البطاينة يكتب: هل ستنجح منظومة التحديث السياسي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/12 الساعة 14:43
لاحظنا حجم الإهتمام الإعلامي والشعبي الكبير خلال العام الماضي الذي رافق تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ومتابعة أعمالها واجتماعاتها، ونتائج عملها الذي توصلت إليه، والتوصيات التي خرجت بها وتقدمت بها إلى جلالة الملك وتتضمن مشاريع القوانين الجديدة الناظمة للحقوق السياسية، والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما، والتي اقرت جميعها من قبل مجلس الأمة، وتوشحت بالإرادة الملكية السامية وصدورها بالجريدة الرسمية، وأصبحت قيد التطبيق والتنفيذ، ولاقت رواجا شعبيا واعلاميا، ما بين مؤيد ومعارض لبعض بنود هذه التشريعات وبالأخص قانون الإنتخاب، وما تضمن من التوسع في تخصيص كوتات للأحزاب السياسية والمرأة والشباب، وطغت هذه المخرجات على الشاشات الإعلامية، وبدأت ما يسمى بالنخب السياسية بالتحرك السريع لتشكيل الأحزاب السياسية، تمهيدا للدخول في معترك الإنتخابات النيابية القادمة التي تفصلنا عنها بعض الأشهر القليلة بعد أن تنهي الأحزاب فترة تصويب اوضاعها التي تمتد إلى حوالي عام وفق قانون الأحزاب السياسية الجديد، على أمل أن تتمكن هذه الأحزاب من تشكيل قوائم وطنية لخوض الإنتخابات النيابية بهدف الظفر بأكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس النواب لتشكل غالبية أعضاء المجلس النيابي ومن ثم تشكيل الحكومة بالتكتل والإئتلاف مع الأحزاب السياسية الأخرى، لكن لوحظ مؤخرا تراجع الإهتمام بمنظومة التحديث السياسي لصالح منظومة التحديث الاقتصادي الذي طغى على الساحة الإعلامية، وسيطرة الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار العديد من السلع والمنتجات الغذائية وفي مقدمتها أسعار المحروقات، وفي الطريق وبعد أيام ستصدر منظومة تحديث الإدارة العامة والقطاع العام، وستتشابك المواضيع والقضايا مع بعضها، وستتوه الحكومة بين هذه المنظومات الثلاث، وستحتار في أي منظومة سيكون لها الأولوية في المتابعة والإهتمام والتنفيذ، ويصبح الحمل ثقيل على الحكومة، وهذا سيضعف أداؤها، وسيشرد ذهن المواطن بين التحديثات الثلاث السياسية والاقتصادية والإدارية التي صدرت وستصدر، وليس لها أي انعكاس إيجابي مباشر على دخل ومعيشة المواطن وعلى مواجهة الفقر والبطالة والحد من هذا المرض الاجتماعي الخطير، لأن هذه المنظومات ستبقى مجرد منظومات ورقية غير قابلة للتنفيذ والنجاح الذي خطط لها، وسيكون مصيرها مثل سابقاتها من الخطط والبرامج والسيناريوهات التي أعدتها الحكومات السابقة، في الخزائن والأدراج والأرشيف، لأن كل حكومة قادمة تنسف خطط ورؤى ما سبقها من حكومات، والمثل الشعبي يقول من حمل حجرا كبيرا لا يضرب، ولا يمكن حمل بطيختين في يد واحده، فما بالك في ثلاث بطيخات، تحديث المنظومات السياسية والاقتصادية والإدارية يتطلب بالتوازي تحديث القيادات الإدارية والسياسية والاقتصادية المنفذة لهذه المنظومات لأن الثوب البالي لا ينفعه الترقيع، وفاقد الشيء لا يعطيه، ومنح سيارة حديثة لسائق لا يتقن القيادة مصيرها الهلاك والإتلاف، فنقول للحكومة حبة حبة يا علام، حتى نحقق النجاح المنشود، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/12 الساعة 14:43