العرب وأزمة أوكرانيا

عبد الرزاق الدليمي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/10 الساعة 22:24

على غرار المواقف العربية من كثير من القضايا الدولية، جاءت ردود الافعال متباينة بشكل واضح على الخلاف الروسي الأوكراني، البعض من الحكومات أيدت الغزو الروسي وحاولت تبريره، مثل سوريا، واخرين انحازوا بأستيحاء الى الموقف الغربي المندد بالحرب على أوكرانيا مع اعتماد خطاب إعلامي متوازن. وقسم اخر فضلت الظهور التزام الحياد في الصراع.

في الخليج العربي، وبالرغم من ارتباط الدول الست الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي بشراكة قوية بالولايات المتحدة والدول الغربية عموما، تبنت تلك الدول موقفين مختلفين بشكل واضح من الأزمة. موقف التزم الحياد تجاه الصراع، وموقف انحاز الى الموقف الغربي وإن على خجل.

مواقف جديدة غير مألوفة

مع وصول طلائع القوات الروسية الغازية الى الحدود الأوكرانية اتصل البيت الأبيض بالرياض ضاغطا وطالبا بزيادة إنتاج النفط للحيلولة دون ارتفاع أسعار النفط الخام نتيجة الغزو الروسي. غير أن السعودية أبلغت حليفها الأمريكي بعجزها عن تلبية الطلب لأنها ملتزمة باتفاق أوبك + لعام 2020 مع روسيا القاضي بخفض الإنتاج والحد من انهيار الأسعار ،أما الإمارات فذهبت الى أبعد من ذلك وامتنعت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التصويت على مشروع قرار رعته واشنطن يدين تصرف روسيا ويطالب بانسحابها

يتطلع حلفاء الولايات المتحدة التقليديون في الخليج والشرق الأوسط عمومًا إلى الحفاظ على علاقات جيدة في مجال الطاقة والعلاقات الجيوسياسية مع روسيا. على سبيل المثال لاحظنا موقف الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت في أوائل هذا العام عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،ففي عشية اجتماع مجلس الأمن الدولي المخصص للأزمة الأوكرانية ، اتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين بنظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد للتأكيد على أهمية بناء استجابة دولية قوية لدعم السيادة الأوكرانية من خلال الأمن الدولي ومع ذلك عندما حان موعد التصويت على القرار 2623 ،27 فبراير 2022 تجاهلت الإمارات نداءات واشنطن وانحازت إلى الصين والهند ، لذلك امتنعت عن التصويت ، تعبيراً عن موقف الإمارات من القرار.

تكتيك عربي مناسب

كان موقف عديد من الدول العربية ،هو أن التمركز يمكن أن يؤدي إلى عنف أكبر وأنه في حالة الأزمة الأوكرانية ، فإن أولوياتهم هي تشجيع الأطراف المتحاربة الى الحلول الدبلوماسية والتفاوض على حل سياسي من شأنه أن ينهي الأزمة.

العرب يطمحون إلى أن يكون لهم دور سياسي أكبر على الساحتين الإقليمية والدولية ، والحفاظ على العلاقات الأمنية والاقتصادية والعسكرية المهمة مع واشنطن ، وكذلك روابطها المتنامية مع روسيا والصين، وهذا يلزمهم على إقامة توازن صعب في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا،بينما أدان العالم بسرعة الموقف الروسي ، على سبيل المثال لا الحصر التزمت السعودية والبحرين وسلطنة عمان بالحياد في الغالب بشأن هذه القضية ، في حين امتنعت الكويت وقطر عن توجيه انتقادات مباشرة لموسكو. بصفتها أصحاب المصلحة الرئيسيين في أسواق الطاقة ، تقيم كثير من الدول العربية ومنها مجلس التعاون الخليجي علاقات وثيقة مع روسيا في مجال الطاقة، علاوة على ذلك ، تقود الرياض وموسكو منذ سنوات تحالف أوبك بلس ، حيث يتحكمان بشكل مشترك في حصص الإنتاج من أجل تحقيق استقرار السوق والأسعار.

المصالح تحكم المواقف

في 28 فبراير 2022 ، بعد يوم واحد من التصويت ، دعمت روسيا الإمارات في مجلس الأمن الدولي بشأن اعتماد القرار 2624 ، بمد حظر الأسلحة ليشمل حركة الحوثيين المتمركزة في اليمن، وهذا يعني وجود صلة مباشرة بين الدعم الروسي للقرار 2624 وقرار الإمارات العربية المتحدة بالامتناع عن التصويت في اليوم السابق عندما صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار بشأن أوكرانيا، علما انه سبق لروسيا في كانون الثاني (يناير) 2021 ، انها دعمت صراحة جماعة الحوثي في اليمن ، وهي في حالة حرب مع السعودية والإمارات ، وصرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حينها في الرياض(العاشر من اذار 2021 )أن "تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية من شأنه استبعادها من الحل السياسي في اليمن ، ووصف هذه الخطوة بأنها محاولة لإفشال العملية السياسية في اليمن،واضاف ان رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب الأمريكية ليس شيكا على بياض والأولوية لوقف القتال.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/10 الساعة 22:24