السواعير يكتب: كلمة خجولة بين أيدي الكرام..
الزميلات الفُضليات والزملاء الأفاضل في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين،،
لا أجد ما أعبّر به عن شكري العميق وشعوري بأنّ في الدنيا خيرًا، وأنّ الصوت حين يُدلي به صاحبه عن قناعة وإيمان، فإنّه سيكون له طعمٌ مختلفٌ وتقديرٌ موفّقٌ ورؤيةٌ حكيمة، فواللهِ إنّ كلّ صوتٍ كنت أترنّم عليه وهو يلقيه رئيس اللجنة على منصّة الفرز في انتخابات الاتحاد، كان يُلحُّ علي بأنّ مسؤوليةً جسيمةً من وراء ذلك، وأنّ الأمر ليس بتعداد الأصوات أو التسابق في حصدها أو عدد مرّات الفوز في الاتحاد كفعل تراكمي للرئاسة أو للهيئة الإداريّة أو للجنة العضوية، بل إنّ المسألة هي: كيف يمكن أن تصل الكفاءات والإبداعات والأصوات الثقافية إلى منصّة الاتحاد؟!، وكيف تتعزز لدى عضو الاتحاد الثقة بأن تكون الأشياء في الاتحاد مألوفةً له، فلا يكون غريباً عنها؟!، وكيف يجيء بكلّ الثقة ليقدّم محاضرته أو يعتمد على الاتحاد كمظلة نقابيّة تشدّ من عزمه وتقوّيه وتمنحه العزم على الاستمرار خارج بناء الاتحاد: في وزارة الثقافة، وأمانة عمان، وفي كلّ الحواضن الثقافية التي تدعم الفعل الثقافي وتؤطّره وتشدّ من أزره؟!..
والمسألة ببساطة، أيّتها الزميلات وأيّها الزملاء: كيف يكون عضو الهيئة الإداريّة مُنكراً لذاته لأجل زملائه؟!، وكيف يمنع نفسه أن تعتاد الجلوس على المنصّة أو تفرح بالأضواء أو تزدهر بالإطراءات أو المديح؟!، وكيف يمكن أن يروّض عضو الهيئة الإدارية طموحه في أن يتسلق على أكتاف ناخبيه؛ فيدير لهم ظهرة بمجرّد أن يتيقّن من أنّ اسمه هو في قائمة الناجحين؟!
كلّ هذا حصل، ويحصل، وسيحصل، ما دمنا نؤمن بالفزعة ونفرح بأن نصوّت للكتلة دون مفاضلة، وإنّي لأسألُ: منذ متى كانت القائمة في هذه الكتلة أو تلك مناسبةً تمامًا لمقاس الأعضاء: إبداعيًا وإنسانيًّا وفكريًّا ورؤى وطموحات؟!!
شُلّتْ قدمي أيّها الأعزاء على قلبي والعزيزات أيضًا، أن أسابقكم لأفرح بمنصّة أو أتهافت على التقاط صورة أو أطفئ شموعكم لأستضيء بها،..ولقد أخذتُ على نفسي عهدًا أن يكون حضوري في أقلّ القليل وما تتطلّبه الحالة من تعريفٍ بالأعضاء وتسويقٍ لهم،.. فلستُ راغبًا في أن أكون أمينًا عامًّا للاتحاد أو رئيسًا أو مديرًا ماليًّا،..اليوم وغدًا وفي كلّ حين،.. وإنّما أن أظلّ زاهيًا في عيونكم محترمًا لديكم وعونًا لكم ومنافحًا عن حقوقكم، وفي الساعة التي أشعر أنّ الراية لديّ قد تهاوت أو أنّ الرمح الذي أطعن به الظلام قد انكسر، ساعتها سأكاشفكم مكاشفة الأخ لأخوته والابن لأهله والصديق الوفيّ لأصدقائه.
والأمر في اعتقادي ليس سهلًا على التحقيق: فهناك آفاق وأمور إجرائيّة ومنصّة ليست مُلكًا لأحد أو جماعة، وأسوأ شيءٍ، وقد جرّبتُ الظلمَ في قلّة الحيلة لدى زملاء وزميلات لم يُتح لهم ولهنّ المجال في أن يظهروا أو يظهرن أو يفكّروا بمباراة الآخرين أو موازاتهم في هذا المضمار الواسع الفسيح الذي يحتمل الجميع!
وصدّقوني إنّ كلّ صوتٍ كان يدغدغ مشاعر الآخرين كان بالنسبة لي جمرةً تلسعني وأمانة كنت أُحاذر أن أحملها؛ إذ لم تحملها السموات والأرض وأشفقن منها، وتعرّضت لحملها أنا العبد الفقير الضعيف الذي يدخل إلى ساحة الهيجاء وليس معه غير سلاح الإيمان بالله وصدق المسعى والمنطلق، وفي باله قول الشاعر العربيّ الذي قال فأوجز ذات نصيحة:
أخاك أخاك إنّ من لا أخًا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ!
أيّتها الزميلات، أيّها الزملاء،،
نشاطاتكم وإصداراتكم ومطبوعاتكم ومؤتمراتكم التي تشاركون فيها أو التي تنظّمونها، هي دينٌ في رقبتي لكي أشهرها عبر الصحافة، فهي مهنتي الأساسية وحرفتي التي سرتُ عليها منذ زمن، وعبر ما يتوفّر من مواقع رصينة تحمل الخبر الصادق ولا تتقصّد تعطيل الإنجازات أو اللعب على الفضائح،... أمّا الأكاديميّون والأكاديميّات من أعضاء الاتحاد فلهم ولهنّ مكانة في قلبي وعقلي، فهم المتعبون الذين يجب أن يكون لضوابطهم النقدية ورؤاهم الفكرية دورٌ أوسع من مجرّد الحضور والاستمتاع.
لا يقتصر الأمر على منصّة الاتحاد، فأنتم تعلمون أنّ (في الأرض منأى للكريم عن الأذى)- إن أحسّ عضوٌ أو عضوة في الاتحاد أنه لا يستطيع أو تستطيع التواصل والانسجام، فهناك منابر كثيرة، والمهمّ في ذلك أن تتوفّر الهمّة والعزيمة والرؤية والقناعة بالاستمرار والنجاح.
أيّتها الزميلات الفضليات، أيّها الزملاء الكرام،،
لنا قلوبٌ نفقه بها، وفي قلوبنا عجائز مُجرّبة في اليقين ومعرفة الطريق والرؤية، أمّا دور الاتحاد في قضايا وطنه وأمّته وثوابته فهو أمرٌ أصيلٌ يحمله كلّ كاتبٍ يعرف دوره المنوط به، كما أنّ الكاتب دائمًا هو حصانٌ صاهلٌ يجب أن تظلّ له صَهْلَتُهُ وجموحه في ميدان الفكر والرأي والتعبير عن ضمير الوطن والناس.
دامت ثقتكم، وبورك شعوركم النبيل، وصدّقوني: لا أحب أن أدخل موسوعة (غينيس) في عدّ الأصوات، وإنّما أرجو من الله أن يعينني على ما ألزمتُ به نفسي وأقسمتُ عليه بيني وبين ربّي وأنا أستشرف القادم وأفرح بحملة المشاعل التنويرية من زميلاتي وزملائي في دياجير ماحقة ظلّت على ظلمتها منذ زمنٍ طويل.
اللهمَّ أعنّي على ذلك، وقدّرني على الوفاء والاستمرار ومواصلة الطريق،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إبراهيم السواعير
ليل السبت 11 حزيران 2022