ما سرّ الصمّت السورّي على العدّوان الإسرائيلي؟

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/12 الساعة 01:30

في الوقت الذي بثت قناة «روسيا اليوم» صباح الخميس مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد وتحدث فيها بطلاقة عن جملة من القضايا المتعلقة بالشأن السوري وعلاقاته مع الدول العربية وما ينظر له من الزاوية المنفرجة، استيقظ الدمشقيون على عدوان صارخ استهدف مطار دمشق للمرة الثانية خلال إسبوع، ولكن هذه المرة كانت الخسائر فادحة، إذ خرج المطار عن الخدمة، وتظهر صور الأقمار الصناعية حجم الضرر الذي لحق بمدرجات الهبوط والإقلاع والصالة الثانية في المطار التي تدعي إسرائيل أنها ممرات للعناصر الإيرانية ومهابط عسكرية للطائرات الإيرانية، وهذا الأمر خارج عن كل القوانين الدولية تحت صمت العالم.

الرئيس الأسد في رده على سؤال لمذيعة القناة الروسية عن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المطار في وقت سابق، علق الأسد على ذلك بالقول:"إن تلك الاعتداءات تأتي لدفع سوريا لتقديم تنازلات، وهنا يبدو أنه يقصد قضية الجولان والسلام مع تل أبيب، مضيفا الأسد أن تدخل إسرئيل في العدوان يأتي في مرحلة انهيار منظمة الإرهابيين في سوريا، موضحا أن ما أسماهم الإرهابيين هم بالنسبة له جيش إسرائيلي بهوية سورية أو بهويات أخرى، واليوم عندما تراجعت قوة الإرهاب بدأت إسرائيل في التدخل من خلال عمليات القصف لإعادة رفع معنويات تلك الجماعات وإعادة تحريكهم، وما تقوم به إسرائيل يأتي في هذا الإطار لا إطار آخر !!»

جيش الاحتلال من جهته أعلن عن تدمير ستة مواقع على أرض مطار دمشق، ثلاثة على مدارج الطيران المدني وثلاثة على مدرج الطيران العسكري، متهما الصالة الثانية في المطار أنها نقطة عبور العسكريين الإيرانيين، فيما ذكر المرصد السوري المعارض في لندن أن القصف الإسرائيلي دمر جزءاً كبيرا من البنية التحتية للمطار، واستهدف أيضا مستودعات أسلحة وذخائر لحزب الله وللقوات الإيرانية، وأن برج المراقبة في المطار تضرر هو الآخر.

هذا العدوان الصهيوني ليس الأول ولن يكون الأخير، ورغم بيان التنديد الوحيد الذي صدر عن موسكو تجاه إسرائيل، فإن القوات الإسرائيلية لن تتوقف مستقبلا عن عملياتها ضد الأرض السورية التي يتم رصدها بدقة من أعالي السماء وعلى الأرض بمساعدة خونة وعملاء، وهذا ما سيجعل اقتراب الحل في سوريا وإعادة الحياة الطبيعية لها بعيدا، وفي النهاية الخاسر الأكبر هو الشعب السوري الشقيق الذي عانى خلال عقد وأكثر من ويلات الحرب وفقد فيها ملايين الأفراد واحتلال داخلي وخارجي تمثله دول وجماعات إرهابية لا تزال تسيطر على مناطق شرق شمال سوريا وتسرق النفط السوري منذ عشر سنوات، فيما العقوبات التي يمثلها قانون قيصر جعلت الوضع في سوريا حرجاً، ولو وقعت العقوبات على بلد آخر لانهار اقتصادهم منذ زمن بعيد.

السؤال الذي يملأ الفم عجباً، أليس لدمشق الحق في الرد بالمثل على العدوان الإسرئيلي؟، فخلال عشر سنين مضت كان القتال دائرا ما بين القوات المسلحة السورية كتفا على كتف مع القوات الروسية حتى خبت نار القتال واستعادت مناطق واسعة من أرض الدولة، وقد تشي زيارة الاسد لكل من الإمارات العربية ولإيران وقبلها لروسيا، بأن هناك ما يشبه توافقاً دولياً على بقائه كأفضل الموجود من وجهة نظرهم، وهذا ليس بفضل دول الغرب بالطبع، ومع ذلك لا حيلة في يد الأشقاء السوريين سوى الرد المتواضع على الصواريخ بعيدة المدى التي تنهال عليهم.

في المقابل نرى من جانبنا في الأردن الصمت الرسمي لدمشق على قوات مُعسكرّة ومليشيات إرهابية من حزب الله وغيرها تهدد الحدود الأردنية التي احتضنت وحدها أكثر من مليون ونصف شقيق سوري لا زال غالبيتهم يعيشون معنا كإخوة لا يرون فينا ناقما ولا كارها، بل إن لهم صدر البيت، ومع ذلك تشكل الجماعات المسلحة في المنطقة الجنوبية لدمشق معاقل لإرهابيين مسكوت عنهم، وهم يتُركون بكل حرية لنقل الأسلحة والمخدرات ويهاجمون قواتنا التي حفظت الهدوء عبر أطول حدود مشتركة مع الجارة السورية، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

عندما تصمت القوة السورية عن العدوان الإسرائيلي المتكرر وتركن الى خفض الرأس لتمرير كل ما يجري، لا نرى فيه أي مبرر سوى أنها تخشى من شيء أكبر قد لا نعلمه، فحزب الله ساكن تماما هو الآخر، والجبهة السورية صامتة، حتى غزة لم تعد ترسل صواريخها، وكأن هناك اتفاقا دوليا على مرحلة جديدة تتسيد فيها إسرائيل المحتلة للشرق الأوسط الجديد، أم أن هناك سرّا لا أحد يعرفه، فنحن مع أمن واستقرار سوريا وعودتها كما كانت قوية ومحمية.

Royal430@hotmail.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/12 الساعة 01:30