عام مضى 'تحديث المنظومة السياسية'..وما زالت الماكينة تهدر
الاستخلاص الأهم الذي خلصت إليه بعد عام مضى على تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، هو أن الملك عبدالله الثاني بتحديده الأطر العامة والأهداف للِجنة إنما كان يؤسس لحقبة سياسية أردنية جديدة يكون فيها البرلمان حكومة ظل سياسية تتشكّل وفق الرؤية التي دائماً ما طالب بها الأردنيون.
في 15 حزيران عام 2021 كتبت منشورًا على صفحتي على الفيسبوك عن لقاء الملك وولي العهد مع رئيس وأعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية آنذاك، هذا التاريخ كان منارةً مهمة تضع بين أيدينا المأمول من مخرجات اللجنة بعد أن باتت الحزمة التشريعية تحت القبة وعلى رأسها قانونيّ انتخاب وأحزاب جديدين.
مضت الأيام وانتهينا من عملنا وخرجت اللجنة بمخرجاتها وبدأ العمل، وبصفتي عضواً في اللجنة استمعت الى التوجيهات والرؤية الملكية، وأقول اليوم ما زال الاحتفال بما قدمته اللجنة مبكراً، فنحن لم نخرج بعد من مرحلة العمل، والعبء أيضاً ما زال موصولاً على مؤسسات المجتمع المدني بأسره لحين بدء مرحلة تاريخية جديدة، وتوفير بيئة مناسبة وأرضية تستقبل هذه النبتة.
نحن لا نتحدث عن مخرجات منبثقة عن البيئة العامة والقطاعات الأخرى، فبعد تسطير التحديث السياسي كان العمل على تحديث المسار الاقتصادي ليتواءم الشقين السياسي والاقتصادي، فيما القادم هو مزيد من الانسجام بإضافة مزيد من القطاعات لتنسجم مع بعضها بعضاً، مع إدراكنا التام أن الشق السياسي هو البوابة لتوفير إصلاح اقتصادي، ثم إيجاد مجلس نواب قوي قادر على مراقبة ومحاسبة الحكومة، وصياغة تشريعات تتلاءم مع الملف الاقتصادي.
أما بالنسبة إلى الشق السياسي، فإن المرحلة المقبلة بعد أن تمكنّا من توفير البيئة المناسبة، فيجب أن نعمل على تحسين استنبات الثمار المطلوبة، وذلك لتمكين هذه المنظومة التشريعية كاملة، وفي الحقيقة نعلم بأن كل هذا قد تم العمل على إخراجه لحيز الوجود، فبموازاة عمل اللجنة الملكية قدمت لجنة الشباب في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ورقة سياسيات مهمتها إيجاد بيئة مناسبة وحاضنة لمشاركة الشباب في العمل السياسي والعمل العام، كما تم الاجابة عن كل التساؤلات التي تم طرحها، كما تم وضع أسئلة ورسائل للمؤسسات الرسمية المعنية بالشباب، والمطلوب اليوم هو إشاعة المخرجات المستخلصة في البيئة الأردنية بصورة عامة من المناهج إلى الدراما الأردنية.
لا شك أن المرحلة المقبلة تتطلب تشاركية بين الجميع لتمكين كل ما تم تقديمه وليكون مسار قادم أكثر قوة وصلابة .
على الصعيد الشخصي، كانت التجربة مثمرة للغاية، وأرجو أنني قد كنت فيها عند حسن ظن الملك الذي منحني هذه الإرادة الملكية، وشرف العمل وتقديم الحوارات والاستخلاصات بعد لقاءات الناس في مختلف محافظات المملكة، وهي تجربة مميزة تشرفت بوجودي فيها، لكن ما هو مهم أننا اليوم في انتظار المرحلة الأهم، وهي الانتخابات النيابية القادمة للوقوف على مخرجات القانون الجديد، وما سيقدم من عمل جماعي داخل قبة البرلمان، وائتلافات تعمل بشكل منظم في برلمان يلبي طموحات الناس، حتى يتحول بعدها إلى حكومة ظل بمعارضة ضمن أُسس مدروسة، وإنّ غد لناظره قريب تحت ظل قيادة هاشمية حكيمة تؤمن بأن التحديث والتطوير للمنظومة بكافة أركانها لا يكون إلا بمشاركة الجميع.