مملكة فلسطين الهاشمية.. ما قصة التهديد في حال رفض الاردن ونخبه هذا الحل فإن البلد سيدفع ثمناً باهظاً
أيها الفلسطينيون عليكم التنازل عن حقوقكم..
في مقال منشور على موقع العربية بعنوان مملكة فلسطين الهاشمية وما يخيف هو أن هكذا مقال قد لا يكون مجرد وجهة نظر للكاتب وإنما قد يكون توجها يراد منه ان يفتح باب النقاش لقياس ردود فعل الرأي العام العربي والفلسطيني حيث يطالعنا الكاتب بما يسميه قراءة واقعية لحل مشكلة الفلسطينيين كما وصفها.
يقول الكاتب: ان اسرائيل حقيقة واقعة يجب الاعتراف بها وهذا الامر حصل فعلاً من خلال اتفاقيات السلام التي وقعت ما بين بعض العرب والإسرائيليين لكن ما يريده الكاتب أبعد من ذلك بكثير إذ يريد من الشعب الفلسطيني ان يكون واقعيا ويتخلى عن ما وصفه بالدعم العاطفي المفرط الذي تلقاه الفلسطينيون والذي اعمى عيونهم عن التعامل الواقعي عن قضيتهم كلاجئين إذ كان عليهم من البداية ان يتقبلوا التوطين في الدول التي هاجروا إليها والتخلي عن حقهم بالعودة، مستندا في ذلك إلى تعريفه الخاص للهوية من وجهة نظر نفعية بحتة.
الكاتب يقر بان حقهم بالعودة لن يتم بأي يوم من الأيام بسبب قوة اسرائيل وعدم وجود اي امكانية للانتصار عليها وهو يصر على أنه على الفلسطينيين أن يمتلكوا هوية قانونية ومواطنة تحظى بالاحترام عالميا ولكن ليست هي الهوية الفلسطينية.
وينتقل الكاتب بعد هذا التعريف للحديث عن الاردن وانه دولة تجيد ادارة شؤونها رغم ما يعانيه من فشل اقتصادي بسبب الاحداث في محيطه ،الأمر الذي يجعله معتمدا بشكل كلي على المساعدات الخارجية ولحل هذه المعضلة لابد من الدمج بين الفلسطينيين والأردنيين في دولة واحدة تحت مسمى دولة فلسطين الهاشمية والتي تضم قطاع غزه والضفة الغربية.
أما القدس فتبقى في إطار مشروع للمساومة للحصول على مكاسب أكبر من إسرائيل لكنه لم يضع أي تحفظ للتنازل عنها وهو يقترح إجراء استفتاء شعبي لجميع الفلسطينين مفترضا موافقتهم المسبقة.
واعتبر الكاتب هذا الخيار يحظى بشعبية فلسطينية واسعة وهو يفترض ان من يعارض هذه الصيغة هم الأقلية وسيلجؤون إلى وسائل إرهابية تستخدم العنف وسيلة لها.
وفِي معرض حديثه يقرر انه لن تحصل فجوات عنيفة وتناقض بين الفلسطينيين والاردنيين كون كلا الطرفين من السنة، لكنه يقر بأن النخب الشرق اردنية والتي قال إنها تتسم بقصر نظر يدفعها لمعارضة هذا الخيار ويعود مجددا لطرح الخيارات البديلة لإلزام هذه النخب بقبول الأمر الواقع.
فالاردن المعتمد على المساعدات الدولية والخليجية فإن تلك الدول ستقطع تمويلها عن الأردن مما يؤدي إلى انهياره الاقتصادي الأمر الذي سيترك البلد في حالة من الفوضى التي ستسهل تنفيذ أي مخطط وهو يقترح بعد توسع المملكة الهاشمية أن يتم سحب الاعتراف من منظمة التحرير الفلسطينية وهو يبدو كالواثق بأن الأمور سوف الأمور سوف تستقر بهذا الكيان المقترح كما حصل بين شرق وغرب ألمانيا وتعداد المملكة الجديدة والذي سيصل إلى ٢٠ مليون نسمة سيجعلها دولة قوية تتمتع بعلاقات قوية مع دول الجوار .
ويعود من جديد للحديث عن احتمال الفشل لهذه الخطة بأن إسرائيل ستفرضها عنوة من خلال ما يسمى(الترانسفير) وهو التطهير العرقي بما لا يقل عن سبعة ملايين فلسطيني إلى الأردن وهو يتنبأ بحالة الفشل أيضا بحرب إقليمية مع إيران بإعتبار ذلك الحل الوحيد بالنسبة لإسرائيل للتخلص من مأزق الديموغرافيا وهو الأمر الذي سيدمر الدولة الاردنية كما نعرفها اليوم.
