإجابة عليه قبل الغرق في التنظير والتسرّع في الإستنتاجات.
kharroub@jpf.com.jo
المتغيرات الأربعة التي طرحها هنية اتّسمت بالعمومية, أكثر مما شكّلت فرصة لإعادة قراءة الأسباب التي أدّت إلى المأزق الفلسطيني الراهن، خصوصاً تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية عربياً/وإقليمياً/ودولياً، رغم جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني, وتَواصلِ مُخططات الضمّ الزاحف لما تبقى من أراض فلسطينية, مع موجة عاتية من الاستيطان/والتهويد وإصرار اركان الائتلاف الفاشي في إسرائيل, الذي إنهار مؤخراً, وبدء التحضير لانتخابات خامسة, قد تسهم في تغيير «الوجوه» مُتصدرة المشهد الإسرائيلي السياسي/والحزبي. لكن جوهر المشروع الصهيوني/العنصري الإحلالي سيتواصل, بل ستزداد وتيرة الهجمة الاستيطانية/التهويدية ضراوة, مع ارتفاع منسوب التوقعات بعودة نتنياهو/الليكود والأحزاب الحريدية/والصهيونية الدينية, مترافقاً مع غياب الشخصيات ورموز حزبية، سواء باعتزال السياسة (كما لوّح نفتالي بينيت) أم خصوصاً بعدم اجتياز نسبة الحسم 3.25% اللازمة للبقاء في المشهد البرلماني, وإلّا الخروج لصحراء العزلة السياسية.
في دعوته الاستراتيجيين/وصناع القرار لفت هنية, أنظار هؤلاء إلى المتغير «الأول» على الصعيد الفلسطيني, الذي تمثّل في نتائج معركة/سيف القدس, معتبراً إياها نقلة نوعية وتحوّلاً استراتيجياً في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، وهو إن بدا بالفعل مُبالِغاً في تقييمه لتلك النتائج خاصة في إطار توحيد الأرض والشعب، إلّا أنّه بإصراره على عدم استخلاص دروس هذه المعركة, التي وإن كانت أسهمت في وحدة جبهات المواجهة الفلسطينية مع المحتل الصهيوني على مساحة فلسطين التاريخية, خصوصاً هبة فلسطينيي الداخل/48 التي أذهلت منظومة السلطة الصهيونية السياسية/والحزبية/والعسكرية والاستخبارية، ما أعاد الأمور إلى السنوات التي سبقت قيام الكيان وفرض الحكم العسكري على فلسطينيي الداخل حتى عام/1966.
فضلاً عن إشارة هنية أنّ القضية الفلسطينية استعادت مكانتها الاعتبارية على صعيد الأمة والاهتمام العالمي, وهو أمر بات في حاجة إلى قراءة مُعمقة, بعيداً عن العواصف والخطابات التعبوية, في ظل موجة التطبيع العربي، وتنصّل الإدارة الأميركية مع الوعود «الكلامية» التي بذلتها, تجاه ما يوصَف «حلّ الدولتين» واقتصارها على تقديم المساعدات المالية وتحسين شروط معيشة الفلسطينيين. ثم يخرج السيد هنية سريعاً من المتغير الأول الذي استنتج فيه أنّ القدس والمسجد الأقصى عادا من جديد يُشكلان محور الصراع مع العدو، متحدثاً عن الانكفاء الأميركي (كمُتغير ثانٍ) على المنطقة، معتبراً أنّ الانسحاب الأميركي من أفغانستان أبرز إشارات هذا الانكفاء, ولافتاً إلى أنّ القوة الأميركية المهيمنة على العالم, «لا شك» كما قال مستطرداً «لم تعد بهذه القدرة على بسط نفوذها العسكري/والأمني/والسياسي على مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا العربية والإسلامية. وهي قراءة وإن كانت تلحظ انكفاءً أميركياً «نِسبياً»، إلّا أنّ القول إنّ واشنطن غير قادرة على بسط نفوذها العسكري/والسياسي على المنطقة العربية والإسلامية فيه تسرّع, ومحاولة لتجاوز حقيقة ما يحدث وما قيد الحدوث في المنطقة العربية, وانخراطها المحمول على حماسة في مشروعات صهيوأميركية ستكون صادمة وأكثر خطورة, حال انكشاف تفاصيلها والأطراف اللامتورطة فيها.
ثم لا يلبث هنية الوقوع في حال التناقض عند إشارته إلى المتغير «الرابع", عندما يقول:"إنّ منطقتنا العربية والإسلامية تموج بالتناقضات, ما بين التطبيع ومحاولات الاختراق الإسرائيلي وبشكل بدا ان الموضوع –كما وصفه- تخطى قضية التطبيع إلى إدماج الكيان في المنطقة وإعادة تشكيلها, (رغم أنّه قال عكس ذلك في المتغير «الثاني", الذي رأى فيه عجزاً وانعدام قدرة أميركية على بسط نفوذها السياسي/والعسكري/والأمني على المنطقة العربية والإسلامية. مُتجاهلاً مَن الذي يقود عملية إدماج إسرائيل في المنطقة وإعادة تشكيلها؟.
ماذا عن المتغير الثالث؟
ربما تكون إشارة هنية إلى الحرب الأوكرانية, واعتباره أنّ الحرب هذه هي بين روسيا وبين الغرب بقيادة الولايات المتحدة، هي القراءة «المُوفقة» الوحيدة للمتغيرات الأربعة التي عدّدها، خاصة قوله إنّنا سنكون أمام عالم متعدد الأقطاب, وستنتهي حقبة القطب الواحد لأن عالم بعد هذه الحرب لن يكون ذاته قبلها.
ماذا سيكون حال القضية الفلسطينية إذا ما وعندما، تمضي حماس قدماً في إقامة «جبهة وطنية» على أنقاض أو توازياً مع منظمة التحرير الفلسطينية؟.هذا سؤال مطلوب الإجابة عليه قبل الغرق في التنظير والتسرّع في الإستنتاجات.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/22 الساعة 00:09