هذا خلاصة ما جاء في المقال المنشور في موقع قناة العربية السعودي وهو الأمر الذي يجعل السؤال ملحاً حول طبيعة هذا المقال وهل يأتي ضمن تسلسل الغاية منه جسر الهوة النفسية لدى الفلسطينيين والأردنيين من خلال طرح القضية الفلسطينية من منظور مختلف عما تعود الطرفان سماعه والتعامل معه، فوجهة النظر هذه تعود كلا الطرفين على سماعها من اليمين الاسرائيلي وحتى من أطراف معتدلة إذا جاز لنا قول ذلك فإسرائيل مستمرة في رفض فكرة عودة اللاجئين الفلسطينيين منذ اتفاقية أوسلو وحتى الآن والخيار الاردني مطروح اسرائيلياً منذ نشأة دولة الاحتلال وضم أجزاء من الضفة وقطاع غزة للمملكة الاردنية هي فكرة متأصلة في ذهنية اليمين الإسرائيلي لكن الخطير في الأمر هو طرحها من خلال منصة عربية معروف انها تعبر عن رؤية دولة عربية بذاتها فهل هذه رؤيتها لمستقبل الصراع العربي الفلسطيني
الكاتب يستخدم في محاججته قضايا معقدة تتعلق بحاجة الأردن للمساعدات من الدول العربية والغربية كي يستمر اقتصاده ولا ينهار وبالتالي تنهار البلد.
وهنا هو يلوح ويهدد انه في حال رفض الاردن ونخبه قصيرة النظر هذا الحل فإن البلد سيدفع ثمناً باهظاً لسببين الاول ان هذه الدول المانحة ستمتنع عن مساعدة الاقتصاد الأردني الذي يعتبر معتقلاً لها الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار وانهيار البلد وبالتالي يسهل ذلك تمرير أي حل والثاني هو أن إسرائيل تقوم عنوةً بتهجير الملايين إلى الأردن ومصر مما سيضع الأردن أمام خيارات البقاء كدولة.
هذا المزج بين الترغيب والترهيب والمراوحة بين( إما او ) يطرح السؤال المهم هل نحن امام مخطط يهدف الى فرض معادلة جديدة في المنطقة تستخدم فيها الضائقة الاقتصادية كوسيلة لفرض حلول للمأزق الإسرائيلي الديمغرافي والذي بات يشكل قنبلة موقوتة تهدد بنسف الاساسات التي قام عليها هذا الكيان دولة لليهود واليهود فقط اما السكان الأصليين فعليهم البحث عن مكان آخر وهوية اخرى انما خارج أرض فلسطين التاريخية.
طبعاً هذه المقاربة لا تلحظ ابداً ان الشعوب لم تتنازل ابداً عن حقوقها تحت اي مسمى فلا الامريكان تنازلوا للبريطانيين عن حقهم ولا البرازيليين او دول امريكيا الجنوبية ولم يفعل ذلك الجزائريون ولا الدول الافريقية ولم يفعلها اي شعب اوروبي حينما احتل نابليون مجمل القارة لم يفعلها احد.
وكذلك لن يرضى بها أي من الفلسطينيين بأن يتخلوا عن حق اقرته كل الشرائع والقوانين الاممية وكذلك الاردنيون والذين في جزء مهم منهم من اصول فلسطينية لن يقبلوا ابداً تحت اي ذريعة بالتنازل عن حقهم بالحفاظ على دولتهم في صيغتها الحالية فكلا الشعبين تلقوا في الماضي وسيتلقون في المستقبل طعنات لا حصر لها في سبيل تخلي كل منهما عن وطنه لكنهما لم يفعلا ولن يفعلا مهما كانت الذرائع والتهديدات فليس بوارد اي من الشعبين تقديم اي خدمة لدولة الاحتلال بعد ما يقارب القرن من الألم والمعاناة.
اما التهديد بأن الاقتصاد سينهار وبالتالي الدولة، فإن الخيارات الصفرية لا تلغي هذا الاحتمال فالاردن مرّ مسيرته بمحن كثيرة هددت وجوده ككيان ومع ذلك صمد وبقي وسيبقى بعكس تصور اي احد اما اذا ما انهار لا سمح الله فإن ذلك سيكون بمثابة انطلاق شرارة ستؤدي الى انهيار النظام الاقليمي برمته بالتالي فإن فكرة التهديد بالمساعدات وقطعها لن يطال تأثيرها الاردن بل سيتجاوز تأثيرها حدود الاقليم ابتدأً من دولة الاحتلال ويتعداها الى دول الاقليم كافة فهذه الدولة الصغيرة هي قاعدة الارتكاز الاساسية للأمن في المنطقة برمتها ومحاولة التقليل من هذا الدور يفتقر الى الحصافة السياسية والرؤية بعيدة النظر ، فالنخب الأردنية حينما ترفض أي خيار لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن لا تعتبر قصيرة النظر بل تتمتع ببعد نظر عميق يؤسس لاستمرار الاستقرار في الإقليم ليس كما يدعي الكاتب، في النهاية لقد أفشل الشعب الاردني والفلسطيني محاولات عديدة لحل المأزق الإسرائيلي على حسابهما وهما الآن سينجحان متحدين بإفشال هكذا مخطط.